أجرى رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون محادثات على مستوى عال من الأهمية يوم الأربعاء في برلين وهي محطته الأولى في أول زيارة خارجية منذ تسلمه منصبه في 23 يوليو الماضي.

وخلال قمة جونسون الأولى وجها لوجه مع أقوى زعيم متشدد في الاتحاد الاوروبي، وخصوصا لجهة (بريكست)، قدمت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل دعما مشروطا له، حين قالت إن التخلي عن "الدعم الإيرلندي/ شبكة الأمان" ممكن إذا تمكنت المملكة المتحدة من التقدم ببديل عملي وقابل للتطبيق في غضون الثلاثين يومًا التالية حيث أصرت أيضًا على أن ألمانيا مستعدة للموافقة على الخروج البريطاني من دون اتفاق.&

وقالت المستشارة الألمانية إذا كانت المملكة المتحدة تستطيع حل "لغز" بروتوكول الحدود الإيرلندي ، فستكون مستعدة للاستماع إلى المقترحات.

ورحب جونسون "بالمهلة الزمنية التي حددتها ميركل وهي 30 يومًا، حيث قال إنه يوافق على أن "المسؤولية تقع على عاتقنا لإنتاج هذه الحلول" ، كما أشار إلى أن الحكومة السابقة بقيادة تيريزا ماي قد فشلت في تحديد البدائل بشكل مناسب.

اتفاق او بدونه

وجاءت هذه المواقف عندما التقى الزعيمان وجها لوجه للمرة الأولى في برلين قبل عشاء عمل مساء الأربعاء، حيث أوضح جونسون أنه جاد في إخراج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي بحلول الموعد النهائي المحدد في 31 أكتوبر الحالي مع أو بدون صفقة.

ومن المقرر أن يسافر إلى باريس لحضور اجتماع غداء مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون غدًا حيث يواصل محاولة إقناع الزعماء الأوروبيين بإعادة التفكير في شروط طلاق بريطانيا من الكتلة.

وكانت كل من برلين وباريس وبروكسل استبعدت في وقت سابق يوم الأربعاء بشكل استباقي التحول في القضية الرئيسية من الدعم الايرلندي الذي أصر جونسون على ضرورة حذفه من أجل التوصل إلى اتفاق.

وقال حلفاء السيدة ميركل إن حذف الدعم سيكون "مستحيلًا تمامًا" بينما قال مساعد رئاسي فرنسي إن ماكرون يعمل الآن على الاعتقاد بأن "لا صفقة" هي السيناريو "الأرجح".
في غضون ذلك ، قالت دبلن إنها لن تكون "مشحونة بالبخار" فيما يتعلق بالبروتوكول الحدودي الأيرلندي حيث أصبحت بريطانيا على وشك الخروج من الاتحاد في عيد الهالوين (31 اكتوبر).

تحذير

وفي لندن، كان مقر رئاسة الحكومة في 10 داونينغ ستريت حذر من فكرة أن تؤدي المحادثات مع السيدة ميركل وماكرون إلى تحقيق تقدم كبير. وقالت مصادر الحكومة: لكن اعتراف السيدة ميركل بأنها على استعداد للاستماع إلى البدائل الأساسية سيكون من دواعي سرور داونينغ ستريت لأن تعليقاتها تشير إلى أنه قد يكون هناك حركة بشأن القضية التي قد تفتح الطريق أمام الصفقة.

وتقول التقارير إنه على الرغم من الإحساس الجديد المحتمل بالتفاؤل في مقر 10 داونينغ ستريت فإن اتفاق مع مختلف الاطراف الاوروبية بعيد المنال بين الجانبين.

واشارت الى ان الاتحاد الاوروبي سيكون متشككا بشدة في أن المملكة المتحدة ستكون قادرة على التوصل إلى بدائل لضمان عدم وجود عودة إلى الحدود الصعبة بين ايرلندا الشمالية ودبلن، في حالة عدم التوصل إلى اتفاق بشأن العلاقات التجارية المستقبلية.

