أعلنت النيابة العامة في تونس، الاثنين، عن فتح تحقيق بشأن معلومات تفيد بامتلاك حزب حركة النهضة الإسلامية لجهاز سري مواز، والتلاعب بوثائق ترتبط باغتيال السياسيين شكري بلعيد ومحمد البراهمي. وينتظر أن يسلط هذا التحقيق المزيد من الضغوط على حركة تتهم باعتماد وجهين واحد مدني للتسويق الخارجي، وآخر سري يهدف إلى توفير كل العوامل لتحقيق التمكين والسيطرة على البلاد.

وستنظر النيابة العامة في القطب القضائي لمكافحة الإرهاب، وهو جهاز يختص بالنظر في القضايا الإرهابية، في المعلومات والوثائق التي كشفت عنها هيئة الدفاع عن السياسيين بمؤتمر صحافي في وقت سابق من الشهر الجاري.

وقال المتحدث باسم القطب القضائي سفيان السليطي لوسائل الإعلام المحلية، الاثنين، إن “النيابة العامة أذنت بإجراء الأبحاث اللازمة على إثر ما ورد من معطيات بمؤتمر صحافي لهيئة الدفاع″.

وتتهم الهيئة حزب حركة النهضة الإسلامية الشريك في الحكومة الائتلافية الحالية، بممارسة التجسس وإدارة جهاز سري مواز للدولة والتستر على وثائق خطيرة وجهات ترتبط باغتيال السياسيين واختراق مؤسسات الدولة.

وينفي الحزب، الذي تولى السلطة بين عامي 2011 و2013 بعد فترة حظر طويلة لنشاطه السياسي خلال حكم النظام السابق، هذه الاتهامات.

ويقول متابعون للشأن التونسي إن انكشاف أنشطة الجهاز السري، إذا ثبتت، ستزيد من الضغوط على حركة النهضة التي تعيش وضعا صعبا في ضوء التوتر الذي يسود بينها وبين الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي بسبب تخليها عن التوافق.

وقد يفضي فتح تحقيق في نشاط هذا الجهاز إلى تثبيت التهمة التي دأبت الحركة على نفيها، وهي امتلاك جهاز سري سبق أن راجت معلومات عنه في عامي1987 و1991 واتهمت النهضة وقتها بأنها كانت تتجهز للسيطرة على الحكم بالاستعانة بالجهاز السري والذي يضم عناصر من قوات الأمن والجيش.

كما ستنهي انطباعا خلقه زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي بأن الحركة هي الذراع الأكثر اعتدالا ضمن تنظيم الإخوان المسلمين. وكان التنظيم في مصر أول من أنشأ جناحا سريا كان يعرف باسم “الجهاز الخاص”، وكان مسؤولا عن تنفيذ عمليات اغتيال طالت مسؤولين مصريين في القضاء والحكومة، وأدت في النهاية إلى اغتيال حسن البنا مؤسس التنظيم انتقاما من أعمال “التنظيم الخاص”.

اغتيالان أعقبهما اضطرابات كبرى في تونس بعد 2013

وإذا ثبت وجود جهاز سري لحركة النهضة فسيمثل ذلك ضغطا على رئيس الحكومة يوسف الشاهد، الذي بات أكثر اعتمادا على الحركة لدعمه في أزمته مع السبسي، إذ باتت كتلة النهضة، التي تمثل أكبر الكتل السياسية في مجلس نواب الشعب (البرلمان) ظهيرا سياسيا للشاهد.

ويقول مراقبون إنه بعد اكتشاف الجهاز السري لن يكون الشاهد قادرا على الاستناد إلى دعم حركة سياسية فقدت مصداقيتها بين الناخبين التونسيين، خصوصا مع إعادة تفجر قضية اغتيال سياسيين يساريين، وتوجيه أصابع الاتهام إلى حركة النهضة.

واغتيل السياسي اليساري المعارض للإسلاميين شكري بلعيد بالرصاص أمام مقر سكنه في فبراير 2013، وبعدها اغتيل محمد البراهمي المعارض ضمن التيار القومي في يوليو من نفس العام.

وأحدث الاغتيالان اضطرابات كبرى في تونس أدت في نهاية المطاف إلى تنحية حركة النهضة من الحكم عبر حوار وطني وتنصيب حكومة مستقلة تولت تنظيم انتخابات 2014.

وقالت هيئة الدفاع عن بلعيد والبراهمي إنها ستتقدم بالتوازي مع أعمال النيابة العامة، بشكوى لدى القضاء العسكري اعتمادا على المعلومات والوثائق التي تملكها.

ومن المرجح أن تجبر ازدواجية حركة النهضة بين الجناح المدني والجناح السري الغرب، الذي ينظر إليها باعتبارها معبرا عن “الإسلام السياسي المعتدل”، على إعادة النظر في دعم بقائها كرقم صعب في المعادلة السياسية التونسية.