أُعلنت، ظهر أمس (الخميس)، القائمة الرسمية لأفلام الدورة الـ77 من مهرجان «كان» السينمائي الذي سينطلق في 14 حتى 25 من الشهر المقبل.

كان ‫ الرئيس التنفيذي لمهرجان «كان» تييري فيرمو، قد وعد بأن تكون الدورة استثنائية ‬تتجاوز نجاح الدورات السابقة بأفلامها. وفي حديثه لموقع «فاراياتي» الأميركي، ذكر أن عدد الأفلام التي تقدّمت للمهرجان فاق عددها في الدورات القريبة الماضية كذلك عدد الراغبين في الحضور من السينمائيين والإعلاميين معدّين، وعن حق، فإن هذا مؤشر على ازدياد أهمية المهرجان بوصفه لاعباً أول في مضمار الأحداث السينمائية العالمية.

الزايدي وكوبولا

الأسماء الكبيرة متوفرة والأعين سترصدها، مثل معرض جواهر نادرة.

على صعيد أول، يأتي اختيار الفيلم السعودي «نورة» لمخرجه توفيق الزايدي، على رأس تلك المفاجآت التي بشّر بها فيرمو. هذا الفيلم الباحث في تربة البيئة السعودية عاكساً معالمها البديعة وتقاليدها المثيرة للاهتمام، من بين الأفلام المتسابقة في قسم «نظرة ما»، وهو القسم الثاني في الأهمية بعد المسابقة الرئيسية، وهو مخصَّص عموماً للمخرجين الباحثين جدياً في أمور مجتمعاتهم أو المستندين إلى مصادر أدبية وتاريخية معالَجة بأساليبهم الخاصة.

أيضاً على القمة بين هذه المفاجآت حضور المخرج الأميركي فرنسيس فورد كوبولا، الذي يعود للسينما بعد غياب ملحوظ بفيلم من الخيال العلمي عنوانه «ميغالوبوليس» مزيّن بقائمة طويلة من الممثلين القدامى والجدد منهم فورست ويتيكر ودستين هوفمان ولورنس فيشبورن وكاثرين هنتر وأدم درايڤر وصونيا عمّار.

الفيلم الجديد يُعرض داخل المسابقة أسوةً بفيلم الصيني جيا زانغ-كي «عالق في المد Caught by the Tides»، وكحال الفيلم الجديد للمخرج اليوناني يورغوس لانتيموس، الذي يرتفع في عنان الشهرة للمرّة الثانية في غضون عام واحد، إذ يتقدم هنا بفيلمه الجديد «أنواع اللطف Kind of Kindness»، وهو الذي كان قد عُرض في «كان» العام الماضي فيلمه «Poor Things».

‫بول شرادر، بدوره، أحد عمالقة السينما الأميركية ومن مخرجيها المميّزين‬، وهو يختار لفيلمه الجديد «أو كندا» المهرجان الفرنسي بعدما كان قد شارك أكثر من مرّة في عروض مهرجان «فينيسيا» الإيطالي.

أيضاً بين المتسابقين الكندي كريم عينوز بفيلمه الجديد «أوتيل دستينو Hotel Destino» والمخرجة الآيرلندية أندريا أرنولد بفيلم عنوانه «بيرد».

الكندي ديڤيد كروننبرغ يوفّر للعروض هنا فيلمه الجديد «أكفان Shrouds» الذي يعود به إلى حكاياته المنتمية إلى سينما الرعب، ويتناول الفيلم حكاية رجل أعمال (الفرنسي ڤنسنت كاسل) يخترع آلة يستطيع عبرها التواصل مع الموتى في أكفانهم. معه في البطولة الألمانية دايان كروغر، والأسترالي الأصل غاي بيرس.

اشتراكات أوروبية

وهناك نسبة عالية، كالمعتاد، من الأفلام الأوروبية. إلى جانب فيلم اليوناني «أنواع اللطف» وفيلم «بيرد» للآيرلندية أندريا أرنولد، سنشاهد الفيلم الجديد للإيطالي باولو سورينتو وعنوانه «بارتينوب» من بطولة سيتفاني سندريللي، والأميركي غاري أولدمن.

