البندقية: استهلّ البابا فرنسيس جولته في مدينة البندقية الإيطالية بزيارة لسجن للنساء، دعا خلالها إدارة السجون إلى "إنشاء ظروف إعادة دمج سليمة"، من دون تناسي مسألة "كرامة" الإنسان.

وهي أوّل زيارة يقوم بها الحبر الأعظم منذ سبعة أشهر خارج روما بسبب وضعه الصحي الذي كان مدعاة للقلق خصوصا خلال الاحتفالات بعيد الفصح.

وحطّت المروحية البابوية مباشرة في باحة سجن جزيرة جوديكّا الذي يضمّ الجناح الخاص بالفاتيكان في سياق الدورة الستين من بينالي الفنون المعاصرة في البندقية. وسلّم البابا فرنسيس على السجينات البالغ عددهن نحو ثمانين فردا فردا، فضلا عن الموظّفين الإداريين والعاملين في السجن والمتطوّعين.

ومن هذا الدير السابق الذي بات يؤوي نساء يقضين محكوميات طويلة، دعا البابا الذي يولي أهمية كبرى لمسائل المهمّشين وظروف السجن، إدارة السجون إلى توفير "أدوات وأماكن للنموّ الإنساني والروحي والثقافي والمهني".

وهو صرّح أن "السجن واقع صعب ويولِّد مشاكل مثل الاكتظاظ ونقص التجهيزات والموارد والحوادث العنيفة معاناة شديدة. لكنّه قد يتحوّل أيضا إلى موقع للنهضة... لا تُعزل فيه كرامة النساء والرجال".

وقال بعد تلقّيه هديّة مؤلّفة من منتجات صنعتها السجينات يدويا "لا تستسلمن! تحلّين بالشجاعة وواصلن إلى الأمام". وقد بدا التأثّر واضحا على كثيرات.

ويعدّ جناح الفاتيكان في بينالي الفنّ المعاصر من أبرز أجنحة هذه الفعالية العريقة وهو يقدّم لزوّاره تجربة انغماسية ومؤثّرة تتشابك فيها القطع مع الأسلاك الشائكة.

رابع بابا
وكشفت كيارا باريزي القيّمة على المعرض عن تثمين السجينات لهذه الزيارة التي مدّتهن بـ"الرجاء". وقالت في تصريحات لوكالة فرانس برس إن البابا لا يكتفي بالأقوال وهو يقوم بزيارة لأشخاص "يتوقون إلى الاضطلاع بدور حتّى عندما يقاسون وضعا صعبا جدّا".

وأمام فنّانين شاركوا في المعرض ومسؤولين من الأوساط الثقافية التأموا في ما كان سابقا كنيسة الدير، شدّد البابا فرنسيس على دور الفنّ للتصدّي "للتمييز وكره الأجانب واللامساواة والاختلال البيئي".

ومن المرتقب أن يلقي لاحقا كلمة أمام حشد من الشباب في باحة كنيسة سانتا ماريا ديلا سالوتيه على مقربة من ساحة سانت ماركو.

وهو سيحيي قداسا عند الساعة 11,00 (9,00 بتوقيت غرينيتش) بحضور مسؤولين سياسيين ودينيين قبل أن يغادر البندقية في فترة بعض الظهر.

وهو البابا الرابع الذي يزور البندقية بعد بولس السادس (1972) ويوحنا بولس الثاني (1985) وبنديكتوس السادس عشر (2011).

ولطالما كان تاريخ هذه المدينة المشار إليها بلقب "لا سيرينيسيما" على ارتباط بالكرسي الرسولي. ففي القرن العشرين، عيّن ثلاثة من بطاركتها رؤساء للكنيسة الكاثوليكية. وتعدّ أبرشية البندقية من أكبر الأبرشيات في إيطاليا مع 125 رعية. كما إن البندقية هي من البطريركيات القليلة التابعة للكنيسة اللاتينية.

وتأتي زيارة البابا إثر اعتماد سلطات البندقية رسوم دخول إلى المدينة بقيمة 5 يوروهات في اليوم تفرض على السيّاح أعفي منها الحبر الأعظم بصفته ضيفا، لكن ينبغي على الزوّار غير المقيمين الآتين من أجله تسديدها.

ومن المرتقب أن يزور البابا مدينتين أخريين في الشمال الإيطالي هما فيرونا في أيار (مايو) وترييستيه في تموز (يوليو)، وذلك في مسعى منه إلى تهدئة المخاوف بشأن قدرته على الإيفاء بالتزاماته خصوصا بعد الوعكة الصحية التي تعرّض لها خلال الاحتفالات بعيد الفصح.

ولم يسافر البابا منذ رحلته إلى مرسيليا الفرنسية في أيلول (سبتمبر) 2023. وقد اضطر إلى إلغاء رحلة إلى دبي في كانون الأول (ديسمبر) بسبب التهاب رئوي وإلى الحدّ من التنقّلات بسبب وضعه العام.