&عبده خال

سبق أن كتبت مقالا مطولا تحت هذا العنوان، ففي زمن لم تكن تمس الشخصية الإسلامية الحركية، كنت أتخوف من انفعال الدكتور يوسف القرضاوي، إذ كان شديد الاضطراب يقدح غضبا وتهتز أطرافه ويزبد شدقاه أثناء فتواه، يحدث عن كل ما له صلة بجماعة الإخوان سواء نصرة أو تحريض، وليس تفاخرا أو ادعاء كتبت عنه وفي وقت مبكر من خلال (الفيس بوك) مقالة أطلقت عليه لقب شيخ الدم.

ليصل الزمن بالزمن حتى نسمع ونشاهد الدكتور عبدالله النجار يصم القرضاوي أنه شخصية خطرة على الإنسانية بسبب إجازته قتل وسفك دماء الأبرياء.

ودموية الدكتور يوسف القرضاوي ترشح من أنفاسه، ولو أراد أي من القراء الوقوف على هذه الملاحظة فليفتح على أي لقاء تلفزيوني وليشاهد انفعالات هذه النفس التواقة لهدر الدم وإزهاق النفس..

ومن كان متابعا للثورات العربية يستطيع التأكيد على هذه النفس، فقد أفتى بجواز قتل الزعماء العرب، ومازالت فتواه عالقة وهو يحرض على قتل معمر القذافي، وكان هذا التحريض مقبولا حينذاك لفوران الشعوب العربية الباحثة عن التغير، أما وقد أعطتنا تلك الثورات دروسا حياتية بأن المستهدف كان إسقاط الدول وليس الأنظمة، وانتزعنا من الأحداث أن الإخوان المسلمين هم من صعد على موجة الثورات من أجل إعلان الخلافة الإسلامية بعد سقوط كل الدول العربية واعتلاء الإخوان سدة الحكم.. ومع انكسار الإخوان في مصر أفاقت الدول والناس بأن تلك الثورات ما هي إلا وسيلة لإعادة الأمة للخلف لأن تلك الجماعة رفعت شعار الماضي ولم ترفع شعار المستقبل.

ولأن المصريين كسروا شوكة جماعة الإخوان بقي في قلب شيخ الدم حسرة على سقوط الحلم الإخواني، وما فتئ يحرض على زعزعة النظام المصري بتحريض الأعضاء والمتعاطفين على إحداث عمليات إرهابية، ويمنح الإرهابين الأرضية الشرعية لإزهاق الأنفس بغض النظر عما يمكن لأي عملية إرهابية أن تنتجه من قتل أناس أبرياء، وفي آخر عملية تفجير حدثت في القاهرة كانت فتوى الدكتور يوسف القرضاوي مشرعنة لما حدث من إرهاب، فقد أفتى بجواز القتل الجماعي وليس الانفرادي، بمعنى رفض أن يقوم الفرد بالعملية الإرهابية منفردا، وإنما على الإرهابي تسليم نفسه للجماعة لكي يكون الإرهاب منظما ويحقق مكاسب ثمينة للجماعة.

الكارثة أن أعداء البشرية يجدون أماكن لمواصلة تدمير الإنسان والمستقبل أيضا، فها هو شيخ الدم لايزال حاضرا بفتواه ولا تزال العقول المغلقة أداة تنفيذ جيدة لقتل الحياة.