&عائشة المري

&في خطوة غير مسبوقة أطلق رئيس الوزراء العراقي المكلف عادل عبدالمهدي موقعاً إلكترونياً يتيح للطامحين لشغل منصب وزاري في الحكومة العراقية المرتقبة في الأول من نوفمبر، وأتاح الموقع فرصة مددها ثلاثة أيام للتسجيل وترشيح أنفسهم لموقع وزاري، حيث يتوجب على المتقدمين تسجيل معلوماتهم الشخصية، والإفصاح عن توجهاتهم السياسية، وما إذا كانوا ينتمون إلى أي كتلة أو حزب. وحسب ما تنص عليه التعليمات الموضحة في الموقع، فعلى المتقدم للمنصب عرض مؤهلاته الجامعية أو ما يعادلها، وهي إلزامية للترشح، ومن ثم سيرته الذاتية والوظائف التي شغلها خلال السنوات الماضية. إضافة إلى «أهم المؤهلات القيادية والتخصصية التي تميز المرشح عن غيره لاستحقاق المنصب المطلوب". كما خصص الموقع مساحة على المترشح أن يوضح فيها رؤيته «لأهم المشاكل التي تواجه الوزارة المستهدفة بالترشح والحلول العملية المقترحة لمواجهتها».&


وأثارت خطوة رئيس الوزراء العراقي جدلاً في الأوساط الإعلامية والسياسية، فبعد أن استكمل العراق تنصيب ثالوث السلطة؛ رئيس الجمهورية (برهم صالح) ورئيس الوزراء (عادل عبدالمهدي) ورئيس البرلمان (محمد الحلبوسي)، عقب شلل سياسي دام أكثر من تسعة أشهر منذ انتهاء الانتخابات التشريعية في 12 مايو 2018، ينتظر خلال هذا الشهر أن تتشكل الحكومة. لكن تحديات كبيرة تواجه رئيس الوزراء العراقي دون هذه المهمة، في ظل التجاذبات الداخلية والخارجية. لذلك يحاول عبدالمهدي اختيار أعضاء حكومته باستقلالية، فيما ووجهت الطريقة التي طرحها لاختيار فريقه الوزاري بانتقادات واسعة. ففي ظل انقسامات المشهد العراقي ونظام المحاصصة القائم، وبغض النظر عن صعوبة خلق توافقات وسط حالة الاستقطاب الشديد بين الأحزاب، علاوة على الانقسام الإثني والطائفي.. فإن العراق اليوم يحتاج لمعادلة دقيقة من التوازنات على المستويين الداخلي والخارجي.&


إن نجاح الحكومة العراقية المقبلة يرتبط بقدرتها على ضبط العلاقة بين واشنطن وطهران في ضوء تصاعد الأزمات بين الجانبين والعقوبات الأميركية المفروضة على طهران، خاصة أنه مع اقتراب موعد بدء الموجة الثانية من العقوبات الأميركية في نوفمبر المقبل، مما يزيد من صعوبة الموقف العراقي نتيجة لاعتماد الاقتصاد العراقي على الدعم الأميركي واعتماد الاقتصاد الإيراني في ظل العقوبات الجديدة على الأسواق العراقية.
وعليه، فستجد الحكومة العراقية نفسها في موقف صعب يفرض عليها أن لا تنحاز لأي من الطرفين، وهو أمر صعب للغاية، لذا فالعراق مقبل على مرحلة من عدم الاستقرار السياسي.&
لكن ليس من مصلحة لا طهران ولا واشنطن أن ينفجر الوضع العراقي، غير أن حالات الشد والجذب على الساحة العراقية لا تؤسس لاستقرار، والحكومة العراقية تجد أن عليها تحقيق معادلة صعبة، وهي إرضاء طهران دون إغضاب واشنطن وإرضاء واشنطن دون إغضاب طهران.
الإشكالية المزدوجة التي يواجهها رئيس الوزراء العراقي هي الاستقلالية وخلق حكومة لا تتنازع أعضاؤها المصالح الحزبية أو الأهواء الطائفية، فالاستقلالية تعني حريته في اختيار وزرائه ووضع خططه لإدارة الملفات الحكومية، كالإرهاب والفساد والخدمات الحكومية المتعثرة وغيرها من ملفات أثقلَها الفساد والمحاصصة الطائفية.


وبغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف مع أسلوب اختيار الطاقم الحكومي من وزراء عبر الترشح الإلكتروني، فالمحصلة النهائية في اختيار أعضاء الحكومة العراقية المقبلة، ستعكس الواقع، وهو حكومة تجسد الصفقات السياسية بين الأحزاب، لذا سيتم توزيع الحقائب الوزارية وفق عملية توافق هجينة بين أطراف مختلفة ومتصارعة في ذات الوقت وفق المحاصصة الحزبية. ومن ناحية أخرى ستعكس الحكومة حالة من تنازع السلطة العراقية بين واشنطن وطهران، سواء بإرضائهما أو بتحييدهما فيما يتعلق بالشأن العراقي المستباح.

&

&