قالت أغلبية قراء "إيلاف" إن ورشة المنامة لم تحدث أي تغيير ملموس في مسار حل الصراع بين الفلسطينيين وإسرائيل، فقد انعقدت وانقضت، وكأنها لم تكن، ما يحتم الحكم عليها بالفشل.

إيلاف من بيروت: عقدت ورشة المنامة لتسويق الخطة الموسومة "السلام من أجل الازدهار"، والتي تقوم على إطلاق طاقات الاقتصاد الفلسطيني، وتمكين الشعب الفلسطيني، وتعزيز الحوكمة فلسطينيًا، وتهدف إلى جمع أكثر من 50 مليار دولار خلال السنوات العشر المقبلة لتمويل مشروعات مؤداها تغيير الضفة الغربية وقطاع غزة جذريًا، وإحداث نحو مليون فرصة عمل لفلسطينيي الضفة والقطاع، وخفض البطالة إلى ما دون 10 في المئة ونسبة الفقر بنسبة 50 في المئة. كما تتبنى الخطة مقاربة إقليمية تقوم على التعاون والتكامل والاندماج الاقتصادي بين المناطق الفلسطينية المحتلة في الضفة الغربية وقطاع غزة وإسرائيل والأردن ولبنان ومصر.

فماذا حققت "ورشة المنامة" في عملية السلام المرجوة بين الفلسطينيين وإسرائيل؟ سألت "إيلاف" قراءها هذا السؤال، وخيرتهم بين ثلاثة خيارات: إحرازها التقدم، أو تسببها بالتراجع، أم عجزها عن تسجيل أي تحول ملموس.

شارك في التصويت في هذا الاستفتاء 525 قارئًا، رأى منهم 315 قارئًا (بنسبة 60 في المئة) أنها لم تسجل تحولًا ملموسًا، وقال 141 قارئًا (بنسبة 27 في المئة) إنها حققت تراجعًا، فيما وجد 69 قارئًا (بنسبة 13 في المئة) أنها حققت تقدمًا.

الـ"لا شيء" يعني الفشل

لم تسجل ورشة المنامة أي تقدم ملموس في مسيرة حل الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، وربما اختار أغلبية قراء "إيلاف" هذا الخيار لأنهم رأوا فيه رديفًا للفشل، لكن مع بعض الأمل، خلافًا لمن اختار القول إن الورشة فشلت... فالفشل اليوم، أيًا كانت المبادرة الفاشلة وبغض النظر عن الطرف المستفيد منها، يؤدي إلى ارتفاع منسوب التوتر، ما دام الأمل في التوصل إلى حل، أي حل، يبدو معدومًا.

بالتالي، يبدو أن ورشة المنامة كأنها لم تكن، لأن دول العالم والدول العربية والقيادات الفلسطينية ما أخذت الخطة بجدية لأكثر من سبب، في مقدمها سعي عراب "صفقة القرن"، أي جاريد كوشنير، صهر الرئيس الأميركي دوتالد ترمب ووكيله في مسألة تفكيك الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، إلى صرف النظر عن قضايا هذا الصراع المختلف عليها إلى الافتصاد، خصوصًا اليوم بعد فشل بنيامين نتنياهو في تشكيل ائتلاف حكومي، وحل الكنيست، ودعوته إلى انتخابات جديدة في سبتمبر 2019. إلا أن المراقبيهن يلفتون إلى أن هذا الأمر هو هدف الخطة في الأصل، من منطلق أن الحل الأمثل هو تسليم الفلسطينيين ومن ورائهم العرب جميعًا، من لم يسلم منهم في الأقل، بالـ "ستاتوسكو" الإسرائيلي، والاكتفاء بتعزيز النمو الاقتصادي للفلسطينيين، فيقبل باتخلي عن حقوقه السياسية في أرضه.

إلى جانب ذلك، يرد المراقبون هذا الفشل إلى تغييب ورشة المنامة حل الدولتين القائم على مبادرة بيروت العربية للسلام في عام 2002. خصوصًا ان الإدارة الأميركية الحالية لا ترغب في تسويق حل الدولتين، بحجة أن المبادرة العربية المذكورة لم تؤد إلى أي تغيير ملموس في الوضع القائم.

نجاح أو شبه نجاح

في المقابل، ثمة من يرى أن "الورشة" نجحت. فكوشنير مثلًا قال إنها نجحت قبل أن تبدأ، على الرغم من محاولات عرقلتها ومقاطعتها، رادًا غياب الفلسطينيين عنها إلى عدم معرفتهم بتفاصيل خطة السلام الأميركية. ثم أكد أن من الفلسطينيين من قال إن الخطة جيدة ويجب أن تستمر، من دون أن يعرّف بالطرف الفلسطيني الذي ينقل عنه هذا الكلام، علمًا أن السلطة الفلسطينية والفصائل الفلسطينية كلها تجاهر في رفضها خطة السلام الأميركية.

إلى ذلك، قال كوشنير إن خطة السلام الأميركية ليست "صفقة القرن" فحسب، "لكنها في الحقيقة فرصة القرن".

لكن، ثمة رأي أكثر تطورًا في هذا السياق. فقد رأى مركز أتلانتيك كاونسيل الأميركي للدراسات أن ورشة المنامة محتوم فشلها، إلا أن هذا الفشل سيحوله ترمب إلى نجاح، وذلك في تحليل نشره المركز على موقعه الإلكتروني.

وقال المركز إن فشل الورشة سيسمح لكوشنير وزملائه أن يزعموا أنهم بذلوا قصارى جهدهم لحل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، وسيسمح لهم بلوم الآخرين وتحميلهم مسؤولية الفشل بدعوى عدم التعاون، وسيجدون في ذلك حجة تبرر تأجيلهم القضايا السياسية الكبرى حتى نهاية العام الحالي على الأقل لحين إمكانية إعادة الانتخابات الإسرائيلية العامة وتشكيل الحكومة، ما يجعل الجميع يعتقد أن ثمة نية أميركية حقيقية للتوصل إلى اتفاق حول القضايا السياسية الأساسية في هذا الصراع، ويتيح الوقت لإثبات وقائع جديدة على الأرض من مستوطنات وضم أراضي لتعزيز المصالح الإسرائيلية، وهذا في ذاته نجاح بحسب صقور إدارة ترمب.