يتبادل الروس والتحالف الغربي بزعامة أميركا، التهم في دعم الإرهاب من جهة، ومن هو الذي انتصر من جهة أخرى. مما يجعلنا نتسائل: هل فعلا نحن امام طرف روسي وطرف امريكي في الحرب على الإرهاب؟ قبل ذلك كل طرف يدعي انه انتصر على الإرهاب في سورية. الإرهاب هو استخدام العنف ضد الأبرياء لتحقيق هدف سياسي. هذا التعريف المدرسي للارهاب، يمثله الأسد خير تمثيل. ليس ادل على ذلك من فيلم" الصرخة المكبوتة" الذي بثته القناة الفرنسية الثانية. فيلما وثائقيا مؤلما للغاية حول اغتصاب النساء السوريات في سجون بشار الأسد، لم يعد أمام الرئيس إيمانويل ماكرون من خيار آخر غير سحب وسام جوقة شرف فرنسا من الدكتاتور السوري. هذا ما جاء في تدوينة جان بيير فيليو الباحث وأستاذ تاريخ الشرق الأوسط الحديث بجامعة سيانس بو، في صحيفة لوموند الفرنسية.وبُث فيلم "سوريا.. الصرخة المكبوتة" الذي يتحدث عن الاغتصاب الممنهج للسوريات في سجون الأسد ، يوم الـ 12 من ديسمبر/كانون الأول 2017، ووردت فيه شهادات يندى لها الجبين عن استخدام "سلاح دمار المرأة والمجتمع" بغية "وأد الثورة". يذكر فيليو بأنه دق ناقوس خطر هذه الممارسات في مقال له عام 2013، كما تشير صحيفة بلدي نيوز، مؤكدا أن جنود الأسد استخدموا الاغتصاب الممنهج لكسر إرادة السكان المعارضين للنظام "إذ لم يكن الطاغية بشار يريد بذلك إهانة السوريات بهذه الطريقة البشعة فحسب، وإنما أيضا دفعهن إلى الاستكانة الأبدية والتقوقع في حداد مرير من الفشل المخجل". 
هل يمكننا الحديث عن الإرهاب، دون ان يكون الأسد فيه عنوان رئيسي واساسي؟ الفارق بين داعش والأسد دوليا ان للاسد مقعد في الأمم المتحدة. هذا المقعد في الجو الدولي الحالي، ليس مخصصا لسورية، بل هو مخصص للاسد. برعاية من قوى الفيتو في مجلس الامن. هذا يجعل معايير هؤلاء في الحرب على الإرهاب باطلة، ليست ازدواجية معايير، كما يحب بعض المهتمين القول. بل ببساطة انه معيار الأسد للتعامل مع شعوب المنطقة، التعامل مع طموحها في الكرامة والحرية والعيش الكريم في دولة قانون وحقوق انسان. الإرهاب في معنى آخر، هو هذه التنظيمات المافوق دولتية او مافوق وطنية، كالقاعدة وتفريخاتها. تستثمر فيها دول مجلس الامن وسلطات إقليمية، لغايات سياسية. الأمريكي يتهم الروسي بأنه يدعم الإرهاب، والروسي يتهم الأمريكي بأنه يسهل لداعش الحركة في سورية والعراق. الإرهاب بعد فيلم" الصرخة المكبوتة" هو ان يستمر الحديث عن ان الأسد طرفا سياسيا. هذا ما اتضح في جنيف8 . يكون هنالك معنى واحدا لهذا الامر، اننا نعرف جرائم الأسد وارهابه، لكننا نصر على إعادة تأهيله. تاهيل الأسد هو تاهيل الجريمة، ليكون الأسد جزء صغيرا منها. تماما كما هو الحال في الاتفاق النووي مع ايران من قبل أوباما. الذي اهل النظام الإيراني وميليشياته في سورية والعراق ولبنان. المنطقة منذ اللحظة التي انطلق فيها الربيع العربي، كان اوباما يعمل بجد ونشاط من اجل تاهيل الجريمة، اليس نظام السيسي وانقلابه بغطاء امريكي أولا ومن قوى الفيتو في مجلس الامن ثانيا، عملا إرهابيا؟ نظام السيسي هو عنوان لما اسميته منذ سنوات" إعادة تاهيل الجريمة". بلد سكانه يقارب المائة مليون، يقوم فيه انقلاب عسكري على الديمقراطية، وتتحول مصر الى ساحة تهريج اعلامي، نصرة للاسد في قتله الشعب السوري. ألم يقم السيسي بما قام به محمد مرسي، من محاولة تقوية العلاقة مع روسيا وايران؟ إذا لماذا كان الانقلاب؟ أليس هذا إرهابا دوليا؟ بمعزل عما يمكننا الحديث عن تجارب تنظيم الاخوان المسلمين في الحراك السياسي الفاشلة في المنطقة. النقطة الأهم بالنسبة لنا كسوريين، ان السيسي ومهرجيه، يدعمون الأسد في قتل شعبنا. لهذا ما نكتبه في هذا الموضوع ليس تدخلا في الشأن المصري، بل هو نتاج تدخل السيسي في الشأن السوري، على حساب ضحايا الأسد من السوريين. عندما تحاول تاهيل إرهابيا كالاسد، ماذا تكون؟ داعش او غيرها من التنظيمات وبقيادات غير سورية غالبا، او سورية عابرة سابقا للحدود مع القاعدة، لم تدخل سورية من السماء، بل أتت من العراق ودول أخرى. كان الهدف قيام مشهد إرهابي، من اجل ان يستمتع مجتمع الفرجة الاوبامي- الترامبي بحربه على الإرهاب والانتصار عليه. أليس في كل التقارير الغربية عن الإرهاب في العراق، قبل الربيع العربي تشير الى ان الأسد هو الداعم الرئيسي للارهاب فيه؟ ما الذي حصل حتى يعاد تاهيل داعم أساسي للارهاب؟ رغم انه مارس كل صنوف الإرهاب على الشعب السوري، خاصة في سنوات الثورة السبع. باعتراف كل قوى هذا المجتمع الدولي، المنتصر حاليا على الإرهاب. ما الذي سيفعله ماكرون بعد فيلم الصرخة المكبوتة؟ ماكرون الأقرب للنهج الاوبامي في التعاطي مع شؤون المنطقة ككل. الذي صرح في مستهل نجاحه في الانتخابات: ان الأسد ليس عدوا لفرنسا بل هو عدوا لشعبه. ألاجل هذا يريدون تاهيله؟ هل يكفي القول أيضا ان الاستثمارات الفرنسية، التي بدأت العمل في ايران الان هي السبب؟ أم ان الحرب على الإرهاب تقتضي، ان ينظر الى كل شعوب المنطقة، بوصفها إرهاب يحلل قتلها؟ هذه الرؤية لشعوب المنطقة تتشارك فيها كل قوى الفيتو في مجلس الامن. لهذا كلهم انتصروا على الإرهاب، ولم يبق سوى استقبال الأسد مرة أخرى في الشانزليزيه في العيد الوطني الفرنسي. انها الحرب على الإرهاب. الناتجة عن الإحساس بفائض القوة العارية لدى الفاعلين الدوليين. بالنسبة لي لم يفاجئني أي موقف دولي. ولا أي موقف لدول كبرى منذ اليوم الأول للثورة. لم يفاجئني أي معارض كان ضد التدخل الدولي لحماية المدنيين، ويتمسح الان بعمامة خامنئي وبسطار بوتين، ليس حبا بهما بل حبا ببسطار الأسد. حامي هذا النوع من المعارضة، التي كانت ولاتزال مستعدة لممارسة كل أنواع الدجل واللغونة، حفاظا على بسطار طائفي. هذا الحب للأسد، له دوافع إما طائفية او مصلحية او انتهازية رخيصة على المستوى الفردي. هو من يعتبر تدخل الاسطول الجوي الروسي لقتل شعب بلده، أو جحافل خامنئي عبقرية سياسية. أو المعارض الذي لم يتحسس من احتلالا دوليا من نوع آخر، هو احتلال الراية السوداء وتفريخاتها. كما قلت في مقال سابق الثورة انتصرت لانها احتلت دوليا. سوتشي يصلح لهؤلاء المعارضين جميعا. انصحهم بأن يقبلوا يد بوتين أيضا، ويذهبوا لزيارة قم. الإرهاب هو سوتشي.