& الرباط&

لا تُناقش قضية عودة عائلات الإرهابيين في المجال العام في المغرب والجزائر، لكن سلطات البلدين مضطرة لمعالجة مشكلة عودة المقاتلين في صفوف تنظيم داعش بسوريا والعراق، وإن بقيت أعدادهم أقل مقارنة مع الجارة تونس.
وأفادت وكالة «الصحافة الفرنسية» بأن السلطات المغربية تعمل على إيقاف وملاحقة العائدين من القتال في صفوف تنظيم داعش في العراق وسوريا، والذين يواجهون عقوبات تتراوح ما بين 10 و15 سنة سجنا بمقتضى قانون تم إقراره سنة 2015.
وقال مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية عبد الحق خيام في وقت سابق لوكالة «الصحافة الفرنسية» إن عودة هؤلاء إلى بلادهم «تشكل خطرا حقيقيا». وقدر تعداد المغاربة المقاتلين في صفوف هذا التنظيم بالعراق وسوريا بأكثر من 1600 فرد حسب حصيلة رسمية سنة 2015.
وأوضح أن «أكثر من 200 بين هؤلاء الجهاديين عادوا إلى المغرب وتمّ توقيفهم وتقديمهم للعدالة». ويتيح القانون الخاص بالإرهابيين العائدين من بؤر التوتر لمصالح الشرطة توقيفهم وإخضاعهم للاستجواب قبل إحالتهم على العدالة.
ولفت خيام إلى «سقوط آخرين في عمليات انتحارية أو في عمليات نفذتها قوات التحالف الدولي الذي يحارب تنظيم الدولة في المنطقة، بينما فرّ البعض منهم إلى بلدان مجاورة».
ويتبنى المغرب سياسة جد نشطة في مكافحة الإرهاب من خلال خطة لإعادة هيكلة الحقل الديني، وتكثيف عمليات إيقاف المشتبه في تكوينهم خلايا تخطط لأعمال إرهابية وتشديد قوانين مكافحة الإرهاب. وبقي المغرب في منأى عن هجمات تنظيم داعش، علما بأنه شهد سابقا اعتداءات في الدار البيضاء (33 قتيلا في 2003) ومراكش (17 قتيلا في 2011).
وشهد متنزه إمليل الجبلي قرب مراكش جنوب المملكة، أواخر 2018، مقتل سائحتين اسكندنافيتين، من طرف أفراد تشتبه السلطات في انتمائهم «لخلية إرهابية» ومبايعتهم تنظيم داعش من دون أن يكون لهم أي اتصال بكوادر التنظيم الجهادي في سوريا أو العراق.
وسبق أن أدين المشتبه في كونه زعيما لهذه «الخلية الإرهابية» عبد الصمد ايغود (25 عاما) بمحاولة التوجّه إلى مناطق سيطرة تنظيم داعش في العراق وسوريا، قبل أن تخفف عقوبته بالسجن. وتطالب «تنسيقية الدفاع عن المعتقلين الإسلاميين في المغرب» بوقف الملاحقات في حق الجهاديين العائدين من بؤر التوتر.
وحمّل الناطق الرسمي باسمها عبد الرحيم غزالي مسؤولية «هجرة» هؤلاء لسوريا والعراق إلى «فتوى العلماء التي دعت للنفير العام من أجل الجهاد في سوريا».
وقال لوكالة «الصحافة الفرنسية»: «لماذا يلاحق هؤلاء ولا يلاحق من أفتوا بهجرتهم للجهاد وكان منهم علماء مغاربة؟». وكان مؤتمر نظمته «رابطة علماء المسلمين» التي تضم علماء من السنة في القاهرة سنة 2013 دعا إلى «وجوب الجهاد» في سوريا.
ودعت هيئة أخرى تدعى «جمعية مغاربة سوريا» في بيان لها مطلع 2018 السلطات المغربية إلى «تسوية» ملف «المهاجرين» في سوريا «بما يحفظ كرامتهم، معلنة أنهم «لا يملكون أي نوايا عدائية ضد مصالح» المغرب.
وشهدت الجزائر، الجارة الشرقية للمغرب، هي الأخرى انتقال إرهابيين للقتال في سوريا والعراق، لكن مصدرا أمنيا يؤكد أنهم «أقل بكثير» مقارنة مع المتحدرين من المغرب وتونس، دون توفر أي معطيات حول عددهم أو عدد العائدين المحتملين من بينهم. ويوجد من بينهم جزائريون يحملون أيضا جنسيات أخرى.
ويوضح المصدر الذي فضل عدم كشف هويته أن «السلطات لا تعمل على استعادتهم»، مؤكدا أن «السجن مصير من يحاول منهم العودة» للجزائر.
وتفسر أستاذة العلوم السياسية بجامعة الجزائر لويزا إدريس آيت حمدوش ضعف عدد الجهاديين الجزائريين المقاتلين في بؤر توتر خارج البلد بـ«الإجراءات الوقائية الاستباقية التي اتخذتها السلطات الجزائرية لمواجهة الخلايا التي يمكن أن ترسل مقاتلين للخارج».
وتشير على سبيل المثال إلى «الإبقاء على نظام تأشيرات للسفر نحو البلدان التي يمكن أن يعبر منها هؤلاء مثل تركيا ومصر، رغم مطالبة الفاعلين الاقتصاديين بإلغاء هذه التأشيرات»، بالإضافة إلى «الصعوبات التي تواجهها الشبكات الإرهابية في تجنيد مقاتلين بالجزائر بفعل سياسة مكافحة الإرهاب ووجود فضاء آخر لاستقطاب الإرهابيين جنوبا، في مالي على سبيل المثال».