&عصام أمان الله بخاري

هل وجود البترول ضمان أكيد لاقتصاد قوي وحياة مترفة؟ مقالة اليوم تناقش تجربة البلد الذي يمتلك أعلى احتياطات نفطية في العالم.

ننطلق إلى قارة أميركا الجنوبية، وتحديداً إلى فنزويلا التي تمتلك مخزوناً من النفط يقدر بحوالي 301 بليون برميل وبقوتها الإنتاجية الحالية يمكن أن تستمر فنزويلا في تصدير النفط إلى القرن الرابع والعشرين لما يزيد على 360 عاماً. وبالنسبة لدول الخليج فبعض التقديرات ترى أن النفط وقياساً على معدلات الإنتاج الحالية سينضب بعد 23 سنة في عمان و69 سنة في السعودية و86 سنة في الإمارات و95 سنة في الكويت.

والسؤال هنا: كيف هي فنزويلا صاحبة أكبر مخزون نفطي عالمياً؟ وصل اعتماد اقصاد فنزويلا على النفط في إحدى المراحل إلى 95 %، ويمكن وصف الوضع الحالي في النقاط التالية:

بلغت ديون البلاد 120 مليار دولار أميركي والحكومة لا تسدد ديونها.

ارتفع معدل التضخم لدرجة لم يسبق لها مثيل ووصل إلى 1600 %.

تسببت الأوضاع الاقتصادية الصعبة في حالات هجرة ونزوح جماعي من فنزويلا إلى البلدان المجاورة حيث غادر البلاد مليونا شخص منذ العام 2015م، ومن المتوقع أن يصل هذا العدد إلى أربعة ملايين نازح بنهاية العام 2019م.

يعانى الفنزويليون من نقص حاد فى السلع ويضطرون أن يقفوا طوابير طويلة للحصول ما يحتاجونه.

تنقطع الكهرباء باستمرار نتيجة ضعف التزويد بالطاقة.

ما الأسباب خلف هذه الأوضاع الصعبة؟ هنالك عدة أسباب ومنها:

الفساد: في العام 2015 يقدر وزير التخطيط الأسبق (خورخي جيورداني) أنه من أصل تريليون دولار تلقتها فنزويلا من الطفرة المفاجئة في أسعار السلع فقد تم اختلاس ما يقارب 300 مليار دولار. وتم الإعلان في أكثر من بلد عن عمليات غسل أموال لمسؤولين فنزويليين بمليارات الدولارات.

سوء الإدارة: قامت القيادات السياسية في فنزويلا بإقالة المديرين وأصحاب الخبرات والكفاءات في القطاع النفطي من شركة البترول الوطنية "PDVSA" وتعيين ضباط عسكريين مكانهم مما أدى إلى انهيار في أداء الشركة وانخفاض ثقة المستثمرين الخارجيين في قطاع النفط الفنزويلي. وعلى سبيل المثال فأكبر مصفاة (أمواي) تعمل حالياً بنحو عشرين في المئة من قدرتها فقط. والشركة حالياً على حافة الانهيار المالي. وهذا مصير أي شركة أو مؤسسة تعين المسؤولين على أساس المحسوبية والواسطة وليس الكفاءة والأحقية.

وختاماً، يستمتع الكثير من حساد المملكة ودول الخليج بنعتها بالدول النفطية، ولكن - ولله الحمد - استطعنا النهوض بطاقات أبناء أوطاننا عبر الجامعات والابتعاث والتدريب والأبحاث وتوطين المعارف والتقنيات الخاصة بصناعة البترول والبتروكيميائيات بحيث صرنا لا نعتمد على الشركات الأجنبية لتدير لنا اقتصاداتنا، وهذا ما يجب أن نفتخر به ونواصل صناعة هذا النجاحات في بقية المجالات الصناعية والمعرفية بحول الله..

وباختصار، بلا عقول فلا مستقبل للبترول..