سريهاريكوتا: أطلقت الهند الاثنين مهمتها الثانية إلى القمر "شاندرايان-2" التي من المتوقع أن تبلغ وجهتها في السادس من سبتمبر ومن شأنها أن تجعل من الهند رابع بلد يحقّق هذا الإنجاز في حال تكلّلت بالنجاح.

وقد أقلع الصاروخ "جي إس إل في إم كاي 3″، وهو أقوى صواريخ وكالة الفضاء الهندية (إسرو) عند الساعة 14,43 بالتوقيت المحلي (9,13 بتوقيت غرينيتش)، من منصة الإطلاق في سريهاريكوتا (جنوب شرق الهند)، على ما أفاد مراسلو وكالة فرانس برس في الموقع.

وبعد حوالى عشرين دقيقة، علا التصفيق في أوساط علماء وكالة الفضاء الهندية الذين تبادلوا العناق. وقال رئيس الوكالة كايلاسافاديفو سيفان "يسعدني أن أعلن أن جي إس إل في إم كاي 3 نجح في وضع شاندريان-2 في المدار المحدّد".

وصرّح "إنها بداية رحلة تاريخية للهند".

ترأسها النساء

وتعتبر بعثة "تشاندرايان 2" البعثة الفضائية الأولى التي ترأسها النساء بالكامل، كما أنها أول بعثة فضائية هندية تُجري هبوطاً هادئاً على منطقة القطب الجنوبي للقمر. وكانت المركبة المدارية، ومركبة الهبوط، والمركبة الطوافة قد صُممت وبُنيت بالكامل في الهند.&

وسوف تُدرج أسماء اثنتين من عالمات منظمة أبحاث الفضاء الهندية (وكالة الفضاء الوطنية) في التاريخ الهندي، بوصفهما الوحيدات اللواتي&يترأسن مهمة فضائية رفيعة المستوى في أي مكان حول العالم.

تقود العالمة موثايا فانيثا البعثة الهندية الثانية إلى القمر، وتشغل ريتو كاريدهال منصب مديرة البعثة.

والعالمتان في الأربعينات من العمر. ولقد كانتا جزءاً من عدة عمليات إطلاق فضائية سابقة، بالإضافة إلى العمل على تطوير أنظمة فرعية للأقمار الصناعية الوطنية. كما حازت فانيثا على جائزة أفضل عالمة هندية في عام 2006. وجرت الإشادة بكاريدهال باعتبارها واحدة من عالمات الصواريخ الفضائية المعدودات في الهند، والتي لعبت دوراً حيوياً في بعثة المريخ الفضائية لعام 2013.

هدف المهمة

ويقضي الهدف من هذه المهمة غير المأهولة بأن تُنزل في السادس من سبتمبر مركبة وروبوت جوّال بالقرب من القطب الجنوبي للقمر، على بعد حوالى 384 ألف كيلومتر عن الأرض، فضلا عن وضع مسبار في مدار الجسم الفلكي.

وفي حال تكلّلت هذه المهمة بالنجاح، ستصبح الهند رابع دولة تحطّ مركبة من صنعها على سطح القمر، بعد الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة والصين. وقد أخفقت إسرائيل في تحقيق هذا الهدف بعدما تحطّم مسبار أرسلته ولم يبلغ وجهته في أبريل.

وقال رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إن "إطلاق شاندريان-2 يبرز دراية علمائنا وعزم 1,3 مليار هندي بلوغ آفاق علمية جديدة".

وقدّمت وكالة الفضاء الأوروبية ووزارة الخارجية الأميركية التهاني لـ "إسرو".

وكان من المفترض إطلاق "شاندرايان -2" (التي يعني اسمها "عربة قمرية" باللغة الهندية) في الخامس عشر من يوليو، لكن العملية ألغيت قبل 56 دقيقة و24 ثانية من موعدها، بسبب "مشكلة تقنية" لم توضّح وكالة الفضاء الهندية تفاصيلها رسميا.

وأفادت الصحافة المحلية بأن السبب هو تسرّب في قارورة هيليوم في محرّك الصاروخ "جي إس إل في إم كاي 3" العامل بحرارة منخفضة جدّا.

وخصصت الهند 140 مليون دولار لهذه المهمة، وهو مبلغ أدنى بكثير من ذاك الذي جمعته وكالات فضائية أخرى لمهمات من هذا النوع.

وليس صاروخ الإطلاق قويا بما فيه الكفاية لبلوغ القمر مباشر، لذا ستعتمد "شاندريان-2" على قوّة الجاذبية لدفعها.

وهي ستدور حول الأرض مدّة ثلاثة أسابيع تقريبا ليرتفع مدارها تدريجا بحيث تبلغ المدار القمري.

اهتمام دولي

وتندرج المهمة الهندية في سياق اهتمام دولي متجدّد بالقمر. فالإنسان الذي وطأت قدماه&سطحه للمرة الأخيرة سنة 1972 يستعدّ للعودة إليه. وقد طلبت الحكومة الأميركية من الناسا التحضير لإرسال رواد إليه في العام 2024.

وتعدّ العودة إلى القمر خطوة لا مفرّ منها تمهيدا لمهمات مأهولة نحو وجهات أبعد، على رأسها كوكب المريخ.

ومشروع "شاندرايان-2" هو ثاني مهمة قمرية للهند التي سبق أن وضعت مسبارا في مدار حول القمر خلال مهمة "شاندرايان-1" قبل 11 عاما.

ويتميّز البرنامج الفضائي الهندي بمواءمته بين طموحات كبيرة وتكاليف محدودة، مع نفقات تشغيلية أدنى بكثير من الوكالات الأخرى، فضلا عن تقدّم متسارع الوتيرة.

وتعتزم "إسرو" إرسال طاقم من ثلاثة رواد إلى الفضاء، في أول رحلة مأهولة لها بحلول العام 2022. ويعمل علماؤها على تطوير محطتها الفضائية الخاصة المرتقبة في العقد المقبل