& حمد الكعبي

صورة لسيدة إيرانية، تدفع عربة قمامة، تداولها معارضون إيرانيون على «فيسبوك» و«تويتر»، تزامناً مع انعقاد مؤتمر وارسو في بولندا، لدعم الأمن والسلام في الشرق الأوسط، وكتب أحدهم معلقاً: «بينما يهدر النظام الإيراني المليارات على الصواريخ الباليستية، في سوريا والعراق واليمن ولبنان، (فإنّ) ملايين السيدات الشابات يعشن على القمامة مثل تلك السيدة».
الإيرانيون باتوا يتطلعون إلى تحرك دولي مباشر، ينقذهم من قتامة النفق الطويل الذي زج به النظام دولة غنية، تهدر مقدراتها على الأسلحة والصواريخ والاستخبارات في دول عربية عدة، وتواصل استعراضها الإعلامي في الإقليم، فيما دخل اقتصادها غرفة الإنعاش، وانهارت عملتها، وأخذت الأوضاع المعيشية لغالبية السكان في التراجع الحاد، ولم تجد حكومتها حلاً سوى بالتقشف داخلياً على الشعب الإيراني، والإنفاق، دون حساب على الميليشيات والتنظيمات الحليفة خارجياً.


السيدة الإيرانية التي انتشرت صورتها على وسائل التواصل الاجتماعي، تلخص واقع الأوضاع الاقتصادية في إيران، فالإنفاق على التنمية المحلية في أقل مستوياته في العقود الثلاثة الأخيرة. ويرى معارضون إيرانيون، تجمعوا الأربعاء الماضي أمام الملعب الرياضي في وارسو، أن الأزمة تكمن في أولويات الحكومة، فهي تقدم التصنيع النووي، ودعم حلفائها في الشرق الأوسط، على المشروعات الوطنية التي تحرك الأسواق، وتوفر فرص العمل في سوق تُراوح نسبة البطالة فيها بين 50% و63% في بعض المناطق، بحسب مركز الأبحاث الحكومي الإيراني.
على نحو أسوأ، أظهر مؤتمر وارسو مجدداً فصام قطر المبين، وقد أعلنت منذ أيام أنها لن تشارك في اللقاء، وهاجمت دعايتها «الإخوانية» السياستين الأميركية والإسرائيلية، على الرغم من العلاقات الودودة المعلنة، قبل السرية، بين تل أبيب والدوحة، ثم حضر وزير خارجيتها المؤتمر، وفي نهايته بحث رئيس وزراء قطر الأسبق حمد بن جاسم آل ثاني عن شعبوية في عواصم «الإخوان»، وصفح من طهران، فدوّن على «تويتر»، معتبراً ما حدث في وارسو تطبيعاً، ثم قال إنه «ليس ضد التطبيع مع إسرائيل، ولا ضد فتح علاقة معها» ولكنه يريد علاقة «لا تكون على حساب الحقوق الفلسطينية».
لنلاحظ حدة الفصام، وبلوغه مستويات مرَضية خطيرة، مهاجمة وارسو، ورفض المشاركة فيه، ثم الحضور بتمثيل وزير الخارجية محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، وفي الخلفية يتحدث حمد بن جاسم عن التطبيع، والحقوق الفلسطينية، متذاكياً بأنه رأي شخصي لا يمثل قطر، وهو يعلم جيداً أنه من عرّابي التطبيع المجاني مع إسرائيل تاريخياً، ولكنها المزايدة السياسية التي تجعله يتناسى أن مبادرة السلام العربية، وحل الدولتين، وسائر المرجعيات الدولية، ما تزال ثوابت عربية، ولم يفرط بها أحد.


في المقابل، حضرت الإمارات لقاء وارسو، دفاعاً عن أمنها ومصالحها في المنطقة، فإيران تحتل جزراً إماراتية، وتدعم ميليشيا الحوثي مالياً وعسكرياً لتخريب اليمن، ولا تتوقف عن التدخل في الشؤون العربية. ونحن مع أي جهد دولي، يحقق السلام في الشرق الأوسط، وموقفنا من القضية الفلسطينية وتحقيق مصير شعبها ثابت ومعروف، وخارج كل المزايدات والاستعراضات الخبيثة والخداع.

&

&

&