في الآونة الأخيرة، استحوذت فكرة إيجاد بدائل للنقل المدرسي على عقول واهتمامات معظم أولياء الأمور، فكانت وسيلة «الكارلفت»، التي لا تشكل ضغوطاً مالية على ميزانيات الأسر من وجهة نظر الآباء، التي ترى أنها الأقل كُلفة مقارنة برسوم الحافلات المدرسية.

الاختيار حق مكفول لأولياء الأمور ولا جدال، ولكن دعونا نسأل هل «الكارلفت» بديل آمن لنقل الأبناء لمدارسهم ذهاباً وإياباً؟ نعتقد أنه اختيار محاط بمخاطر كثيرة على وضعه الراهن، لاسيما مع وجود الإهمال الذي يجلب معه أضراراً، مثل التنمر والإيذاء اللفظي والتحرش والتعنيف، وقد يصل الأمر إلى الموت و«قتل البراءة»، كما هو الحال في واقعة وفاة طفل في إحدى سيارات «الكارلفت» منسياً في الأمس القريب.

الواقعة تشكل إجابة صريحة وواضحة، عن مدى خطورة هذا البديل «الكارلفت»؛ إذ يفتقر إلى أبسط مقومات الأمن والسلامة والمحافظة على حياة الطلبة، وهنا لا نستطيع الوثوق بالأشخاص القائمين عليه؛ لعدم تأهيلهم، وضعف درايتهم بسبل المحافظة على أرواح الطلبة، وليس لديهم ترخيص يمكّنهم من ممارسة مهام نقل الطلبة من وإلى مدارسهم.

معظم قائدي «الكارلفت» لا يهتمون بقواعد المرور وضوابط السير، فهم دائماً في عجلة، لإنزال طلاب والإسراع لاصطحاب آخرين، ما يأخذنا إلى خطورة وقوع حوادث مرورية، وهو أمر يؤثر بشكل كبير على حياة الطلبة، فالحوادث قد تؤدي إلى إصابات خطِرة أو حتى الوفاة، ما يضع الطلبة في مواقف خطِرة، تنشد منا الانتباه والاهتمام.

الواقعة كان لها كبير الأثر على المجتمع المدرسي بمختلف فئاته؛ إذ تفاعل معها الجميع، وبادرت إدارات مدرسية بمنع تسليم أي طالب لسائقي السيارات الخاصة، انطلاقاً من مسؤوليتها التربوية والمجتمعية، وألزمت أولياء الأمور بتعهدات بتحمّلهم المسؤولية كاملة في حال إصرارهم على نقل أبنائهم بالكارلفت.

سيارات «الكارلفت» ليست الاختيار الآمن لأبنائنا، نحن بحاجة إلى المزيد من حملات التوعية لتثقيف وتأهيل أولياء الأمور لكيفية اختيار بدائل النقل الآمنة لأبنائهم، وتمكينهم من رؤية أبعاد ومخاطر الاختيارات غير الصائبة ومخاطرها على حياة الأبناء.

وإذا كان «الكارلفت» وسيلة بديلة يطمئن لها بعض الآباء لنقل أبنائهم من وإلى المدارس، فلماذا لا نستحدث لها تراخيص، ونؤهل القائمين عليها، لنعتمدها ضمن وسائل النقل التي تعمل وفق معايير وضوابط وإجراءات، للمحافظة على أرواح وسلامة مستخدميها؟ وفي حال صعوبة تحقيق ذلك، ينبغي تشديد العقوبة على المخالفين «الآباء قبل السائقين»، لاسيما أن الظاهرة تتفاقم، وتحمل معها مخاطر جسيمة على حياة أبنائنا في المدارس.