أكتب في آخر يوم من رمضان، أتأمل كم الفنون التي يأتي بها هذا الشهر، وكم الفنون التي نودعه بها ونحن نستقبل العيد. رمضان: كل ما يحيط به فن، كل ما يأتي به جميل.

من بداية دخوله، ونحن نختار بطاقات المعايدة، رمضان كريم، ونحن نبذل الوقت لاختيار البطاقة الأجمل التي نرسلها للأحبة، توقفت شكوى الناس من اعتماد الواتساب وسيلة لإرسال التهنئة، وجدوا أن القلوب تعرف حتى عبر الواتساب من الصادق منهم، ومن يختار بعناية العبارات الأجمل.

ثم يأتي دور فيديوهات الدعاية التي تبرع فيها مختلف الجهات، ينجح البعض في شدنا إلى مشاهدته عدة مرات، بينما ينال الآخرون شرف المحاولة.

التلفزيون، والمسلسلات، والسباق الرمضاني الذي تعودنا عليه بين القنوات، خفت قليلاً، أو كثيراً، الكبار في السن يتوقفون عن مشاهدتها في رمضان، يأجلونها لبعد العيد، والصغار في السن لا يتابعون المسلسلات العربية، وما بين الاثنين هناك من هم مثلي، يتابعونها ليس عبر القنوات وإنما عبر المنصات، حيث تختار وقت المشاهدة حسب جدولك اليومي، وليس كما في السابق، لم نعد نتحلق حول التلفاز بعد الإفطار. لكن يبقى هناك السباق، وتبقى المتابعة، وتعليقات المشاهدين على منصة x تحملنا على الانتباه لمسلسل لم نفكر في مشاهدته، والمقارنة بين المسلسلات المصرية والسورية والخليجية، وتدخل على الخط بقوة وإصرار الدراما السعودية.

والفن الآخر الذي يبرز صريحاً ومنافساً، فن الطبخ، فن تشكيل الأطباق، فن السفرة الرمضانية العامرة. تتبارى الأسر في شكل السمبوسة، أي عجينة أفضل، في بيتنا نفضل البف على الرقاق، نحب شوربة الحب ونعتبرها من الأساسيات، والفول قلابة واللقيمات لا نصب عليها الشيرة، نفضل أن نغمسها فيها أثناء الأكل. أطباق أخرى متغيرة تضاف كل يوم، مكرونة، رز، مطبق، شوشبرك، وأي طبق يخطر على بالك، المهم أن يكون جميلاً، ومصنوعاً بحب وفن.

يغادرنا رمضان، نودع معه أصوات الدعاء مع التراويح كل ليلة، هذا الشجن الخفيف الذي يعترينا لرحيله كل عام، يتركنا لاستقبال ضيف آخر، يأتي هو أيضاً بالفن والجمال، نبحث عن بطاقات معايدة أخرى، عيد سعيد، عيد مبارك، ملابس العيد، منظر المجلس الذي سنستقبل فيه الناس، أمي تضع سجادة جديدة جميلة قبل العيد بيوم، وتشتري لوحة وتتأكد من صحون الشكولاتة، المأدبة التي تعدها كل سنة، بيتها بيت العيد كما يطلق عليه أطفال العائلة. يزخر بالفن والجمال. أسألها ماذا سترتدي، نتشاور، أختي أيضاً، ولدي سيرتدي مع الثوب سديري أسود، أخي لون جملي، أتذكر لوحة الجمل التي أرسم، سأكملها بعد العيد، بعد مهرجان الجمال الذي نحتفي به كل سنة. كل عام وأنتم بخير.