&محمد البيشي&&

أكد جون أبي زيد، السفير الأمريكي المعين حديثا في الرياض، أن أحد أهم أسباب قبوله مهمة العمل في المملكة، هو البرنامج الإصلاحي الذي يقوده ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، مشيرا إلى أن "رؤية السعودية 2030" لديها فرصة في إعادة تشكيل المنطقة بطريقة جديدة تماما، مؤكدا أنها محاولة جريئة لإعادة تشكيل المجتمع وتنويع الاقتصاد والتفكير بطريقة جديدة.

وقال أبي زيد في أول لقاء صحافي يجريه في المملكة بعد تعيينه أخيرا، "علاقتنا في الماضي كانت مرتكزة على البترول، لكنها لن تبقى كذلك في المستقبل ستكون على الأفكار الإبداعية والتفكير في المستقبل والتفكير في المؤسسات وفي الاعتدال.. أرجو أن يكون الاعتدال الذي تقوده المملكة في المنطقة إحدى أكثر الطرق المهمة لهزم للإرهاب والتطرف الذي رأيته".
وأوضح السفير الأمريكي في الرياض، أن لدى الولايات المتحدة والمملكة تاريخ طويل من العلاقات المميزة والمزدهرة، رغم بعض الصعوبات بين الفينة والأخرى، مبينا أنه كسفير ملتزم بتنمية العلاقة الاستراتيجية بين البلدين وإيجاد حل للمشكلات بشكل معقول، والأهم التأكد من أننا نواجه المشكلات نفسها معا.
وعن "رؤية المملكة 2030"، أكد أبي زيد أنها رؤية مذهلة، رغم اعتقاده أن الإصلاح ليس سهلا، إذ من السهل الحديث عن الإصلاح، ولكن من الصعب فعله، فهو يتمحور حول التغير الثقافي والمجتمعي وهذه أمور من الصعب فعلها، إلا أن ذلك يحدث في المملكة.
وقال "عندما يرى الناس نتائج اقتصاد متنوع بشكل أكثر ونتائج مجتمع متسامح، الذي أعتقد أنكم بدأتم سلوك هذا الطريق، فأنا أستطيع أن أرى التغير في السنوات الخمس الأخيرة منذ كنت هنا.. أنه أمر رائع إلى حد ما".
وأكد أبي زيد أنه سيسعى لأن تكون الولايات المتحدة الشريك رقم واحد لهذا البرنامج الإصلاحي، وأضاف "يمكننا استخدام خبراتنا لمساعدتكم على التفكير بشكل مختلف حول المستقبل، يمكننا استخدام إبداعنا لتقديم بعض الأفكار لكم.. أعتقد أن إبداع وخبرات الشركات الأمريكية تأهلهم ليكونوا في مقدمة التغيير، إذا استطعنا إيجاد طرق لتمكين هذه الشراكة يمكننا التحرك سويا بطريقة جدا فعالة".
وتابع "بالطبع هناك بلدان أخرى ترغب في المشاركة، أتفهم ذلك ولا بأس في ذلك، ولكني أعتقد أنكم ستحصلون على أمور تحتاجون إليها بوجود التكنولوجيا والقدرات الأمريكية والمهارات التنظيمية.. يعتقد كثير من الناس أن الأمر دائما ما يكون حول التكنولوجيا، ولكن من نواح عديدة إن الأمر يدور حول كيفية تنظيم الأمور، نحن جيدون جدا في ارتكاب الأخطاء، ولكننا أيضا جيدون جدا في مواجهة هذه الأخطاء وفي التغير، ونأمل في أن تكون تلك الفكرة.. فكرة تتبناها السعودية في هذه الإصلاحات".
وبين السفير الأمريكي أن مسار الإصلاح لن يكون مسارا مستقيما، ليس هناك خط مستقيم بين الوقت الحالي وبين 2030، وزاد "ولكن إذا كان ذلك منحنى تصاعديا أعتقد أنكم ستغيرون العالم بالنسبة لأطفالكم وأحفادكم، الأمر الذي أعتقد أننا نريده جميعا، مرة أخرى أريد أن تكون الولايات المتحدة الشريك رقم واحد، سينبغي عليكم أن تتخذوا هذا القرار، لكنني أرحب بذلك بطريقة أكبر مما تتصوروها، أنا لست هنا للانتقاد أنا هنا للشراكة".
