عادة ما تكون الأعياد مصدراً للبهجة والسعادة، ولكن قد تشكّل ضغوطاً على البعض؛ خاصة مع التخطيط للدعوات أو السفر، وقد وجدت دراسة استقصائية أجرتها جمعية علم النفس الأميركية أن 38 % من الأشخاص شعروا بزيادة مستويات التوتر لديهم خلال موسم الأعياد، والشعور بالاكتئاب في العيد وأثناء الإجازات هو مصدر قلق حقيقي، فعندما يأتي العيد فإنه يجلب مجموعة متنوعة من الأحداث والتفاعلات الاجتماعية والتحديات، ويكون التوتر في العيد ناتجاً عن الخطط والمسؤوليات التي يحتاج الإنسان تلبيتها في فترة الأعياد، وفي حالات أخرى تكون هذه الفترة مرتبطة بذكريات معقدة من الماضي، أو القلق بشأن التجمعات العائلية.

يسمى اكتئاب العيد Holiday Depression وعندما يكون مرتبطًا بتغيرات الفصول مثل فصل الشتاء أو الخريف يسمى Seasonal Affective Disorder (SAD) أو (اضطراب الاكتئاب الموسمي)، ويستخدم مصطلح اكتئاب المناسبات Festive Stress وهو حالة نفسية قد تظهر أيام العيد والمناسبات، تؤدي لانخفاض المزاج والاستقرار العاطفي.

يرتبط اكتئاب العيد بمتلازمة الاضطراب الشعوري الموسمي، حيث يُلاحظ أنه يرتبط بانخفاض فترات التعرض للضوء خلال الخريف والشتاء، ويعاني الأشخاص الذين لا عائلة لهم أو الذين يعيشون بعيدًا عن عائلاتهم من الوحدة خلال هذه الفترة، وقد يؤدي التفاعل العائلي خلال الأعياد إلى ظهور توترات قديمة وذكريات مؤلمة، مما يسبب الاكتئاب للبعض، ويبرز فيها غياب شخص متوفي خاصة في العيد، مما يؤدي إلى الشعور بالحزن والفقد والمعروفة باسم (متلازمة المقعد الفارغ)، ويؤدي الضغط المالي المرتبط بتكاليف الهدايا والاحتفالات إلى تفاقم الاكتئاب الموسمي وزيادة مستويات التوتر.

هناك تأثير للتغيرات البيولوجية مثل التغيرات في نشاط الهرمونات والنظام العصبي، ويُعتقد أن الإضاءة المنخفضة خلال فصل الشتاء تؤثر على النظام البيولوجي للجسم وتزيد من احتمالية حدوث الاكتئاب الموسمي، ويسبب اضطرابات في الساعة البيولوجية وإفراز هرمون الميلاتونين الذي يتأثر بالضوء والظلام، ويُعرف هرمون السيروتونين بدوره في تنظيم المزاج والشهية والنوم، ويعتبر هرمون الكورتيزول هرمون الإجهاد الرئيس في الجسم.

يعتبر الاكتئاب الموسمي حالة نفسية مؤقتة، يمكن أن تكون مرتبطة بمشكلات صحية أخرى، حيث يعاني العديد من الأشخاص المصابين بالاكتئاب الموسمي من اضطرابات النوم، مثل: الأرق أو النعاس المفرط، ويؤثر هذا على الجودة العامة للحياة ويزيد من الأعراض الاكتئابية، ويرتبط كذلك بتغيرات في الشهية ونمط الأكل، ويزداد الشهية لبعض الأشخاص، مما يؤدي إلى زيادة الوزن، في حين يمكن أن يفقد الآخرون الشهية ويفقدون الوزن، ويعاني الأشخاص المصابون بالاكتئاب الموسمي من اضطرابات القلق المرتبطة بالأعياد ومتطلباتها الاجتماعية، ويظهر القلق بشكل عام أو في صورة اضطراب الهلع أو القلق الاجتماعي، ويجد البعض صعوبة في التعامل مع المشاعر المتقلبة أثناء فترة الاكتئاب الموسمي، مما يمكن أن يؤثر على القدرة على التحكم في الانفعالات ويؤدي إلى الاستجابات العاطفية المفرطة.

من يعتقد أن لديه الاكتئاب الموسمي أو يعاني من تغيرات موسمية في المزاج؛ فمن الأفضل استشارة طبيب مختص لتقييم الحالة والتوجيه إلى العلاج المناسب، والحصول على الدعم من الأصدقاء والعائلة مفيدًا في التعامل مع الاكتئاب الموسمي، ولديهم فهم أفضل لمشاعرك ويمكنهم تقديم الدعم العاطفي والمساعدة، ويمكن التغلب عليه بالبحث عن الدعم والتركيز على الأشياء التي تجلب لك السعادة، ولن يكون كل عيد مثاليًا ولكن يمكن أن يكون فيه لحظات صغيرة من الفرح والسعادة، ولا تحكم على الأعياد بمظاهرها الخارجية، بل ابحث عن السعادة الحقيقية في اللحظات البسيطة والمعنوية، ولا تجعل الاكتئاب يسرق فرحة العيد، فقد يكون لديك القدرة على إحداث تغيير إيجابي في حياتك، والعيد هو وقت للمشاركة والحب، فحاول الاحتفال بالروابط العائلية والصداقات القوية.. تقول (هيلين كيلر): عندما تشعر بأن الشتاء يسحقك، تذكر أن في داخلك تنبض قوة الربيع والنمو.