مرة ثانية، وثالثة ورابعة: محمد بن حاضر، حبيب الصايغ، حسن شريف، أحمد راشد ثاني، ثاني السويدي، جمعة الفيروز، أحمد أمين مدني، علي العندل، ناصر جبران، مريم جمعة فرج، سالم الحتّاوي (من الإمارات)، وجهاد هديب، عياش يحياوي، عمّار السنجري، يحيى الحاج، عبدالكريم السيد، عزت عمر، (من العرب المقيمين). هؤلاء، وغيرهم، معتذراً عن أي سهو لأسماء أخرى من شعراء، وقصّاصين، وروائيين، ومسرحيين، وتشكيليين غابوا عن هذه الزائلة، كان لهم نتاج أدبي وفني وإبداعي وثقافي شاركوا فيه خلال حَيَواتهم مشاركة نبيلة في الساحة الثقافية الإماراتية، لكن، الموضوع هنا هو ما لم ينشر لهؤلاء، وبقي في أرشيفاتهم، أو في أرشيفات الصحف أو عند ذويهم وأصدقائهم من مواد مكتوبة مخطوطة، ومن صور، ومن مراسلات، ومن مذكرات، ومن يوميات هي موجودة بالتأكيد في صناديق، وملفات، ولفائف وأوراق تشكّل ما يمكن أن أسميه (الكتابة الغائبة)، أو (الأدب الغائب) والذي يحتاج إلى فرق بحث وجمع وتصنيف أولاً، ثم ثانياً يحتاج إلى فرق نشر وطباعة وتوزيع.

ليست هذه المرة الأولى التي يُشار فيها إلى هذه المهمة البحثية والنشرية في الساحة الثقافية الإماراتية، ولن تكون الأخيرة كما يبدو إذا لم تبادر مؤسسات الثقافة في الإمارات إلى الإحاطة العملية بهذا التراث الباقي بعد هؤلاء الغائبين.. في جمع ونشر هذه المواد الثقافية للإماراتيين وللعرب المقيمين قيمتان أخلاقيتان: الأولى: الوفاء الأدبي والشخصي والثقافي لهذه الكوكبة الراحلة، والثانية: تمكين المكتبة الثقافية الإماراتية والأرشيف الثقافي من توثيق هذه الكتابة الغائبة، ولا أقول الراحلة، لأن الفنون والآداب لا ترحل، وإنما تتحول إلى ذاكرة، غير أن هذه الذاكرة لا بد أن يكون لها ما يحرسها، ويؤرّخ لها بواسطة العمل العملي والعلمي المتصل بتدوين وتدبير كلّ ما بقي بعد كتّاب وأدباء وفنانين كانوا نموذجاً فريداً ونبيلاً بالمعنى الحقيقي للوصف، بل كانوا ضمائر ثقافة في السبعينات والثمانينات، حيث الزمن التأسيسي الأول للكتابة في الإمارات.

بعض الباحثين في الإمارات جمعوا مشكورين ما هو غائب في كتابات بعض الغائبين المؤسسين وهو جهد محترم، ومن قاموا به يحترمون على مبادراتهم الفردية هذه، غير أننا اليوم، في الإمارات، نشهد حركة نشر بالغة الأهمية والنشاط والحيوية من خلال دور نشر وطنية إماراتية عديدة، أصحابها ومديروها من الشباب الإماراتي المثقف، ومن الطبيعي، وفي ضوء هذه الحيوية النشرية الراهنة، وهي حركة نشر مهنية احترافية، أن يأمل المتابع الثقافي خيراً في هذه الدور النشرية الإماراتية في توجهها المهني أيضاً إلى هذه التراثيات والأرشيفات العديدة التي يجري في تكوينها الأدبي دم محلي، هو روح المكان الإماراتي، وروح مفرداته ولغته وصوره الثقافية والجمالية.

كما يقولون، الاقتراح في مرمى هذه المؤسسات النشرية المحترمة.