ميركل تحذر

وكانت المستشارة الألمانية حذرت قبل لقائها مع جونسون يوم الأربعاء من تداعيات اقتصادية سلبية قد تنجم عن بريكست بلا اتفاق، وأعلنت ميركل أنّ تصوّر الخروج بلا اتفاق، مرفقاً بالتوتر التجاري الدولي، "سيصيبنا بصداع"، في وقت يشهد الاقتصاد الألماني صعوبات.

وقالت "لهذا السبب سأناقش بطبيعة الحال مع رئيس الوزراء البريطاني (...) سبل الخروج من دون الكثير من التوتر إذ يجب علينا أن نحارب من أجل نموّنا الاقتصادي".

وكتب جونسون في (تويتر)، يوم الأربعاء "سنغادر الاتحاد الأوروبي في 31 اكتوبر لنجعل (هذا البلد) الأفضل للعيش في العالم". وأرفق التغريدة بفيديو بعنوان "رؤيتي لبريطانيا".

وبعد برلين، يتوجه جونسون الخميس إلى قصر الإليزيه حيث يلتقي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي يتخذ موقفاً أكثر حزماً من ميركل حيال ملف بريكست.
وتنتهي جولة جونسون الدبلوماسية بالمشاركة في قمة مجموعة السبع في بياريتس، حيث سيلتقي خصوصاً الرئيس الأميركي دونالد ترامب المؤيد لبريكست بدون اتفاق.

شبكة الامان

وأكد جونسون في رسالة يوم الإثنين إلى رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك معارضته لبند "شبكة الأمان" المتعلق بإيرلندا الشمالية الوارد في الاتفاق الذي توصلت إليه تيريزا ماي مع الاتحاد الأوروبي.

وينص البند على أن تبقى المملكة المتحدة بأكملها ضمن "منطقة جمركية واحدة" مع الاتحاد الأوروبي، وذلك بسبب عدم وجود حل أفضل لنهاية المرحلة الانتقالية كما من أجل تفادي عودة حدود فعلية بين مقاطعة إيرلندا الشمالية البريطانية وجمهورية إيرلندا. لكن مؤيدي بريكست يرفضون ذلك.

واعتبر بند "شبكة الأمان" حلاً لحماية اتفاقات السلام المبرمة في 1998 في إيرلندا والتي انهت عقوداً من العنف، وكذلك للحفاظ على وحدة السوق الأوروبية.

كما اعتبر جونسون في رسالته أن بند "شبكة الأمان" "يتعارض مع الديموقراطية" متهماً الأوروبيين بمنع بلاده من اعتماد سياسة تجارية منفصلة عن الاتحاد الأوروبي.

وأكد الاتحاد الأوروبي أكثر من مرة أنه غير مستعد لإعادة التفاوض على اتفاق الخروج.
وكانت ميركل أوضحت خلال زيارة لإيسلندا يوم الثلاثاء أنها تنتظر "حلولاً عملية" من الحكومة البريطانية لتخطي بند "شبكة الأمان"، وهي حلول لم تتمكن بريطانيا بعد من طرحها.

ويمكن لزيارات جونسون الخارجية أيضاً، وفق الصحافة الألمانية، أن تشكل فرصة للتوجه إلى الناخبين البريطانيين. فغالبية حزب المحافظين في البرلمان ضعيفة، فيما يحاول رئيس حزب العمال جيريمي كوربن أن ينتهز الفرصة المناسبة للإطاحة بالحكومة.

واعتبرت صحيفة "دي فيلت" الألمانية أن جونسون "سيحاول تقديم نفسه على أنه الشخص الذي يريد تنفيذ رغبات الشعب بكل ما يملك من قوة، لكن القادة الأوروبيين المتصلبين يمنعونه من تحقيق ذلك".