أحمد الفراج&&

تستميت وسائل الإعلام الأمريكية لإبقاء حادثة تركيا حيّة، وقد حلّقت الواشنطن بوست بعيدا عن الجميع، فقد سلمت أمر هذه الحادثة، وبالتالي أمر هذه الصحيفة العريقة، إلى صحافية مغمورة من غينيا، اسمها كارين عطية، التي اتضح من فلتات لسانها، أنها هي التي كانت تكتب مقالات بعض الكتّاب الأجانب، ومن ضمنهم الراحل جمال خاشقجي، وعطية محسوبة على اليسار الغربي، الذي تحول من تمثيل الليبرالية الحقيقية إلى أقصى اليسار، بعيدا عن المبادئ والقيم والمصداقية، وهذا ما ساهم في أن يكون هذا الإعلام « الحر « سلعة في أسواق نخاسة اللوبيات المتنفذة، التي تمكنت من شراء ذمم مثقفين غربيين، وجعلتهم أبواقا، تخدم توجهات هذه الدولة أو تلك، أو هذه الأيدولوجية أو تلك، وربما يكون ديفيد هيريست، أحد أعظم الأمثلة على المستوى الرخيص، الذي بلغه بعض الإعلاميين الغربيين.

لا يفتأ كاتب صحيفة نيويورك تايمز، توماس فريدمان، يرسل نصائحه لدول العالم الثالث، ويسخر من مستوى الحريات المنخفض فيها، وفريدمان، الذي أتابع مسيرته منذ سنوات طويلة، واطلعت على كثير مما يكتب ويقول، شخصية غريبة الأطوار ، فهو يمارس الغرور والإستعلاء بشكل مستفز، ويتفنن في ذلك، وربما يخفى على كثير من مثقفي اليسار العرب أن هذا البطل، حسب وصفهم، لا زال يعتقد أن أهم حدث حصل خلال حياته، هو هزيمة العرب من اسرائيل، في حرب عام 1967، اذ يذكر زملائه في المدرسة حينها، أنه أخذ وقتا طويلا يتغنى بذلك الانتصار، ويشعر بنشوة كبيرة، ولا يزال هذا الموقف لفريدمان يظهر في ثنايا كتاباته وحركاته وسكناته، ولا تخطئ العين تعامله بدونية مع العرب وقضاياهم حتى اليوم.

لا يمكن أن أزعم أن الإعلام العربي في أفضل حالاته، وأعترف بمهنية واحترافية الإعلام الغربي. هذا، ولكني أرفض أن يحاول « جماعة بن لكن « إقناعي بأن هذا الإعلام يمثل قيم الحرية والعدالة، وينصر حقوق الإنسان بالمطلق، فالإعلام الأمريكي، علي سبيل المثال، تغّير معظمه جذريا، منذ بداية تسعينات القرن الماضي، وأصبح هو المتحدث الرسمي باسم الحكومة الأمريكية، وأحيلكم هنا إلى ما حدث قبل غزو العراق واحتلاله في عام 2003، إذ كان هناك نوع من الضغط الشديد، الدي مارسته إدارة الرئيس، جورج بوش الابن، على الإعلام وكبار الإعلاميين، وصل درجة أن الساحة فقدت واحدا من أهم مذيعي أمريكا وأكثرهم تأثيرا، أي مذيع شبكة سي بي اس الذائع الصيت، دون راذرز، الذي اضطر للاستقالة، بعدما غضب منه البيت الأبيض والمحافظين الجدد، والخلاصة هي أن ما يطرح في وسائل إعلام اليسار الأمريكية حاليا ضد المملكة مسيّس، ولا يمت معظمه للمصداقية والموضوعية بصلة، مهما حاول المتحذلقون القول بخلاف ذلك!.