&عبدالمحسن يوسف جمال

لم تعد الحروب حلاً للأزمات، ولم يعد الحل العسكري أمراً مخيفاً للشعوب والدول الصغرى، لأن قواعد الصراع في العالم تغيرت تغيراً كبيراً جعل موازين القوة تتبدل من الجانب العسكري الى جوانب اخرى، منها الاقتصادي والسياسي وتضارب المصالح وتوازنها مع دول اخرى.. وذلك جعل كثيرا من الاسلحة المتقدمة غير ذات جدوى.. فلم تعد هناك قوة منفردة تتحكم بتحريك الاحداث في هذا العالم، بل اصبحت «القوى الناعمة» اكثر تأثيرا من القنابل النووية العديمة الجدوى في عصر الإعلام المفتوح. اليوم وصل المواطنون المسلمون الى مركز القرار الاميركي، ودخلت اول امرأتين مسلمتين، إحداهما بحجابها، الى مجلس النواب في الكونغرس الاميركي. اليوم اضحت روسيا الاتحادية صاحبة نفوذ اقوى في الشرق الاوسط، بعد تمركزها في سوريا العربية وتعاونها مع ايران المطلة على الخليج. اليوم اخذت الولايات المتحدة والمديونة بعشرة تريليونات دولار تسعى الى الحصول على الاموال للاستثمار في اعادة بناء بنيتها التحتية، التي تآكلت بسبب افتقارها الى الدولار (الذي تطبعه من دون غطاء).

لم تعد اوروبا الحديثة «تثق» بالقرار السياسي الذي تتخذه واشنطن، فوقفت ضده واصطفت مع ايران وروسيا والصين للحفاظ على الاتفاقية النووية في مفارقة غير مسبوقة في السياسة الدولية، بل وتدافع عنها ضد الانسحاب الاميركي غير المبرر . اليوم تعلن اميركا في سابقة لافتة للنظر ــ وان كان بأسلوب غير مباشر ــ ان السفير البريطاني لديها شخص غير مرغوب فيه! اليوم لم تعد اسرائيل «بعبع» الشرق الاوسط، بل اضحت هي التي تبني الجدار تلو الجدار خوفا من المقاومة العربية! كل ذلك يعني ان قوة الدول لم تعد بتكديس السلاح والتحدث عن القنابل النووية، بل اضحت الدبلوماسية الذكية وسياسة العمل الانساني البعيد عن الحروب، وحوار الشعوب المباشر من خلال وسائل الاتصال الحر، والمساعدات الانسانية للشعوب المستضعفة والوقوف مع الحق، هي السلاح الامضى في انتصارات غير مسبوقة في التاريخ الانساني نشاهدها امام اعيننا اليوم.

&