قررت السيدة الفرنسية الأولى بريجيت ماكرون والمغني البريطاني اللبناني الأصل ميكا، ضم جهودهما في إطار حملة تهدف الى التوعية ومكافحة التنمر واضطهاد الطلاب من زملائهم بالتعاون مع وزير التربية الوطنية جان ميشال بلانكير.

هذا القرار ليس وليد الصدفة، إذ أن ماكرون التي مارست مهنة التدريس، تعرفُ عن كثب هذه الظاهرة المؤذية وضررها على الأولاد، في حين أن ميكا نفسه كان ضحية مثل هذا التنمر في سنوات دراسته الابتدائية والثانوية.

وسيضع الجانبان شهرتهما في خدمة الحملة التي أُطلقت أمس في فرنسا لمناسبة اليوم الوطني لمكافحة التنمر المدرسي الذي تصاعد بشكل كبير على الإنترنت.

وتشير هذه الشراكة بين ماكرون وميكا الى ان الاضطهاد المدرسي شائع وغير محصور، اذ أنها لمسته بحكم مهنتها في منطقة الألزاس (شمال فرنسا)، وهو عاشها على مقاعد الدراسة في بريطانيا.

وروى ميكا في شهادة مؤثرة بثها الإعلام الفرنسي ما تعرّض اليه عندما كان في الثامنة من العمر، والآلام التي عاشها بسبب مدرسته التي جعلت منه كبش فداء. وقال: «إنها اختارتني انا دون سواي لتسقط علي اضطهادها»، فكانت تُلزمه الجلوس على كرسي منفرد لمدة ساعة أو ساعتين وتمنعه من القيام بأي حركة، وحتى من الذهاب الى الحمام.

أخفى ميكا معاناته عن والديه، ما جعله يجد نفسه معزولاً بين رفاقه في المدرسة ووسط أُسرته بسبب اختياره التكتم. ولم تتحسن الأحوال مع انتقاله الى الثانوية حيث وجد نفسه عرضة لاضطهاد وعنصرية الزملاء الذي كانوا يسخرون منه لكونه لبنانياً أو لكونه مثلياً. وهنا أيضاً التزم ميكا التكتم وعدم البوح بما يتعرض اليه، ولم يخبر أحداً بما كان يلقيه عليه التلامذة من حجارة وقوارير فارغة لتحقيره والاستهزاء به.

ميكا اليوم، بات يدرك أن صمته، حتى مع أسرته، كان مرده الى شعوره بالخجل مما يتعرض اليه من إساءات من أولاد في عمره، وجعَله يواجه صعوبات في القراءة والكتابة.

لكن الموسيقى والغناء أنقذا ميكا الذي شق طريقه الى الشهرة، فيما آثار معاناته لم تندمل، ودفعته الى السعي لتجنيب الآخرين ما لحق به من جروح عميقة.

هذه المعاناة وجدت صدىً لدى ماكرون التي قالت من جانبها إنها عاينت الاضطهاد المدرسي، وأنها مدركة لعمق أثره على شخصية من يتعرض اليه. وبحكم تجربتها، قالت إنها تستطيع أن تُميز من هو مضطهد ومن يمارس الاضطهاد، وأن الانطواء وقلة الكلام والتردي الدراسي، هي من المؤشرات الى ذلك. وتعتبر ماكرون أن التوعية ضرورية لتجنيب المضطهدين المعاناة، وضرورية لأن الذين يمارسون الاضطهاد لا يدركون دائماً ما يفعلوه، ويعتبرون انه مجرد مزاح او دعابة.

وتفيد الأرقام المتوافرة لدى وزارة التربية أن عدد الأولاد المعرضين للتنمُر المدرسي يُقدر بحوالى 700 ألف طالب، ما يمثل نسبة تتراوح بين ٥ و ٦ في المئة من التلامذة. كما تفيد بأن ٥٥ في المئة من هؤلاء، خصوصاً منهم الفتيات، عرضة الى التنمر عبر الإنترنت.