وحول التهديدات الإيرانية للمنطقة، خصوصا حادثة التخريب التي تعرضت لها أمس الأول ناقلات بالقرب من السواحل الإماراتية، قال السفير الأمريكي في الرياض "نحن نحقق في الأمر.. نعلم بالتأكيد أن السفن تضررت من الأجزاء الخارجية، ويمكننا أن نخمن المصدر المحتمل، وبصفتي دبلوماسي أفضل أن أنتظر حتى أطلع على التقرير".
وأضاف "من الواضح أن الإيرانيين يهددون منذ فترة، وأرى أن استمرار تهديدات الحزب الثوري الإيراني، أو (فيلق القدس) بالأخص في العراق ولبنان وسورية واليمن لن يساعد... ولا يجب أن نتفاجأ إذا هددوا مكانا آخر".
وأكد أبي زيد أنه ليس من مصلحة الإيرانيين أو مصلحتنا أو مصلحة المملكة أن يكون هناك صراع، كنت آمل أن أعمل بجد على قضايا "رؤية السعودية 2030"، وهي قضايا ستعمل حكومتنا وحكومتكم معا لفهم ما حدث ولماذا حدث؟ والتوصل إلى استجابات معقولة لا تصل إلى حرب.
وقال "أعتقد أنه ربما حان الوقت للشعب الإيراني الصالح، أن يفكر في مستقبل أفضل إنه يحتاج إلى رؤية مماثلة لـ(رؤية السعودية 2030)، يحتاج إلى طريق للمستقبل ولن يتم ذلك من خلال قوات القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني، أو بواسطة الملالي، بل سيكون من خلال أهل إيران الطيبين الذين يريدون مستقبلا أفضل".

وشدد السفير الأمريكي على أن للإيرانيين أدوارا واضحة في اليمن مشيرا إلى أنهم يعبثون في اليمن.. وأضاف "هل نعتقد حقا أن لدى الحوثيين صواريخ يمكن إطلاقها من تلقاء أنفسهم دون مساعدة إيرانية؟ أي شخص يعتقد ذلك؟ بالطبع لا! لذلك نحن نعلم أنهم يتلقون مساعدة إيرانية في النصائح، ونعلم أنهم لن يطلقوا صواريخهم على السعودية دون أن يخبرهم الإيرانيون أنها فكرة جيدة".
وأضاف "لذا في الوقت الذي تقدم فيه المملكة "الرؤية" العظيمة لعام 2030، دعونا نتقدم أيضا في الاستعداد لأي شيء قد يأتي منهم، أنتم تعلمون بالتأكيد أننا ننقل بعض العتاد العسكري الإضافي إلى المنطقة، ليس لأننا نريد الحرب، لكنني أعتقد أنه من الواضح أن الإيرانيين يعتقدون أننا تركنا المكان، لذا يجب أن تكون هذه إشارة واضحة على أننا لم نرحل".
وفي سؤال عن كيف ستواجه أمريكا التأثير الإيراني للتجارة في المنطقة أكد أبي زيد "أننا لا نبحث عن حرب، الولايات المتحدة لا تبحث عن مشكلات، لكننا لن نتخلى عن أصدقائنا وحلفائنا وشركائنا في المنطقة، لذلك شعرنا أنه من الضروري في ضوء الحركات التي رأيناها من إيران تحريك قوات إضافية إلى المنطقة لحماية مصلحتنا ومصلحتهم ومصلحة أصدقائنا الآخرين في المنطقة، إذا قرر الإيرانيون اتخاذ إجراء عسكري كبير للغاية، فستكون هناك بالتأكيد استجابة من الولايات المتحدة".
وتابع "آمل أن نجد طريقا مشتركا يخفف من حدة التوتر، وجودنا خلال فترة طويلة وصعبة للغاية هنا في الخليج العربي للحفاظ على حركة التجارة، للحفاظ على حركة (البترول)، للحفاظ على اهتماماتنا جميعا في الاتجاه الإيجابي، بالطبع مثلما أشرت سابقا، نحن واجهنا بعض المشكلات في الماضي وأنا واثق بأننا سنواجه مشكلات في المستقبل، ولكني أعتقد أنه إذا وقفنا جميعا جنبا إلى جنب فسنكون بخير في مواجهة هذه المشكلة، سواء كانت تجارية أو عسكرية. ينبغي أن نتطلع إلى مستقبل مشرق ومزدهر، لكن من أجل أن تنجح "رؤية 2030" نحتاج إلى الاستقرار والأمن ونوايا حسنة من جميع الدول المجاورة في المنطقة".