في عداد الأفلام الفرنسية هناك «إميليا بيريز» لجاك أوديار، و«المادة The Substance» لكورالي فارجت، و«مارشيللو ميو» لكريستوف أونوري، إلى جانب فيلم جديد من جيل ليلوش عنوانه الإنجليزي «قلوب نابضة».

من روسيا فيلم جديد للمخرج كيريل سيبرينكوف عنوانه «ليمونوف: أنشودة إدي» عن حياة الشاعر الروسي إدي ليمونوف الذي عاش غريباً في بلاده ثم متسكعاً في نيويورك قبل أن ينال بعض الشهرة في فرنسا. يقوم بدوره البريطاني بن ويشو.

ومن ألمانيا دراما بعنوان «الفتاة ذات الإبرة» لمانوس ڤون هورن.

خارج المسابقة فيلمان بارزان من أصل أربعة هما «أفق: أنشودة أميركية»، وهو وسترن جديد للمخرج والممثل كَيڤن كوستنر و -كما تقدّم معنا في الأسبوع الماضي- «فيريوسا: أنشودة ماد ماكس» لجورج ميلر.

فريمو: لا مهرب من السياسة

في مسابقة «نظرة ما» الفيلم السعودي «نورة» للمخرج المجتهد توفيق الزايدي (كان قد شوهد في مهرجان «البحر الأحمر» سابقاً).

هناك فيلم نمساوي لمخرج جديد اسمه محمد هراني عنوانه «القرية القريبة من الجنة»، وملخص حكايته انتقال عائلة مهاجرة إلى ڤيينا ومحاولتها التأقلم مع حياتها الجديدة في بيئتها الجديدة.

هناك فيلم روسي آخر بعنوان «بلا حياء Shameless» لكونستانتين بويانوف، الذي وجد تمويلاً سويسرياً لحكايته البوليسية. ومن اليابان فيلم جديدة لهيروشي أوكوياما عنوانه «My Sunshine».

مجموع أفلام هذه المسابقة 15، في حين يبلغ مجموع أفلام المسابقة 19 فيلماً.

كان المهرجان قد أعلن سابقاً اختياره الفيلم الفرنسي «الفصل الثاني le Deuxième Acte» لكونتن دوبيو، للافتتاح خارج المسابقة.

وكان تييري فريمو قد صرّح قبل نحو أسبوع، بأن اختياراته من الأفلام لا تتم حسب إعجاب بالفيلم، بل تبعاً لما يراه مع فريقه من المعاونين، مناسباً للمهرجان. هذا ما يفسّر اهتمام المهرجان بالحضور السعودي المميّز في الأعوام الماضية، وباختياره فيلم الزايدي ليكون أحد الأعمال المتسابقة في قسم «نظرة ما». حينها قال:

«السينما السعودية هي سينما جديدة واثقة وتستحق الوجود في مهرجان (كان) وفي سواه من المهرجانات الكبيرة. هي سينما جادة مدعومة بالرغبة في التحديث وتطوير السينما المحلية الهادفة».

وفي إطار آخر ذكر الرئيس التنفيذي أن ما حدث في مهرجان «برلين» قبل شهرين عندما انحاز الفائزون بوضوح إلى جانب ضحايا غزّة ضد العمليات العسكرية الإسرائيلية كان لا بدّ له أن يحدث لسبب رئيسي:

«لا يمكن فصل المهرجانات عمّا يقع في محيطنا السياسي. المهرجان يقع في أوطان تتعاطى مع الأحداث ولا يستطيع أن يبقى بمنأى عنها». وأضاف: «عندما تكون الأفلام المشتركة سياسية، فإن المهرجان تلقائياً يصبح حدثاً سياسياً، وهذا ليس جديداً بل يعود إلى عام 1946 بأفلام مثل (روما مدينة مفتوحة) و(معركة سكة الحديد). مهرجان (كان) لم يتوقف عن تسليط الضوء على القضايا الراهنة ومنح الجوائز لمخرجين يعالجونها مثل (البريطاني) كين لوتش، و(البولندي) أندريه ڤايدا».