&عبد الهادي حبتور

تعد الدرعية (شمال غربي العاصمة الرياض) أحد أهم مكونات التاريخ في الحكم السعودي منذ الدولة السعودية الأولى، هذه القيمة تشد الأنظار بالترافق مع حدث عالمي استثنائي يقام في الشرق الأوسط.

مكانة المكان والحدث يلتقيان في ظل نهضة التاريخ على شواهده من حيي الطريف والبجيري في الدرعية، ونهضة التنمية للفعاليات والأحداث الكبرى التي تستضيفها السعودية عبر «فورمولا إي».

في الدرعية التي تستضيف الحدث الرياضي، تظهر الفعاليات الحياتية الثقافية والترفيهية بتفاصيل الربط بين الماضي والحاضر، علاوة على مناطق الحضور الكثيف للجماهير في الإطار العام لصورة «الفورمولا».

من بين الصورة، يقف حي الطريف التاريخي مقر الدولة السعودية الأولى بمحافظة الدرعية، شاهداً على حقبة زمنية مهمة شهدت حصار العثمانيين لقصر سلوى التاريخي مقر الإمام محمد بن سعود الأول لستة أشهر، وكيف أدار الإمام شؤون الحكم آنذاك.

واحتضن قصر سلوى التاريخي 3 من أشهر حكام وأئمة الدولة السعودية الأولى، حيث كان مقراً لسكن الإمام محمد بن سعود وأسرته، ومقراً للحكم في الدولة السعودية الأولى.

وفي جولة قامت بها «الشرق الأوسط» برفقة الشاب عبد العزيز العقيل وهو مرشد سياحي، أوضح أن العثمانيين دخلوا قصر سلوى من جهة المسجد بعد أن دمروه بالكامل، وقال: «حاول في البداية العثمانيون دخول حي الطريف من جهة قصر الأمير ثنيان بن سعود، لكنهم عجزوا عن ذلك بسبب ارتفاعه وسماكة جدرانه، فركزوا على قصر سلوى ودخلوا من جهة المسجد الذي كان يتسع لنحو 4 آلاف شخص».

وعن التسمية، قيل إن سبب تسميته بقصر سلوى هو نسبة إلى السلوان والراحة، وتابع: «مر القصر بـ7 مراحل للتطوير منذ القرن 18، القصر مكون من 4 أدوار، ويحوي مجلساً، حيث كان يتحدث فيه عن الأمور الدينية والدنيوية، كما أن هناك غرفة سرية صغيرة داخل القصر اسمها (المختصر) يتحدث فيها الإمام عن الأمور السرية مع ضيوفه».

يحوي حي الطريف كذلك قصر الإمام عبد الله بن سعود، وقصر الأمير ثنيان بن سعود شقيق الإمام محمد بن سعود الأول، ويوضح المرشد عبد العزيز العقيل أن قصر الأمير ثنيان هو جزء من تحصينات الدولة السعودية عام 1881م. كما أن هناك السوق التراثية، ومرابط وإسطبل الخيول، والمتحف الذي يحوي تاريخ الدولة السعودية الأولى بمراحلها.

جدير بالذكر أنه تمت موافقة لجنة التراث العالمي على تسجيل «حي الطريف» في الدرعية التاريخية بقائمة التراث العالمي التابعة لـ«اليونيسكو» خلال اجتماع لجنة التراث العالمي بـ«اليونيسكو» في دورته الـ34 المنعقد في برازيليا بالبرازيل في 29 يوليو (تموز) 2010، ليصبح الحي الموقع السعودي الثاني الذي يُسجّل في قائمة التراث العالمي، بعد اعتماد تسجيل موقع الحجر (مدائن صالح)، وهما موقعان ضمن المواقع الثلاثة التي صدرت الموافقة الملكية على تسجيلها في «قائمة التراث العمراني»، وهي: «مدائن صالح»، و«حي الطريف» بالدرعية، و«جدة التاريخية».

واشتمل مشروع «تطوير حي الطريف» على 17 عنصراً يجري تطويرها وفق منهجية تجمع بين موجِّهات المواثيق العالمية للحفاظ على التراث العمراني، ومقوِّمات الحي الطبيعية والتاريخية.

يقع ضمن المشروع 5 متاحف في عدد من القصور التاريخية بالحي تحاكي تاريخ الدولة السعودية الأولى، تشمل كلاً من «متحف الدرعية»، و«‌متحف الحياة الاجتماعية»، و«المتحف الحربي»، و«متحف الخيل العربية»، و«متحف التجارة والمال».

ويوفر متحف الدرعية بقصر سلوى عرضاً مفتوحاً للزوار بين الأطلال المرممة ضمن ممر مخصص، لذلك يحتوي على شاشات تعريفية بأهم فراغات القصر والأحداث التي جرت فيه، إضافة إلى العرض المتحفي المغلق الذي يتضمن لوحات ومجسمات وقطعاً متحفية وأفلاماً وثائقية، كما يشاهد الزائر للمتحف السيف الأجرب الشهير الذي كتب فوقه بيت الشعر التالي: «مع الخوي الأجرب على كل حواف في يد شجاع ما تهبي ضويه».

بينما يعرض المتحف الحربي الذي يقع ضمن المباني المجاورة لـ«قصر ثنيان بن سعود» الجوانب الحربية في تاريخ الدرعية، كأدوات الحرب والمعارك الحربية، كما خُصِّص عرض متحفي مستقل داخل «قصر ثنيان بن سعود» يعرض قصة الدفاع عن الدرعية في أواخر عهدها.

وبالإضافة إلى المتاحف الخمسة، هناك عناصر أخرى تتمثل في «مركز العمارة وطرق البناء التراثية»، في الوقت الذي يتم فيه توظيف الأطلال الخارجية لـ«قصر سلوى» لعروض الصوت والضوء والوسائط المتعددة، حيث ستُستخدم جدران القصر شاشاتٍ لعرض دراما بصرية قصصية تحكي قصة الدولة السعودية الأولى.

صورة الدرعية التاريخية، ومشاريع الحضارة الكبرى، تمتزج الحدث المقام في حلبة الدرعية المنشأة خصيصاً في شوارع المدينة التاريخية، مع التقنية والابتكار التي يمثلها السباق ومحركات السيارات المعتمدة على الطاقة الكهربائية، في تأكيد على أن المغامرة المكانية تبرز أكثر مع أهداف المكان وقيمته التاريخية التي تسعى الدرعية أن تشد الأنظار كإحدى الوجهات ذات القيمة وعناية القرار في اختيار موقع السباق مع التراث البيئي ذي الاستدامة.