وبشأن تأثير اعتدال المملكة قال "سيكون له تأثير في كل شيء. حتى على محيطها، وأنا أؤمن بذلك، توجه السعودية نحو مستقبل أكثر اعتدالا، وتوفير مزيد من الفرص الإصلاحية لشعبها لا يعني أن ما حدث في الماضي كان خطأ أو سيئا، بل يعني أنه خطوة جريئة وواضحة، التي ستجعل العالم مختلفا للغاية. أنتم من عليه تحديد ذلك. لا نريدكم أن تكونوا كالولايات المتحدة، نحن نريد فقط أن تكونوا المملكة العربية السعودية، الدولة الشريكة القوية ذات الإرادة والعزم لتحقيق رؤيتها".
وحول تعيين السفيرة ريما بنت بندر بن سلطان في واشنطن كأول امرأة سعودية تقوم بهذه المهمة.. قال أبي زيد، "أنا متحمس حيال ذلك، وأعتقد أنها إشارة رائعة لشعبي، وأنها خطوة ربما تأخذ السعودية مثلها أكثر وأكثر بمرور الوقت في أماكن أخرى، إنها مثال على خطوة جريئة".
وأضاف "التقيتها منذ فترة قريبة، كانت فرصة قصيرة تبادلنا فيها التحية، لقد وجدت أنها ذكية جدا وذات قدرات كبيرة وأن شخصيتها جذابة للغاية، وأتمنى لها كل الخير، وقلت لها إننا ربما نستطيع العمل معا بطرق ستساعد كلا بلدينا على المضي قدما بطريقة إيجابية جيدة، لذا فأنا متحمس لوصولها".
وفي شأن تعاون السعودية في سوق النفط، قال أبي زيد، "إن مستوى التعاون بين البلدين جيد ونشعر بالامتنان، لأن مستوى التعاون قد أبقى أسواق النفط هادئة، موضحا أن الإيرانيين يحاولون دفع أسواق النفط إلى الاتجاه المعاكس".
وأكد أبي زيد أن الشراكة الاستراتيجية بين البلدين لن تعتمد على النفط فقط بعد اليوم، بل ستعتمد على نجاح الإصلاح ونجاح الاعتدال، وقيادة السعودية بصفتها دولة عربية رائدة، وهكذا ستتيح لنا أشياء كثيرة المضي قدما بطريقة إيجابية.
وأضاف "أنا متفائل للغاية بشأن مضينا إلى الأمام، لذلك سيأتي وقت، بل الوقت قد حل بالفعل، تتحرك فيه سوق النفط السعودية شرقا، وعندما أقول شرقا فأنا لا أعني فقط إيران، بل الدول الشرقية. من المنطقي ذلك إذ إن لديهم عجز، ولديكم وفرة كبيرة في الإنتاج. هذا لا يعني أن علاقاتنا التجارية ستتلاشى. أعتقد بالفعل أن علاقتنا التجارية ستكون أكبر بمرور الوقت. خاصة نحن ندخل في تلبية الإصلاحات، أنا مقتنع تماما بذلك".
وأوضح السفير الأمريكي أنه سيعمل كسفير لتوفير الفرص للاستثمارات والشركات الأمريكية لتنفذ هنا، والاستثمارات السعودية لتنفذ في الولايات المتحدة، وسيعمل على تنمية هذا النوع من العلاقات المتبادلة على المدى الطويل، وسيكون أفضل بالنسبة لنا من النمط القديم وهو علاقة أحادية الاتجاه حول النفط.
وتابع "ربما يكون هناك أشخاص يعارضون هذه الكلمات، لكنني عندما نظرت إلى المستقبل ومرة أخرى أثني على ولي العهد في تطلعه إلى المستقبل.. وكون المستقبل يدور حول التنوع الاقتصادي، المستقبل هو فرصة للتحرك على جبهة واسعة في عديد من المجالات المختلفة، لذلك أعتقد أنه لا توجد دولة في وضع أفضل لمساعدة السعودية على تحقيق ذلك من الولايات المتحدة. إن العدد الكبير من السعوديين الذين درسوا في الولايات المتحدة يصل إلى مئات الآلاف، وهم الذين يدفعون عجلة التغيير ونحن ملتزمون تماما بمواصلة هذا النوع من العلاقة التعليمية، بالطبع سيتخلل ذلك مشكلات على الدوام، وقد واجهنا كثيرا من المشكلات وسنستمر في مواجهة عديد من المشكلات في هذه الفترة من الإصلاح".
