خالد أحمد الطراح

& لا شك أن الأعباء الملقاة على عاتق النواب في مجلس الأمة، خصوصاً من نواب حكومة الظل في البرلمان الكويتي، ثقيلة وجسيمة جداً، فكثيراً ما يضطر هؤلاء إلى حضور جلسات المجلس، خصوصاً التي سيكون فيه تصويتٌ على مشروع قانون أو استجواب لأحد أعضاء الحكومة، والالتزام بالحضور ربما لساعات متأخرة لتأدية الواجب تجاه تمرير توجيهات الحكومة وليس الأوامر طبعاً.

أمام هذه الأعباء الثقيلة والمرهقة زمنياً وذهنياً عند بعض السادة النواب في حكومة الظل بمجلس الأمة، كيف يمكن للبعض أن يباشر سلطته في توجيه الأسئلة البرلمانية بينما الأمور تسير على ما يرام في حل مشاكل بعض المواطنين ومصالح البعض الآخر من ناخبين؟!


لا شك أن الرصد الذي قامت به القبس (21 أكتوبر 2018)، حين تبين أن «هناك ثلاثة نواب لم يقدموا أي سؤال منذ عامين» مع تحديد أسمائهم، مثير للانتباه، لكن لا يعني عدم قيام هؤلاء النواب الثلاثة تحديدا وغيرهم كثرٌ من نواب حكومة الظل بواجب التواجد في أروقة الوزارات لتمرير ملفات والحصول على استثناءات، علاوة على حل عقدة التعاون بين السلطتين، وحسم الأمر بالتأكيد لمصلحة «المعازيب» (أصحاب الفضل والقرار) بصرف النظر عن مناصبهم ونفوذهم.
في المقابل، تفوُّق المجلس الحالي على السابق في عدد الأسئلة، كما ورد في تقرير القبس، لا يعني نجاحاً برلمانياً للمجلس الحالي وفشلاً ذريعاً للمجلس السابق، فالعمل النيابي بمجمله يخضع حيناً لاجتهادات وحيناً لتصفية حسابات مع من هم في داخل المجلس أو الحكومة أو جهات أخرى من أفراد أو جماعات، بينما الخاسر الأكبر هو المواطن، خصوصاً الذي تورط في انتخاب البعض وتبين في ما بعد ضحالة التفكير والنقض بالوعود.
من الكاسب الأكبر من هذا المشهد السياسي المصطنع؟


لا شك أن الحكومة هي الكاسب الأول، لكن لا يعني عدم تكسُّب غيرهم من بعض النواب في المجلس حتى أصحاب الصوت العالي الذين يعيشون على أضواء الإثارة في تحدي بعض التجمعات السياسية حتى يدخلوا قائمة البطولة الوهمية.
المزعج في هذه الظروف تلقي الناخب عشرات الرسائل (واتس آب) وتسجيلات فيديو لبعض النواب، معتقدين أنها الأداة الأمثل في تعرية الخصوم، متناسين أن هناك شرائح من الناخبين المثقفين وذوي الوعي السياسي يقرأون الصحف ويتابعون الأداء لجميع النواب وليسوا بحاجة لمن يذكرهم على مدى 24 ساعة باجترار كلام وتعليقات، بينما هناك آلاف الملاحظات والتحفظات على بعض النواب بسبب أنهم يؤدون واجباً مطلوباً منهم من معازيب آخرين.
رئيس الوزراء البريطاني الأسبق جون ميجر علق بطرافة أثناء حديث ودي معه عن الديموقراطية بأن «هناك برلمانيين يستحقون الاحترام حتى في حال الاختلاف معهم وآخرين يمارسون العمل البرلماني كالقردة».
تلقفت مثل هذا التعليق متفهما رأيه بأنه لا يعني التقليل من شأن البعض في أي برلمان، وإنما يعني أن هناك من يدخل المعترك السياسي وهو لا يفرق بين السياسة والخضار.

&