بعيدًا عن مصداقية القصة، قال أحد المستفيدين والعملاء في أول يوم للعيد بأن العطر الذي استخدمه من شركة عطور شهيرة قد أفسد ثوب عيده وتلقى حينها ردودًا لعدد من المستفيدين والعملاء، تشير أغلبها إلى أن المستفيد لم يُحسن استخدام المنتج بشكل جيد وبعد ساعات ومطالبات بالرد، جاء الرد من الشركة نفسها بأن الموقف غريب ولأول مرّة يحدث ومبشرًا بالعوض.

لاحظت بأن الرد جاء بعد وقت طويل وبعد عدد من المطالبات التي تطلب من الشركة الرد وتحقيق العملية الاتصالية واتخاذ ردة فعل علنية.

ومن رأيي لا أرى بأن الرد جاء في وقته المناسب ولا أعده ردًا متأخرًا كما رأه البعض؛ لأنني أرى في فن إدارة الأزمة للشركات هناك «العميل الاتصالي الخفي» الذي يشارك في إدارة الأزمة للمنتج أو للشركة قبل أن يأتي الرد الرسمي، هذا الفريق الاتصالي هو المستفيدون أو عملاء المنتج الذين جرّبوه واستخدموه؛ لذلك ينبغي أن تكون لديهم مساحة من الوقت حتى يستعرضون تجاربهم الإيجابية للمنتج، وبهذا هم ساهموا في إدارة الأزمة عندما أثبتوا العكس والجانب الإيجابي للمنتج بحكم أنهم أهل التجربة والخبرة عوضًا عن المسؤول الأول.

ولاحظت أيضًا أن رد أصحاب المنتج /‏ الشركة، جاء متسقًا مع مواقف العملاء في الرد من غرابة وحداثة الأمر وجاء أيضًا احتواءً للموقف والمستفيد نفسه، مع أنني أرى بأن الموقف والأزمة تعد فرصة تسويقية استثمارية للشركة والعطر، ولكن يبدو أن الشركة لا تملك إستراتيجية تسويقية لاستثمار الأزمات، وهذا يقودني إلى استعراض عدد من النقاط الهامّة في مقالتي لكيفية «استثمار الأزمات» وتحويلها إلى فرص تسويقية تخدم المؤسسة، أولها: ضرورة تكوين فريق اتصال أزمات، يملك مهارات متنوعة، فكرية، اتصالية، تسويقية، بمعنى تشكيل فريق مكون من ممثلين عن مختلف الأقسام الرئيسية في المنظمة مثل التسويق والعلاقات العامة والدعم الفني، يملكون مهارات اتصال قوية وقادرة على التعامل مع الضغوط في حالات الأزمات وتحويلها إلى إعلان تسويقي تستفيد منه الشركة، وهذا الفريق لديه أيضًا مهارة الاستجابة بسرعة للأزمة والرد في الوقت المناسب، فالرد السريع قد لا يتناسب مع الأزمة ويزيدها أو العكس.

ثانيًا: ينبغي أن تكون هناك خطة إعلامية؛ لاستثمار الأزمة للتسويق وهذه الخطة لديها «محتوى تسويقي» للشركة في حال حدوث الأزمة يكون هذا المحتوى جاهزًا للتسويق لمنتجات الشركة وللمنتج الذي وقع في الأزمة بطريقة ذكية. وثالثًا ورابعًا وخامسًا من رأيي أن يملك الفريق مهارة «التأثير» في صناعة المحتوى، في التعامل مع المستفيدين، وأيضًا في الإقناع؛ لأنه من رأيي العملية الاتصالية تقف عند باب القدرة على التأثير وإقناع الآخرين وهذه مهارة إن لم يملكها الشخص تأتي من التدريب والقراءة الواسعة في مجال سيكولوجية الجماهير.

ختامًا.. في مثل هذه الأزمات لا تهم الأزمة؛ لأن حلّها يأتي من شريحة المستفيدين الذين سيوضحون ويشرحون وفقًا لتجربتهم الشخصية وتُدار نصف الأزمة بهم؛ ولكن المهم كيف نستثمر هذه الأزمة اقتصاديًا لصالح المنتج وقس ذلك على أنماط الأزمات التي تقع في المؤسسات والمنظومات وغيرها.