فتحي صبّاح 

في تطور دراماتيكي، قدّم عدد من قادة حركة «فتح» في قطاع غزة استقالته من قيادة الحركة احتجاجاً على استمرار السلطة الفلسطينية فرض عقوبات جائرة على القطاع، خصوصاً تقليص رواتب موظفيها. بموازاة ذلك، كشفت وسائل إعلام عبرية مساء أمس أن الجيش الإسرائيلي دمّر نفقاً بحرياً هو الأول من نوعه في هجمات شنها على قطاع غزة الأحد الماضي.


وأشارت الإذاعة العبرية إلى أن طائرات «هاجمت قاعدة بحرية لحماس ودمرت نفقاً بحرياً شمال قطاع غزة هو الأول من نوعه». وقال ناطق باسم الجيش الإسرائيلي إن «النفق التحت مائي كان بعمق عشرات الأمتار تحت سطح الماء، وتوغل في مياه البحر بحيث لا يمكن رؤية استعدادات الكوماندوز البحري لحماس عند دخوله لتنفيذ عمليات ضد شاطئ زكيم (القريب من القطاع) أو محطة الطاقة الإستراتيجية في مدينة أشكلون» المجدل عسقلان التي تبعد نحو 15 كيلومتراً عن شمال القطاع.

ولفت إلى أن النفق انطلق من قاعدة بحرية لـ «حماس» تقع على بعد ثلاثة كيلومترات من السياج البحري الفاصل بين غزة وإسرائيل» شمال غربي بلدة بيت لاهيا. وأوضح أنه تم بناء النفق «كما لو كان مواسير ضخمة لنقل مياه الصرف الصحي في المنطقة»، مشيراً إلى أن «جهداً استخبارياً كبيراً بُذل لمعرفة مكانه». ولم يستبعد وجود أنفاق بحرية أخرى في المنطقة. وكانت إسرائيل أعلنت خلال العام الأخير أنها دمرت عدداً من الأنفاق أسفل السياج الفاصل شرق القطاع، وتعهدت إنهاء ظاهرة الأنفاق شرق القطاع قبل نهاية العام.

من جهة أخرى، تعصف خلافات داخل حركة «فتح» في شأن العقوبات التي تفرضها السلطة على غزة، ما دفع ستة من قادة الحركة المحليين في القطاع إلى تقديم استقالتهم من قيادة الحركة أخيراً احتجاجاً على العقوبات.

وكشف عضو اللجنة التنفيذية للحركة صالح رأفت لإذاعة «صوت فلسطين»، أن اللجنة الوطنية العليا لتنفيذ قرارات المجلس الوطني في شأن العقوبات والرواتب، ستعقد اجتماعاً غداً تُقدم خلاله توصيات للجنة التنفيذية في اجتماعها المقبل. وأضاف أن «الاجتماعات مستمرة في كل الاتجاهات»، مشدداً على أهمية الاجتماع المقبل للجنة التنفيذية «الذي سيبحث مجمل العلاقة مع سلطات الاحتلال وأميركا»، فضلاً عن عقوبات غزة. وكانت اللجنة عقدت آخر اجتماع لها ليل السبت - الأحد في رام الله، من دون أن ترشح معلومات عن إلغاء العقوبات أو صرف الرواتب، علماً أن عيد الفطر على الأبواب.

وأعلنت اللجنة القيادية في منطقة الشهيد صبحي أبو كرش في حركة «فتح» إقليم شرق غزة، «تجميد العمل التنظيمي في شكل تام» احتجاجاً على «الإجراءات الظالمة ضد غزة، وتقاعس المسؤولين وتهربهم من القيام بواجبهم لرفع الظلم والمعاناة». وهددت خلال اجتماع عقدته أخيراً: «في حال عدم استجابة المطالبات العادلة ورفع الظلم عن أبناء شعبنا في غزة، سنقدم استقالتنا من لجنة المنطقة». وطالبت اللجنة المركزية والمجلس الثوري والهيئة القيادية والأقاليم والمسؤولين «بتحمل مسؤولياتهم والعمل بكل قوة من أجل إنهاء كل الإجراءات الظالمة ضد قطاع غزة».

وأشارت إلى أنه كان لتلك الإجراءات «الأثر الخطير أيضاً في الوضع التنظيمي لحركة فتح في قطاع غزة»، مبدية استعدادها «المشاركة في الخطوات والتحركات والاحتجاجات الرافضة هذه الإجراءات الظالمة». وطالبت بـ «التراجع عن هذه الإجراءات الظالمة حتى نحافظ على الكينونة الفلسطينية وعدم تمرير الصفقات المشبوهة».

وكان الرئيس محمود عباس فرض جملة من العقوبات على قطاع غزة اعتباراً من نيسان (أبريل) 2017، تمثلت في تقليص 30 في المئة من رواتب نحو 65 ألف موظف يعملون لمصلحة السلطة في القطاع، بدعوى إجبار «حماس» على التخلي عن حكم القطاع وتسليمه للسلطة. ثم توالت العقوبات، إذ لم تصرف السلطة راتب آذار (مارس) الماضي للموظفين، وصرفت 50 في المئة فقط من راتب نيسان، وغيرها من العقوبات.

وخلال الأيام الماضية، ارتفعت في الضفة الغربية وقطاع غزة حدة الأصوات المطالبة برفع العقوبات، في حين تجاهلت الحكومة الأمر مراراً وتكراراً، ولم تتطرق إليه في البيانات الصادرة عن اجتماعاتها الدورية كل ثلثاء.

ودعت مجموعة من الناشطين والصحافيين والفنانين، خصوصاً من الضفة والأردن، إلى تنظيم وقفة احتجاجية ليل الأحد - الإثنين في رام الله رفضاً للعقوبات على القطاع. كما دعا بعض المشاركين في حراك «ارفعوا العقوبات»، في مقطع فيديو بثه ناشطون على شبكات التواصل الاجتماعي، إلى رفع العقوبات، والجماهير الفلسطينية إلى المشاركة في الوقفة.