&&شاهر النهاري&

من تلدغه الحية، ليس كمن يشاهد حركتها من خلف شبك متين، وليس كمن يرقبها على الشاشة، وكلهم ليسوا مثل من يشاهدها رسماً كاريكاتيرياً، ولا مثل من يجدها في فيلم كارتون للأطفال بدور الأم الحانية على حرابيشها، متخذة صورة الطيبة المظلومة، التي تبحث عن منطقة سلام، بعيداً عمن يهشونها، ويبعدونها عن منازلهم بقسوة، وعدم ثقة!

حية جماعة الإخوان ظهرت في عدة أماكن من دول الشرق الأوسط، وكانت تختلف في أدوارها، وفي تلوين وخلس جلدها، ومستوى سميتها وفتكها.

مصر كانت أكثر من لدغ منها، منذ تكوين الجماعة فكرياً، وارتيادها الشأن السياسي، وتمكنها من المناهج والمجتمع، ومن ثم الحياة البرلمانية السياسية، حتى لدغت لدغتها القاتلة، باختطاف ثورة الشباب المصري، وإصابة أطراف الوطن بالشلل، الذي ما تزال آثاره تحتاج للعلاج، والتشافي.

المملكة والإمارات والبحرين عرفت عن نيات هذه الحية الرقطاء، وعن خططها للإيقاع بأكبر عدد من ضحاياها، فقررت طردها خلف شبك سلوى، وقد نجحت في ذلك.

في تونس، وليبيا، والجزائر، والمغرب، والأردن، والسودان، وموريتانيا، ما تزال تظهر لهم بين الحين والآخر بصور مزعجة، وهي تتدلى من يد الحاوي، وتنفث السم القاتل.

دولة الكويت، كانت آخر من أعلن عن اكتشاف وجود تلك الأفعى السامة في عمق كيانه المسالم، عبر خلية إرهابية بلغ تعداد أفرادها الأولي 8 أشخاص، وقد اعترفوا بجرائمهم السابقة في حق الوطن المصري.

الأمر جلل، والمهمة صعبة، وتحتاج للبحث، عمن زوروا أوراق دخولهم، ومن مول، وحرك.

بعد ساعات هرب نحو 300 مرتعب من أعضاء الجماعة المصريين خارج الكويت، وارتفع جعير الناطق الرسمي للجماعة همام يوسف من تركيا يطالب الكويت بعدم تسليم أعضاء الخلية لمصر.

تركيا أردوغان، ما زالت حية تسعى بخطتها القديمة المتجددة لاستعادة الصولجان العثماني، وقبعة الخلافة، وهي تعلم أن الإخوان، يدها الطولى، بوجود طيف عربي مغيب متشدد يحلم بديموقراطية مؤدلجة ناقصة، وينجرف للمثاليات، والشعارات، والزيف، مهما أحدث ذلك من تخريب للأوطان العربية.

حكومة قطر، هي الحاوي الثاني الحاضن لتلك الأفاعي، بيقين أنها محصنة ضد سمومهم، فيصمت إعلامهم عند الكشف عن خلاياهم، ثم يشكك في الوقائع والمصداقية، بخطة قلب الحقائق بالتهميش.

الكويت أمام معضلة، فهي تعلم أن الإخوان موجودون واقعاً على أرضها بعدة صور، من متعاطفين، وجمعيات خيرية، ومن بعض الإعلاميين والنافذين في مجلس الأمة، مما يُصعب عليها تبديل سياسة النفس الطويل، والمضي إلى تجريم تلك الجماعة بكل قوة.

الحرب بين مربي الأفاعي، وبين الدول العربية والإسلامية ستستمر، والعقول المسروقة سيستمر غسيلها بمسحوق الوهم.

ولكن الدول والشعوب العربية الساعية للأمن والسلم، تعول على وعي الأجيال الجديدة، ممن سيرفضون أفاعي الإخوان مهما تماهت وتشكلت وادعت وتمسكنت.