بدأت مواكب حجاج بيت الله الحرام تغادر أراضي السعودية عبر منافذها البرية والبحرية والجوية بعد قضاء نسكهم وإتمام أدائهم للركن الخامس من أركان الإسلام، فيما شهدت المنافذ السعودية الجوية والبرية والبحرية حركة عالية وكبيرة لمغادرة الحجاج حاملين معهم أجمل الذكريات والقصص.

ووقف بعض الحجاج قبل مغادرتهم الأراضي السعودية يتذكرون أجمل اللحظات أيام الحج ليروي الحاج الأردني عبد الحليم جمعة يوسف لوكالة الأنباء السعودية قصة له مع الحج قبل 50 عاماً قائلا: «لقد أديت قبل خمسين عاماً الحج مع والدتي وكانت الخدمات حينها متواضعة مقارنة بما تشهده المشاعر المقدسة اليوم، فحانت لحظة وقوفنا بمشعر (عرفة) وطلبت مني والدتي حينها أن أقوم بحملها إلى جبل الرحمة التي كانت تعتقد أن لا حج لنا إلا بالوقوف عليه، فحاولت إقناعها بأن المكان الذي نقف به صحيح، توضيحاً لها وخشية عليها من مشقة الزحام وكذلك صعوبة حملها في ظل الأجواء الحارة التي كانت عرفة تمر بها آن ذاك، فقالت لي: حملتك في بطني 9 أشهر ولم أشتك من تعب حملك فهل يضيرك حملي إلى هذا المشعر اليوم، فما كان مني إلا أن حملتها حتى صعدت بها إلى أعلى الجبل».

وأضاف: «وفي هذا العام وبعد مرور تلك السنين حججت بصحبة ابني فهطلت علينا الأمطار في مساء الوقوف بعرفة، فاشتقت للاقتراب أكثر من جبل الرحمة إلا أن صحتي لا تساعدني ولا حتى عمري، فطلبت من ابني أن يحملني إلى الجبل فحملني بالطريقة نفسها التي حملت أمي حينها حتى أوصلني إلى المكان فتذكرت معه هذه القصة باكيا». وتابع الحاج «عبد الحليم» قائلاً: «نعود وفي جعبتنا كثير من المواقف والحكايات لكننا لا ننسى تفاني الجميع في خدمة ضيوف الرحمن، ورأيت حجم التطور الكبير الذي شهدته المشاعر المقدسة والحرمين، ففي السابق كان الحج مشقة رغم الإمكانات المتوافرة حينها، لكنه اليوم ميسر ومريح في كل مراحله»، مثنياً على التفاعل الإنساني من القوات الأمنية والخدمية والصحية الموجودة في المشاعر المقدسة التي وفّرت أقصى درجات الراحة والأمان لهم. أما الحاجة الفلسطينية عطوف شامخ ذات السبعين سنة فتقول: «قصتي مع الحج بدأت عند رغبتي بأدائه قبل 5 سنوات ودخلت ضمن القرعة الخاصة بذلك وفي كل عام كنت أمني نفسي بأن يتم اختياري ولكن لم يكن يحالفني الحظ، ومن شدة تعلقي بالحج أظل متابعة للتلفاز وأتعايش مع الحجاج في كل تنقلاتهم وكأنني معهم، وفي هذا العام تم اختياري لأداء هذا النسك العظيم، فلم تكن فرحتي عابرة حيث أغمي علي عند سماعي لخبر قبولي لأداء فريضة الحج من شدة فرحتي، والآن أقف مودعة لأراضي السعودية بعد أن من الله علي بالحج ويسره».

إلى ذلك، أكد الشيخ محمد عامر فيض الرحمن المفتي العام ورئيس مجلس العلماء النيوزيلندي أن وقوف السعودية بجانب أسر وذوي الشهداء والجرحى في الحادث الإرهابي الذي وقع في نيوزيلاندا صورة مضيئة ورسالة سامية للسعودية التي تقود العالم الإسلامي بكل جدارة واقتدار، منوهاً بأن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز غمر أسر الشهداء بعطفه وكرمه، وهو ليس ملكاً لبلاده فقط بل للأمة الإسلامية.

ورفع المفتي العام ورئيس مجلس العلماء النيوزيلندي الشيخ محمد عامر فيض الرحمن، الشكر للملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان؛ على ما يقدمانه للإسلام والمسلمين من خدمات جليلة هي محل تقدير جميع المسلمين بالعالم، منوهاً بالخدمات والتسهيلات التي قدمتها السعودية، ممثلة بوزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، لكل الحجاج المستضافين خلال وجودهم بمكة المكرمة والمدينة المنورة.

&