&FINANCIAL TIMES&&

&&&&& جيمس بوليتي&&

بعد ساعات من تصعيد الرئيس الأمريكي دونالد ترمب التوترات التجارية مع الصين، بفرض رسوم جمركية أعلى على واردات البلاد، بدأ لو دوبس، مذيع شبكة فوكس المحافظة، بثه المسائي بموشح تزكية عريض، مشيدا بهذه الخطوة.
"منذ فترة طويلة، كانت الصين الشيوعية تغش الولايات المتحدة في التجارة"، حسبما قال. "ترمب صاغ الأمور على نحو واضح: لقد انتهى زمن فشل الرؤساء السابقين في تمثيل المصالح الأمريكية بقوة في السياستين الخارجية والاقتصادية، فها هو ترمب يحقق النجاح في إيجاد من يؤمن به من الصينيين اليوم"، حسبما أضاف.
دوبس هو أحد النقاد المفضلين لدى ترمب لوجهات نظره المتشددة حول التجارة والهجرة، وولعه بنظريات المؤامرة. رضاه عن موقف الرئيس من التجارة يعكس البهجة السائدة بين "الصقور" في واشنطن، في اتجاه المفاوضات مع بكين، على الرغم من أن الأزمة قد دقت ناقوس الخطر للاقتصاد العالمي.
لعدة أسابيع، ثارت مخاوف المؤيدين الأمريكيين للتشدد مع الصين من أن ترمب قد يستقر عند حل وسط مهدئ للأسواق، من شأنه أن يحل قليلا من المشكلات المتجذرة في العلاقات التجارية الثنائية.&
إضافة إلى ذلك، أعربوا عن أسفهم لأن ترمب تخلى عن نفوذ كبير بفشله في الانتقال إلى فرض رسوم جمركية أعلى على الواردات الصينية في وقت سابق من هذا العام، مثلما خُطط له في الأصل.
في الأسبوع الماضي، بعض هذه الشكوك جُرفت بعيدا. اتهمت إدارة ترمب الصين بالتنصل من التزاماتها، وتحركت لرفع الرسوم الجمركية على الواردات الصينية البالغة 200 مليار دولار في غضون خمسة أيام، وبدأت عملية لفرض رسوم ضريبية على جميع الواردات الصينية المتبقية، بقيمة 300 مليار دولار أخرى.

