أثمرت العملية العسكرية الشاملة «سيناء 2018» نجاحات لافتة خلال 8 شهور، منذ انطلاقها في 8 شباط (فبراير) الماضي، بشهادة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وقيادات الجيش والخبراء، ما انعكس تراجعاً على كم الهجمات الإرهابية ونوعيتها سواء في سيناء أو الصحراء الغربية أو حتى في الدلتا.

لكن تحقيق النجاحات يقتضي، وفق خبراء، الانتقال إلى مرحلة متقدمة من المواجهة متمثلة في مكافحة التطرف فكرياً، من أجل تجفيف منابع تجنيد المسلحين وعدم انخراطهم في تلك الجماعات أو حتى في غيرها جديدة في حال استطاعت القوات الأمنية القضاء على كامل هيكلية الجماعات الموجودة على الساحة حالياً.

وكان الناطق باسم الجيش العقيد أركان حرب تامر الرفاعي أعلن قبل أيام أن أكثر من 400 مسلح قُتلوا في المواجهات الدائرة في سيناء منذ انطلاق العملية العسكرية، فضلاً عن تدمير القوات القوام الرئيس للبنية التحتية للجمات المتطرفة من مخازن للأسلحة وبؤر للتخفي.

لكن على رغم تلك النجاحات، لا تزال هناك مخاوف مصرية من تفشي الإرهاب في ظل الأوضاع الإقليمية المضطربة وانتقال الإرهابيين عبر الحدود، ما يُعظم من دور المواجهة الفكرية في المرحلة المُقبلة، فهل ستصبح الدولة خالية من العناصر الإرهابية بعد مواجهات أمنية وعسكرية طاحنة أم سيترك الإرهاب آثاراً تُفرز عناصر جديدة؟ هل ستُقدم الدولة على مواجهة جديدة في شكل مختلف؟ أم ستكتفي بالحرب العسكرية والأمنية؟

وقال الخبير في شؤون الجماعات الإرهابية منير أديب: «إن المواجهة الأمنية والعسكرية للإرهاب في مصر متقدمة على المواجهة الفكرية على رغم أهميتها البالغة في القضاء على الفكر المتطرف»، معتبراً أن نتيجة المواجهات العسكرية ستكون «محدودة وغير مجدية» إذا صارت منفردة.

وعزا أديب تأخر المواجهة الفكرية إلى «تخاذل المؤسسات المعنية بالمواجهة الفكرية» عن اتخاذ خطوات جادة. وأشار إلى أن المواجهة الفكرية تقطع الطريق أمام الأفكار التي تبثها الجماعات الإرهابية في عقول الشباب والتي تدفع لنشأة كيانات إرهابية وجماعات، موضحاً أن هناك ضرورة ملحة لتجديد الخطاب الديني وتقديم خطاب يعكس الصورة الصحيحة للإسلام ومحتوى تعليمياً يخلو من الأفكار المتشددة. وأوضح أن المواجهة الفكرية تستأصل جذور الإرهاب من المنبع ولا تترك له آثاراً.

على صعيد آخر، أكد مستشار أكاديمية ناصر العسكرية اللواء أركان حرب هشام الحلبي ضرورة أن تسير الحرب العسكرية والفكرية في مسار متوازٍ، وإحلال الفكر المتطرف بآخر مستنير في ظل «جهود متواضعة» بادرت بها مؤسسات الأزهر ودار الإفتاء في مصر.

وأضاف الحلبي: «أن الوقت الذي تسير فيه القوة العسكرية بوتيرة متسارعة تتناقل أيضاً الأفكار المتطرفة بسرعة البرق حتى أصبحت عابرة للحدود نتيجة توافر التطبيقات التكنولوجية المتاحة ووسائل التواصل الاجتماعي».

وعزا عدم تحديد موعد لانتهاء العمليات العسكرية في سيناء نظراً إلى استمرار عمليات تمشيط دقيقة للأراضي التي تم الانتهاء من تطهيرها عسكرياً للتأكد من خلوها من أي عناصر إرهابية أو عبوات ناسفة زرعت في شكل عشوائي من قبل الإرهابيين. وقال القيادي السابق في «الإخوان»، المصنفة إرهابية في مصر، إبراهيم ربيع، إن «الملاحقة الأمنية للإرهاب لن تكفي للقضاء عليه، لكن مواجهة التطرف فكرياً من أنجح الاستراتيجيات في تطهير أي بلد من الإرهاب».

وأوضح أن الفكر المتطرف تطور خلال المئة عام الماضية وأصبحت التنظيمات الإرهابية تعمل على رسم خريطة سياسية جديدة رغماً عن الشعوب والدول بدعم تمويلي وإعلامي وسياسي من أجهزة استخبارات دولية.