عبدالوهاب الفايز

 اختيار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب المملكة كمحطة أولى لجولته تؤكد المكانة الكبيرة للسعودية في المجتمع الدولي، وتؤكد المكانة الإقليمية أيضًا، وتعزز الموقع الروحي والسياسي للمملكة في العالم الإسلامي. هذه الزيارة ينتظر أن تحمل موقفًا جديدًا للحكومة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، والأهم أيضًا للمنطقة وشعوبها أن تكون الإدارة الجديدة جادة في مساعيها لأجل إحداث التغيير الإيجابي الذي يوقف الحروب وينزع أسباب ودوافع الصراع، وهذا هو المهم.

إنهاء الحروب هو ما تتطلع إليه شعوب المنطقة، فالرحلات المكوكية للقيادات الغربية المتتالية ظلت فاقدة التأثير الإيجابي في الأوضاع، فقد استمرت الدول الكبرى، بالذات أمريكا، في التغاضي عن الإخلال الصريح بالأمن في المنطقة الذي قادته إيران، وتوسع المشروع الإيراني التخريبي تجاوزت مخاطره السياسية المنطقة، فقد أنتج أزمة وتشرد للملايين من البشر لم يشهدها العالم منذ الحرب العالمية الثانية.

ما فعلته الثورة الخمينية من دمار يوازي ما أحدثته النازية من كوارث ومآسٍ. المؤسف أن الدور الإيراني في إشعال الحروب في المنطقة تجاوز في التخريب المشروع الصهيوني لاحتلال فلسطين، فالمشروع الإيراني والنزعة الإيرانية الخومينية للسيطرة على المنطقة تتوسع عبر إشعال الحروب وإحداث التفرقة السياسية، وعبر طرح قضية الطائفية التي اخترعتها إيران واستخدمتها لأجل تحويل الشيعة في العالم إلى محاربين لأجل الخمينية ومشروعها العقدي، مستخدمة إنشاء الأحزاب السياسية والجمعيات الحقوقية، والمليشيات العسكرية والجماعات الإرهابية.

الإدارة الأمريكية الحالية عليها مسؤولية تصحيح الخطأ الأمريكي الذي بدأ باحتلال العراق ثم تسليمه لإيران لتواصل احتلاله والهيمنة عليه عبر الحكومات الصورية القائمة. الإدارة الأمريكية الجديدة نرجو أن تتيح لمؤسسات المجتمع المدني الإنسانية الحقوقية في أمريكا وأوروبا المعلومات والحقائق التي تعرفها عمّا قامت به إيران وحلفاؤها في العراق وسوريا من حروب طائفية، ومن جرائم ضد الإنسانية، ومن تطهير عرقي ضد التجمعات السنية، وما تقوم به الآن من تغيير ديموغرافي في سوريا مستخدمة أساليب القرون الوسطى الوحشية.

مع الأسف الإدارة السابقة المتواطئة مع المشروع الإيراني صمتت على الجرائم والفظائع التي تقع تحت أنظارها، وبقيت المؤسسات الغربية الأهلية والرسمية مغيبة، ورأينا كيف انتفضت لإعدام الإرهابيين الشيعة العاملين للأجندة الإيرانية، بينما سكتت على الجرائم الوحشية التي ترتكبها الجماعات الإرهابية التابعة لحزب الدعوة العراقي، وحزب حسن نصرالله، وفيلق القدس.

أيضًا أمريكا كانت السبب الرئيس لاستدامة الحرب الأهلية في العراق، لأنها أوجدت دستورًا قائمًا على الطائفية والمحاصصة السياسية وكان هذا المسبب الأول لتأسيس بيئة الصراع، فقد أدى هذا الدستور إلى انتقال الهيمنة على العراق من حزب البعث إلى حزب الدعوة. والدستور القائم على المحاصصة الطائفية نرى ماذا أنتج في لبنان!

ربما لا نختلف مع النوايا الصادقة لمن يظن أننا مسؤولون عن مصالحنا، فلماذا نعلق آمالنا على أمريكا والدول الكبرى لحل مشكلاتنا. في عالم اليوم الذي نعيشه خيوط القوة وإدارة المشهد الدولي هي بيد الدول التي امتلكت أسباب القوة، وهكذا تتجدد دورات الزمن وصناعة التاريخ، الذي بيدنا هو أن نكون أقوياء ولدينا الخطوط الحمراء التي تضمنها لنا حق السيادة وحقوق الكرامة للدول، وهذا ما يجب أن نقوله لقيادات الدول الكبرى، وهو أن مصالحنا الوطنية وسلامة بلادنا لا تقبل المساومة، ولنا كامل الحق في الدفاع عن مصالحنا.

لقد أصبحت مصالحنا ووجودنا مهددة من عبث المشروع الإيراني، بل المنطقة والاستقرار العالمي يدفع ثمن هذا التخريب، ومن مصلحة شعوب المنطقة، وبالذات الشعب الإيراني، أن تمارس أمريكا وحلفاؤها مسؤوليتها التاريخية لإيقاف وإنهاء مشروع الخمينية الذي يقود المنطقة للخراب كما فعلت الأحزاب النازية والفاشية في أوروبا.