يبدو أن البيت الأبيض قد تبنى بالكامل فكرة اعتبار الصين مفترسا اقتصاديا لن يغير سلوكه إلا إذا تمت ممارسة أقصى قدر من الضغط عليه، مع تجاهل الأضرار المحتملة للمستهلكين والشركات الأمريكية.
المسؤولون الأمريكيون الذين كانوا أكثر قبولا للتسوية مع بكين، بمن فيهم لاري كودلو، مدير المجلس الاقتصادي الوطني، وستيفن منشن، وزير الخزانة الأمريكي، أيدوا نهجا أكثر تصادمية دعا إليه روبرت لايتيزر، الممثل التجاري الأمريكي وبيتر نافارو، مستشار البيت الأبيض في مجال التصنيع.
"البعض في إدارة ترمب يأمل في الإيثار من بكين". الرئيس شي حول الآن "الحمائم" التجارية ضده من خلال تغيير الوعود السابقة.&
وقد قلل من عزم قرار ترمب، حسبما كتب مايكل ستومو، الرئيس التنفيذي لمجموعة التحالف من أجل أمريكا مزدهرة، وهي مجموعة تمثل أصحاب المصانع والنقابات المتشككين في التجارة الدولية، في مقال على موقع المجموعة على الإنترنت هذا الأسبوع.
لم يؤد التحول إلى غمر مفاوضات الولايات المتحدة مع الصين في مياه مجهولة فحسب، بل قد يكون بمنزلة تحذير لشركاء أمريكا التجاريين الآخرين، بأن ترمب ربما ينقلب عليهم أيضا.
على وجه الخصوص، ربما يثير مخاوف في الاتحاد الأوروبي واليابان من أن واشنطن قد تفرض تعريفة جمركية على واردات السيارات، وفي كندا والمكسيك من أن ترمب يمكن أن يتحرك للانسحاب من "نافتا"، ما لم يسرع الكونجرس الأمريكي في الجهود المبذولة للتصديق على "أوسمكا" الاتفاقية البديلة لـ"نافتا" التي وقعها ترمب العام الماضي.&
هذه الصفقة توقفت في الكونجرس وسط مقاومة الديمقراطيين.&
"هذه الأحداث يمكن أن تكون نقطة تحول، أو ربما تؤدي فقط إلى مزيد من الشيء نفسه. الحقائق هي ما هي عليه. على أن كل خطابات ترمب تتمحور حول الصفقات، ولقد كانت سياسته الحقيقية الوحيدة حتى الآن هي إغلاق التجارة. بعد كل هذا، فإن مباراته النهائية ربما تكون مجرد تعريفات جمركية"، حسبما قال تشاد باون، من معهد بيترسون للاقتصاد الدولي.
المقربون من المفاوضات يقولون "إن أحد العوامل الرئيسة التي تشجع ترمب، هو التحسن في أسواق الأسهم الأمريكية - والتوقعات الاقتصادية - التي وضعته في مركز قوة.
هناك بيانات أخرى - بما فيها تخفيض العجز التجاري الثنائي مع الصين وكبح أرقام التضخم - ساعدت كذلك على إثبات التصعيد، ما يشير إلى أن التعريفات الجمركية كان لها تأثيرها المقصود، مع تأثير سلبي ضئيل على الأسعار".
في تغريدة، تجاهل ترمب مخاوف الأعمال بما سماه اقتراحا "بسيطا للغاية"، بينما أذكى كذلك مخاوف من أن هدفه النهائي هو كسر سلاسل الإمداد التي تربط الولايات المتحدة والصين. "مثال لوسيلة سهلة لتجنب التعريفات؟ اصنع سلعك ومنتجاتك أو أنتجها في الولايات المتحدة القديمة الجيدة" حسبما كتب. بالنسبة إلى عديد من المحللين والاقتصاديين، فإن المتشددين في واشنطن، بمن فيهم أولئك داخل الإدارة، يستهينون كثيرا بالتعقيد والمخاطر التي ينطوي عليها تصعيد الرهان في الحروب التجارية.
"الواقع الاقتصادي هو أن ملايين الأمريكيين سواء كانوا في الصناعة أو بصفتهم مستهلكين يعتمدون على المنتجات من المصانع التي نقلتها الشركات الأمريكية إلى الصين وغيرها، من منشآت الإنتاج منخفضة التكلفة قبل عشرة أو 20 عاما"، حسبما كتب كريس روبكي، كبير الاقتصاديين الماليين في مجموعة إم يو إف جي في مذكرة الأسبوع الماضي، مضيفا أنه "سبق للرسوم الجمركية أن دفعت الاقتصاد إلى الكساد العظيم – في ثلاثينيات القرن الماضي - وها هو الاقتصاد يبدأ الآن بمغازلة الكارثة، مرة أخرى".
تأثير "الصقور" ضد الصين داخل الإدارة الأمريكية وخارجها انداح على مدار العامين الماضيين، وربما يحدث ذلك مرة أخرى، لذلك ربما يمتد رضاهم عن الرئيس لفترة قصيرة. في الواقع، فإن إبرام صفقة مع بكين لا يمكن استبعاده بعد - حتى في غضون فترة زمنية قصيرة نسبيا - إذ إن من المحتمل لكل من ترمب وشي أن يتقابلا في قمة مجموعة العشرين في أوساكا - اليابان في نهاية حزيران (يونيو) المقبل – وبالتالي فإن ارتياح الصقور ربما يكون قصير الأجل أيضا.

قال ترمب "إن المحادثات ستستمر"، وقال مسؤولون صينيون أيضا "إن المحادثات لم تتعطل تماما". في الوقت الحالي، يمكن للرئيس الأمريكي أن يستمتع بأوراق اعتماده المتشددة على الصين، خاصة بين أنصاره الأكثر ولاء له. "عندما يتعلق الأمر بالصين، يجب أن نكون مستعدين لقبول الألم على المدى القصير لتحقيق مكاسب طويلة الأجل. تمسك بموقفك سيدي الرئيس. نحن خلفك"، حسبما كتب ليندسي جراهام، السناتور الجمهوري من ساوث كارولينا، على منصة تويتر.
أما بالنسبة إلى لو دوبس، إضافة إلى ملاحظاته الافتتاحية، فقد استضاف مايكل بيلسبري، وهو من "صقور" الصين البارزين في معهد هدسون في واشنطن، فقال الأخير "إنه يوم عظيم، هذه ضربة قاصمة للعدوان الصيني".

&