&خالد الطراح&&

حين أعلن رسمياً عن وفاة الرئيس الأميركي بوش الأب، أحيا الخبر ذاكرة شهور الغزو العراقي للكويت وصدى خطابات الرئيس بوش الأب المدوية عالمياً وصلابة الموقف ضد المقبور صدام حسين، وكذلك الدور الدبلوماسي البارز للمرحوم بإذن الله الشيخ سعود الناصر الصباح سفير الكويت لدى الولايات المتحدة الأميركية إبان محنة الغزو.

كنت حينها أعمل في مدينة موسكو السوفيتية، وكان صعباً متابعة المؤتمرات الصحافية واللقاءات التي قادها الرئيس بوش الأب تلفزيونياً وإذاعياً، وكذلك المناظرات التلفزيونية التي كان المرحوم الشيخ سعود الناصر يظهر إعلامياً بتناغم مع الموقف الأميركي فيها بكثافة مرتجلاً في الرد بتمكن وببلاغة لغوية، ولكن كان المتاح متابعة ما ينشر صحافياً نظراً لظروف الانغلاق الإعلامي إبان مرحلة الاتحاد السوفيتي.

قبيل زيارة الرئيس بوش الأب إلى الكويت في عام 1993، التقيت صدفة بالشيخ سعود (بو فواز)، بعد توليه حقيبة الإعلام، فبادرت بالسؤال عن استعدادات التلفزيون للزيارة التاريخية للرئيس بوش الأب الذي له مكانة رفيعة بقلوب الكويتيين بحجم المكانة التي تمتعت بها رئيسة الوزراء السابقة مارغريت تاتشر عند الشعب الكويتي وكذلك شخصيات أخرى.

كانت إجابة الشيخ سعود بمنزلة تكليف لي بالإعداد لمقترح تلفزيوني بمناسبة الزيارة يغطي كل جوانب الغزو تحديداً ودور الرئيس بوش الأب، معرباً عن استعداده لتخصيص لقاءات شبه يومية معي لتزويدي بملاحظاته ومعلوماته عن علاقته الرسمية والشخصية التي تولدت مع الرئيس بوش الأب وأسرته أيضاً.

بعد سلسلة لقاءات ماراثونية، تقدمت بمقترح لبرنامج تلفزيوني حواري بعنوان أضواء على العلاقات أو التعاون الأميركي – الكويتي (لا أتذكر بدقة العنوان)، وفاجأني الشيخ سعود مرة أخرى بتكليفي بتقديم وإعداد البرنامج وأصدر فوراً توجيهاته بتوفير كل الإمكانات المهنية حتى يتم تسجيل البرنامج والانتهاء من إعداده للبث تزامناً مع زيارة الرئيس بوش الأب للكويت.

فاجأني للمرة الثالثة الشيخ سعود بموافقته على أن يكون أحد ضيوف البرنامج من دون مناقشة الأسئلة مسبقاً، وقد كان حواراً تضمن معلومات عن اللوبي المؤثر الذي قاده الرئيس بوش الأب وعمق العلاقة التي تطورت مع الرئيس بوش الأب إلى درجة أنني وجدت نفسي كأني أحاور أحد أفراد عائلة الرئيس بوش الأب.

من ضيوف البرنامج كان أيضاً الأخ الفاضل الدكتور حسن الإبراهيم؛ بصفته رئيس مبادرة «مواطنون من أجل كويت حرة»، والذي أثرى الحوار من جانبه أيضاً بخصوص دعم الإدارة الأميركية بقيادة الرئيس بوش الأب لتحرير الكويت.

توثيقاً لتلك الحقبة السياسية التاريخية في العلاقات الأميركية – الكويتية، أتمنى أن تتبنى أسرة الشيخ سعود، بالتعاون مع وزارة الخارجية، نشر ما يتوافر بحدود المتاح والممكن أيضاً من برقيات ورسائل كان مصدرها الشيخ سعود والصور التي تعكس طبيعة العلاقة الرسمية بين السفير الشيخ سعود – رحمة الله عليه – والعلاقة الأسرية التي جمعت الطرفين، فهي وثائق تعكس موقفاً تاريخياً بين دولتين، والإفراج عن وثائق دبلوماسية لا شك في أنه سيكون مهمة ومرجعاً للمهتمين في الكويت والعالم ككل.

كما أن هناك مقالات وتصريحات صحافية مهمة للغاية للشيخ سعود نشرت في الكويت تتناول موقف إدارة الرئيس بوش الأب في دعم القيادة الشرعية، المتمثلة في أسرة الصباح الكرام، تستحق التوثيق، فقد كان للإدارة الأميركية – آنذاك – موقف صلب وحازم وهو ما يستحق التوثيق.

المقترح لا يعني تهميش أو تجاوز أدوار أخرى لشخصيات سياسية كويتية وأميركية ودولية، وإنما الهدف أن تحظى مبادرة توثيق التاريخ بالمباركة. ولعل هذا المقترح يفتح المجال لتوثيق عمل شعبي ورسمي بحسب وثائق رسمية من دون اجتزاء أو انتقائية من زوايا مختلفة.