من حين لآخر، تحتفي الأوساط القبطية في مصر، بظهور السيدة مريم العذراء، على شكل حمامة أو هالة نورانية في السماء. وأثار ظهور حمامة بيضاء حطت على كتف أحد قيادات الكنيسة أثناء عظة له الكثير من الجدل، حول هذه الظاهرة.

إيلاف من القاهرة: من جديد يعود الجدل في مصر، بشأن ظهور السيدة العذراء، بعدما حطت حمامة بيضاء على كتف الأنبا يؤانس أسقف أبرشية أسيوط وتوابعها، وقال الأقباط إنها السيدة مريم ظهرت في الكنيسة، أثناء إلقاء يؤانس عظة له، لتبارك مصر والأقباط.

وجاءت الواقعة أثناء ترأس الأنبا يؤانس أكبر مولد السيدة العذراء في دير يحمل الاسم نفسه، على جبل درنكة.

وأظهر مقطع فيديو الأنبا يؤانس، وهو يلقي عظته، بينما تقف حمامة بيضاء فوق كتفه، وفي مقطع آخر تحط الحمامة البيضاء على رأسه، أثناء قيادته موكب "زفة العذراء" وهو بداخل سيارة مكشوفة يلوح منها للحضور.

واحتفت الأوساط القبطية بهذه الحمامة البيضاء، واعتبروا أنها السيدة مريم العذراء، ظهرت لهم، لتباركهم في يوم مولدها، وتمنح مصر وأهلها السلام.

بينما تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو آخر، يظهر أحد رجال الدين، يضع الحمامة البيضاء على كتف الأنبا يؤانس، أثناء إلقاء العظة.

وكتب شاب متطوع في الكنيسة، شارك في العظة والموكب، عبر صفحته على فايسبوك: "وقوف الحمامة على رأس الأنبا يؤانس في هذا الموكب ليس ظهورًا للسيدة العذراء، ولكنه دليل على البركة".

وأضاف: "كيف تقف الحمامة على رأسه وهو يتحرك من المغارة إلى أسقف الجبل دون أن تطير أو تسقط وسط الزحام والأعداد الكبيرة من الزوار؟! وكيف احتملت الحمامة فلاشات الكاميرا والتصوير طوال سير الأسقف بالموكب ولم تخف أو تطير؟

وتابع: "الحمامة تفعل ذلك لتبارك الناس وتعزيهم في هذا المكان المقدس".

ومن جانبه، قال الباحث في التاريخ القبطي، سامح بيشوي، إن ظهور السيدة العذراء على هيئة حمامة ناصعة البياض، أو هالة نورانية في سماء أحد الكنائس أو الأديرة أو خلال احتفالات بمولدها، أمر معتاد في مصر، مشيرًا إلى أن هذا الظهور لا يمكن التأكد منه، لأنه غير مبني على حقائق، وليس له أي سند من الإنجيل، بل يرتبط في الأساس بموروث شعبي لدي الأقباط.

وأضاف لـ"إيلاف" أن ظهور الحمام الأبيض في مولد السيدة العذراء في محافظات الصعيد بمصر، يعتبر من النذور، موضحًا أن بعض العامة ينذر بإطلاق عشر حمامات بيضاء مثلًا أثناء المولد إذا رزقه الله بطفل ذكر، أو ربح في تجارته، أو كانت لديه مشكلة وتم حلها.

ولفت إلى أن بعض الرهبان ورجال الدين، يطلقون الحمام الأبيض في سماء الكنيسة، أثناء إلقاء العظات، للتبرك به، مما يرسخ في أذهان العامة فكرة ظهور السيدة العذراء، ويمنح هؤلاء الرهبان هالة أكبر من القدسية.

وأضاف أن توثيق ظهور السيدة العذراء في أية صورة أو هيئة، يحتاج إلى بحوث ودراسات متعمقة، وليس مجرد مشاهدات أو مقاطع فيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مشيرًا إلى أن الكنيسة الأرثوذكسية، لم تناقش هذه الروايات بشكل رسمي رغم تعددها، ما يشير إلى عدم اعترافها بها.

ولم تكن هذه المرة الأولى التي تنتشر فيها روايات ظهور السيدة مريم العذراء. في عام 2013 قيل إنها ظهرت في كنيسة مارمينا بالوراق في القاهرة، على هيئة ضوء أبيض يجسد هيئتها، وقيل إنها ظهرت في القوصية في محفظة أسيوط في كنيسة مارجرجس في العام الماضي 2018.

روايات ظهور السيدة مريم في الاحتفالات الشعبية، ليست مقصورة على مصر فقط، فقد تحدث رئيس الأساقفة فيسيكيلا، لخدمة الأنباء الكاثوليكية، عن مشاركته في أول مهرجان كنسيّ رسمي بميديغوريه، في منطقة البوسنة والهرسك، أوائل شهر أغسطس الحالي.

وقال: "أشهد بأن التجربة كانت جميلة للغاية، حيث شاهدتُ حوالي 70 ألف شابًا وشابة يصلون ويعيشون معًا، ويصغون إلى التعليم المسيحي"، واصفًا المهرجان بأنه "يوم شباب عالمي مصغّر"، وأن تواجد كثير من الشباب كان "إحدى ثمار" الجهود الرعوية لميديغوريه.

ويفيد شهود عيان في ميديغوريه بأنهم شاهدوا أكثر من 40 ألف ظهورًا مريميًا منذ يونيو 1981، عندما قال ستة مراهقين بأنهم عاينوا ظهورًا للسيدة مريم العذراء أثناء رعيهم للأغنام، لأول مرّة.

ويشير بعضهم إلى أن السيدة العذراء لا تزال تظهر لهم يوميًا، وتبعث لهم برسائل. ومع ذلك، وفي عام 2017، وعندما سئل البابا فرنسيس عن هذا الأمر، بدا وكأنه "يشك" في طبيعة استمرارية الظهور.

وقال المطران فيسيكيلا: "كما هو الحال دائمًا، عندما يكون هناك ظهور ما، فالكنيسة تكون حكيمة دائمًا".