النائبة إلهان عمر(يسار) وألكساندريا أوكاسيو كورتيز (وسط)، ثم رشيدة طليب
Reuters

أثارت دعوة الرئيس دونالد ترامب لأربع عضوات بالكونغرس بالعودة لبلادهن التي أتوا منها، عاصفة في الدوائر السياسية في واشنطن. لكن كيف يرى الناس خارج العاصمة ذلك الأمر؟

لقد قسمت تغريدات الرئيس الناس إلى معسكرين، أحدهما محبّ والآخر كاره له.

وفي منطقة ليسبورغ في ولاية فرجينيا، يقف المعسكران متسلحين بنفس الدرجة من الحماس لوجهتي نظرهما.

سوزي مورشتاين، تاجرة تحف، تقول إنها فزعت لدى رؤية تغريداته. "إنها تخطت كل الحدود. إنها تخرج أسوأ ما فينا".

وتحدثت مورشتاين عن الرئيس وتغريداته بينما كانت تقف في زقاق وسط ليسبورغ، الواقعة على مسافة 40 ميلا من واشنطن.

تقول مورشتاين: "لدينا أعراق متنوعة في البلاد ونحاول التعايش، لكنه يبدو مصرا على إثارة العداوات".

سوزي مورشتاين، تاجرة تحف، تعبر عن قلقها بشأن تغريدات الرئيس
BBC

تقول مورشتاين إنها صوتت لصالح المرشحة الديمقراطية، هيلاري كلينتون، في انتخابات 2016 الرئاسية - ولم يكن ذلك تأييدا لكلينتون بقدر ما كان معارضة لترامب.

وترى مورشتاين تعليقات الرئيس حول المشرعات الديمقراطيات وتصريحاته العامة وكلماته التي تصفها بالعنصرية، تراها جميعا باعثة على الضيق الشديد "إنها مفزعة للغاية".

وتقول مورشتاين إنها تشعر أحيانا وكأنها في قلب كابوس.

واحتدم الجدل يوم الأحد بكتابة ترامب على وسائل التواصل الاجتماعي قائلا إن المشرّعات اللائي ينتقدن الولايات المتحدة يجدر بهن "العودة إلى الأماكن المنهارة والموبوءة بالجريمة التي قدموا منها والمساعدة في إصلاح أمورها، ثم الرجوع إلينا وإخبارنا كيف سارت الأمور".

وكان كلامه موجها لأربع من عضوات الكونغرس - إلهان عمر نائبة مينيسوتا؛ وألكساندريا أوكاسيو-كورتيز نائبة كوينز في نيويورك؛ ورشيدة طليب نائبة ميشيغان؛ وأيانا بريسلي نائبة ماساتشوتس- وجميعهن لسن من ذوي البشرة البيضاء.

وكانت القيادة في الحزب الديمقراطي عنيفة في إدانتها. وانتقدت زعيمة الديمقراطيين في مجلس النواب نانسي بيلوسي، تغريدات الرئيس ترامب قائلة إنه في شعاره "عودة أمريكا عظيمة مرة أخرى" إنما قصد "عودة أمريكا بيضاء مرة أخرى".

"لا أعتقد أنه قصد العنصرية" تقول بام غرايمز، الواقفة إلى جوار داو غرايمز في ليسبورغ
BBC

هذه القضايا ماثلة أيضا حيث تقيم مورشتاين في ليسبورغ التابعة لمقاطعة لودون في ولاية فرجينيا، التي دعمت العديد من المرشحين الجمهوريين للرئاسة في الماضي ومرشحا ديمقراطيا واحدا على الأقل.

لكن قلة من المرشحين الرئاسيين، بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية، أثاروا قلق مقاطعة لودون بالقدر الذي استطاعه ترامب.

ويقول أمثال مورشتاين من المقيمين منذ زمن في المقاطعة إن الجدل السياسي اليوم أكثر إثارة للاستقطاب مما كان عليه في الماضي.

وتفضل مورشتاين الحديث عن حملة 2020 الانتخابية في أوساط خاصة وليس في أماكن يسترق فيها الناس السمع (وقد يحتدّون في تفاعلاتهم بشأن آرائهم السياسية).

وتقول مورشتاين إن الناس يتفاعلون مع لغة الرئيس بشكل عاطفي مما يثير حالة من الجدل وإن كان يدفع العديد إلى اتخاذ خطوة على الصعيد السياسي.

وأعربت ميتشل توماس، راعية في إحدى كنائس مقاطعة لودون، فرجينيا، عن اندهاشها من مطالبة الرئيس لبعض الناس في الولايات المتحدة بالعودة إلى البلاد التي قدموا منها.

وقالت ميتشل: "مَن يحق له القول؟ وهل الملونون فقط من يتعين عليهم العودة؟"

"العنصرية سلوك مكتسب بالتعليم. إنه يعلم أمريكا الكراهية مرة أخرى".

ميتشل توماس تقول إن الرئيس "يعلّم الأمريكيين كيف يكرهون مرة أخرى"
BBC

تقول بوتا بايبيراج، محامية وعضو مجلس إدارة الجمعية الوطنية للنهوض بالملونين في المقاطعة، إن حديث الرئيس ترامب يؤثر على المستويين الوطني والمحلي: "إنه معلّم في مدرسة 'فرّق تسد'. إنه يضع الناس في مواجهة ضد بعضهم البعض".

وإذْ تتحدث مورشتاين عن الرئيس وتغريداته فإنها تقف على مسافة قريبة من نصب تذكاري أقيم في ليسبورغ عام 1908. وتقف مثل هذه التماثيل لتذكر الناس بالصعوبات التي عانتها الولايات المتحدة ولا تزال في مواجهة ماضيها العنصري.

ويعتبر البعض مثل تلك الأنصاب رموزا يتعين محوها من أمريكا المعاصرة - بينما يراها البعض الآخر نقطة التقاء وتذكير مهمة.

وبالنسبة لـ مورشتاين وآخرين، نفخت تغريدات الرئيس في رماد مشاكل عنصرية وأججت التوترات.

لكن آخرين اختاروا الوقوف في صف الرئيس قائلين إن ردة فعل الديمقراطيين والليبراليين وغيرهم مبالغ فيها.

دوغلاس غرايمز، عامل إطفاء، يقول: "أظنه صريحا، ولا أظن الجماهير يستسيغون ذلك. وهو يحقق إنجازات، وأنا أدعمه".

جون هانتر، في ليسبورغ، يقول إن تغريدات الرئيس يساء فهمها
BBC

ويتفق جون هانتر، المتقاعد حديثا، مع هذا الرأي، ويقول إن ردة فعل الناس تجاه تصريحات الرئيس فيما يتعلق بالمشرّعات الأربعة جاءت مبالغا فيها.

أما هانتر فيقول إن ما يهتم به هو "أداء" الرئيس وليس تغريداته. "هذا هو أسلوبه؛ إنه ليس عنصريا".

ويتفق الناس في ليسبورغ على أمر واحد هو أن مَن يثيرهم أداء الرئيس سواء بالإعجاب أو الكراهية، هم من سيحرصون أكثر مَن غيرهم على التصويت. وسيحسم الفريق الأقوى الانتخابات سواء في مقاطعة لودون أو حول الولايات المتحدة.

تقول مورشتاين: "ما يفعله (ترامب) سيدفع الناس إلى الخروج للتصويت. أيا كانت النتيجة".