&عبدالله بن بخيت

&

&لو تتصادم عربتان في أذربيجان فسنسمع من يقول إن كل شيء في السعودية تطور عدا الإعلام. لم يمر يوم واحد في السنوات الثلاث الماضية دون أن أسمع هذا الموضوع.

تذكرني هذه الشكاوى بالصحافة في فترة السبعينات والثمانيات، كانت مساحة النشر ضيقة، فتركزت معظم الكتابات على قضية واحدة، كل من يريد أن يكتب أو يبدأ الكتابة أو ما لقي موضوعًا يكتب عنه كتب عن قضية غلاء المهور. ميزة الكتابة عن غلاء المهور أن كل شيء فيها واضح ومحدد ومجرب. لا تحتاج إلى براعة أو ابتكار أو بحث، حتى الألفاظ والعبارات والنصيحة النهائية في متناول الجميع، تستطيع أن تكتب فيها مقالاً طويلاً ومقالاً قصيرًا أو حتى خطبة في مسجد. إذا أردت أن يكون مقالك طويلاً فعليك بسرد الأدلة الدينية والحكم العربية والأمثال، أما إذا أردته قصيرًا ملمومًا فعليك أن تقول ما تقول بصورة النصيحة العجلى. لا يمكن أن تقرأ جريدة في السبعينات والثمانينات دون أن تطالع عنوان (يسروا ولا تعسروا)، أو (بناتكم أمانة في أعناقكم)، أو (ما هكذا تورد الإبل يا آباء)، كما انتشرت كلمات، مثل: فلذات أكبادكم، عزوف الشباب، التبذير.. إلخ. لا أتذكر هل تم تخفيض المهور وحُلت المشكلة، أم أن الصحف توسعت في الموضوعات ونسيت الموضوع؟

يبدو لي أن الحديث عن ضعف أداء الإعلام السعودي أصبح موضوعًا لمن لا يجد موضوعًا. ميزة قضية الإعلام عن بقية القضايا حضوره في تفاصيل حياتنا. عدم وضوح الدور الذي تسهم به الـ"سوشيال ميديا" وضع قضية الإعلام على أفواه الجميع. فوضى الـ"سوشيال ميديا" هل هي أخبار، سواليف، شتائم، غزل، نكت. تكتب فيه باللغة التي تخاطب بها ربعك في الاستراحة. لا يدرك بعض الناس أن هذا الإعلام موجود في الغرب قبل الـ"سوشيال ميديا". من زار لندن في العقود الماضية فسيعرف الـ"هايد بارك"؛ "تويتر"، ولكن على الهواء الطلق.

لا يدرك الأخوة المتباكون على الإعلام أن الإعلام شيء والثرثرة شيء آخر. أن تأتي إلى "تويتر" وتنفس عن مشاعرك المكتومة ليس له علاقة بالإعلام. هذا ما كان يفعله خطباء الـ"هايد بارك". لم تأخذ عنهم الصحافة الشيء الكثير. حتى ما عرف بالصحافة الصفراء لم يذهب كتابها وصحفيوها مذهب كُتاب "تويتر".

لا شك أن الإعلام السعودي يواجه أزمة كبرى، ضرورة وجود الإعلام تفرض عليه&أن يبحث عن استراتيجية جديدة، ولكن هذا يحتاج إلى وقت.

الإعلام السعودي ليس وحيدًا في هذه العاصفة. لا يدرك هؤلاء أن مشكلة الإعلام عالمية.