&فاتح عبد السلام

حتى‭ ‬لو‭ ‬لم‭ ‬يقل‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الامريكي‭ ‬بومبيو‭ ‬ان‭ ‬تنظيم‭ ‬داعش‭ ‬عاد‭ ‬أقوى‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬مناطق‭ ‬العراق‭ ‬وسوريا‭ ‬،‭ ‬فإنّ‭ ‬الدلائل‭ ‬جميعها‭ ‬تشير‭ ‬الى‭ ‬انّ‭ ‬التجربة‭ ‬العراقية‭ ‬التي‭ ‬انتصرت‭ ‬على‭ ‬التنظيم‭ ‬في‭ ‬الظاهر‭ ‬وانتزعت‭ ‬منه‭ ‬المدن‭ ‬بتضحيات‭ ‬لايكاد‭ ‬العقل‭ ‬البشري‭ ‬يصدقها‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬احتلها‭ ‬في‭ ‬ساعات‭ ‬مظلمات‭ ‬،‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬تجربة‭ ‬كافية‭ ‬لتأمين‭ ‬شبكة‭ ‬حماية‭ ‬لسيادة‭ ‬البلد‭ ‬من‭ ‬التدخل‭ ‬الخارجي‭ ‬،‭ ‬مهما‭ ‬كان‭ ‬عنوانه‭ ‬،‭ ‬دعم‭ ‬تحالف‭ ‬أو‭ ‬خبرة‭ ‬أصدقاء‭ ‬أو‭ ‬تعاون‭ ‬مستشارين‭ ‬أو‭ ‬تبعية‭ ‬بالتبني‭ ‬أو‭ ‬حاجة‭ ‬الضعيف‭ ‬للقوي،‭ ‬أو‭ ‬أيّ‭ ‬مسمى‭ ‬آخر،‭ ‬راق‭ ‬لناس‭ ‬ولم‭ ‬يرق‭ ‬لآخرين‭ .‬

السيادة‭ ‬ليست‭ ‬مناصب‭ ‬سيادية‭ ‬وزيارات‭ ‬برتوكولية‭ ‬يجري‭ ‬فيها‭ ‬احترام‭ ‬العلم‭ ‬العراقي‭ ‬وتقدير‭ ‬ممثله‭ ‬أمام‭ ‬الشاشات‭ ‬،‭ ‬السيادة‭ ‬شيء‭ ‬آخر،‭ ‬لعل‭ ‬التعريف‭ ‬الاقرب‭ ‬لها‭ ‬لا‭ ‬يستنبطه‭ ‬ويتذوقه‭ ‬إلاّ‭ ‬مَن‭ ‬عرف‭ ‬معنى‭ ‬فقدان‭ ‬السيادة‭.‬

لو‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬منطق‭ ‬بالمحاججة‭ ‬يقبل‭ ‬به‭ ‬العالم‭ ‬،‭ ‬لسألنا‭ ‬السيد‭ ‬بومبيو‭ ‬،‭ ‬لماذا‭ ‬يرجح‭ ‬عودة‭ ‬تنظيم‭ ‬داعش‭ ‬بشكل‭ ‬أقوى‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وسوريا‭ ‬،‭ ‬وهما‭ ‬دولتان‭ ‬عانتا‭ ‬من‭ ‬التنظيم‭ ‬الى‭ ‬حد‭ ‬القناعة‭ ‬بأن‭ ‬عودته‭ ‬من‭ ‬المستحيلات‭ ‬لأن‭ ‬الشعبين‭ ‬لن‭ ‬يسكتا‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬البلوى‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬؟‭ ‬ولماذا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تظهر‭ ‬هذه‭ ‬التنظيمات‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وسوريا‭ ‬فحسب‭ ‬ولا‭ ‬يتنبأ‭ ‬بومبيو‭ ‬بظهورها‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬الجوار‭ ‬التي‭ ‬عليها‭ ‬الف‭ ‬علامة‭ ‬استفهام‭ ‬في‭ ‬علاقاتها‭ ‬المشبوهة‭ ‬مع‭ ‬التنظيم‭ ‬؟

لماذا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬النبوءات‭ ‬الامريكية‭ ‬بحرق‭ ‬هذه‭ ‬الارض‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬؟وهل‭ ‬بقي‭ ‬منها‭ ‬شيء‭ ‬؟

أين‭ ‬نحن‭ ‬ذاهبون؟‭ ‬وأين‭ ‬هم‭ ‬ذاهبون؟

لقد‭ ‬خرّبت‭ ‬التمزقات‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬جميعها‭ ‬نتاج‭ ‬تبعيات‭ ‬خارجية‭ ‬ذليلة‭ ‬،‭ ‬فكرة‭ ‬وجود‭ ‬سيادة‭ ‬تتصدّى‭ ‬لأي‭ ‬خطر‭ ‬يحدق‭ ‬بالعراق‭ ‬،‭ ‬كما‭ ‬خرّبت‭ ‬بناء‭ ‬البلاد‭ ‬واعمارها‭ ‬برغم‭ ‬المليارات‭ ‬المستحصلة‭ ‬من‭ ‬الثروة‭ ‬النفطية‭ .‬

ما‭ ‬هكذا‭ ‬يكون‭ ‬التعاون‭ ‬مع‭ ‬العالم‭ ‬لحفظ‭ ‬السيادة‭ ‬،‭ ‬فمتى‭ ‬يستطيع‭ ‬العراق‭ ‬منع‭ ‬أي‭ ‬تدخل‭ ‬في‭ ‬شؤونه‭ ‬وقراراته‭ ‬،‭ ‬كما‭ ‬تفعل‭ ‬ايران‭ ‬وتركيا‭ ‬مثلاً‭ ‬؟