على الصعيد السياسي وقضايا المنطقة أكد السفير الأمريكي أن "هناك اختلافات، لكننا بحاجة إلى تجاوز المشكلات الطائفية في المنطقة.. لا يمكن أن تستمر الطائفية في حكم المنطقة، يجب علينا أن نضع الطائفية وراءنا ونمضي قدما ونقول: حسنا، لننظم أنفسنا مرة أخرى بطريقة كانت تجعل التضامن العربي مهما".

وتابع "هل يمكن أن يحدث ذلك؟ لن يحدث بسرعة ولكن هل يمكن أن يحدث؟ أعتقد أن ذلك ممكن، وأعتقد أن فكرة القومية العربية لم تنته بعد. أفغانستان والدول العربية في المنطقة، وفي نهاية المطاف العراق تعد دولة عربية. يريد العراق أن يكون في وسط العالم العربي وبالطبع هناك اختلافات".
وأضاف "يمكن للسعودية أن تلعب دورا مهما في ذلك، فهي قائدة في العالم الإسلامي.. بالطبع الملك هو خادم الحرمين الشريفين، إن تنظيم الدول الإسلامية مهم للغاية، وأنأ أحث نفسي للتساؤل والبحث عما الذي يجدر التفكير به لتحقيق مزيد من التعاون بين الدول الإسلامية؟.. أعتقد أن هناك كثيرا من الفرص المناسبة لنا إذا فكرنا فيما نريده لأدياننا أن تحمل للعالم السلام والازدهار والحياة الجيدة".
وقال أبي زيد "إنه من المؤسف ما نراه في سورية، وكردستان، والأماكن القريبة منها، ولكني أعتقد أيضا أن الأشخاص الخيرين في المنطقة تعبوا من السعي لإيجاد طريقة لتهدئة الأوضاع وللمضي قدما بهذه الكيانات، إلا أنهم ليسوا بحاجة إلى أن يتدخل الإيرانيون ويسعون في دمارهم، إنهم بحاجة إلى إيجاد طريقة تستطيع فيها الإمارات والسعودية لإعادتهم إلى تلك الأخوة والاستفادة من هذه الرابطة الأخوية في تضميد جراح الماضي وتحقيق الازدهار في المستقبل".

وحول أولويات عمله في السعودية أكد السفير أبي زيد أن الأولوية الأولى هو أن أصل بالعلاقة بيننا إلى مستوى يمكن من خلاله أن نحقق معا "رؤية 2030" على نحو متبادل، ولا يعني هذا أننا سنهيمن في عملية المساعدة، ولكننا سنلعب دورا مهما في مساعدة قيادتكم لتحقيق "رؤية 2030".
ثانيا، ضمان أمن أصدقائنا في المنطقة، ليس من خلال وضع قواتنا في أراضيهم ومواجهة العدوان الذي يتعرضون له، بل من خلال إعطائهم الإمكانات والصلاحيات للدفاع عن نفسهم.
كلنا نعلم أن القوات المسلحة هي لمساعدة الناس في حماية أنفسهم أكثر من نشر القوات على الأراضي، لكي يسيطروا على أي أمر محدد، إذا كانوا بحاجة إلى حماية ممتلكاتهم ومصالحهم فعندها يتعين عليهم ذلك.
وأضاف "ولكني أؤمن أنه في هذه المرحلة الانتقالية التي فيها القوات المسلحة لأصدقائنا وشركائنا في المنطقة، يمكنها الإصلاح لكي تصبح أكثر استقلالية".
ثالثا، ومن الناحية التجارية أعتقد أنه يجب أن نتطلع إلى مزيد من الفرص خارج "رؤية 2030"، التي تمكننا من اكتشاف مزيد من الأمور التي يمكننا القيام بها، وكذلك الاستثمارات ذات المنافع المتبادلة، والمشاريع المشتركة ومنها التبادل التعليمي قوي. إذ لاحظت أن هذا التعاون قد أحدث فرقا كبيرا في المنطقة، فهو مهم للغاية.