إن الغرب عاش صراعات دينية وفكرية، استمرت لعقود وقرون طويلة، اغلبها ادى الى حروب دامية، الى ان توصل هذا العالم في غرب الكوكب الى صياغة منظومة القيمة الراسخة التي يمتلكها اليوم. وما تشهده امريكا حاليا نتيجة السياسات العنصرية الشعبوية لدونالد ترامب، ليس سوى امتحان لمدى رسوخ ومتانة هذه المنظومة القيمية.. واجزم انه سيجتاز هذا الامتحان بامتياز.. فمهما كانت الخسائر والتضحيات التي سوف يضطر الى تقديمها، فانه سيجتازه وسوف يؤدي الى تعميق وترسيخ اكبر لهذه المنظومة الكونية.
بينما نحن في عوالمنا لا نزال نراوح مكاننا نخسر حروبنا ومعاركنا الداخلية على طريق بناء منظومة قيم انسانية تتمتع بالثبات والقوة، بناءا على كل ذلك اريد ان اتوجه الى الجميع بهذه الرسالة التي مفادها: دعوا معركة مواجهة ترامب وخطابه الشعبوي العنصري للغرب نفسه فهذه معركتهم هم لا معركتنا نحن، وان اي تدخل مباشر منا في هذه المعركة سوف تصب في مصلحة (الترامبيزم)، وكل محاولات المعاملة بالمثل سوف تكون بمثابة معاملة الشعب الامريكي بنفس الاجراءات والعقلية العنصرية الشعبوية التي يعاملنا بها ترامب.
على الجانب الآخر، نحن غارقون في التزاماتنا التاريخية والاخلاقية والانسانية في معارك حقيقية علينا ان نخوضها بكل حب واصرار في داخل عالمنا نحن، بحيث نبني منظومتنا القيمية الانسانية الراسخة على الارض، بحيث تتكامل المنظومتان في صف واحد للوقوف بوجه العنصرية والشعبوية في كل العالم. فمعركتنا ليست هناك في الغرب، بل هنا، وهي ليست ضد الشعبوية الغربية والعنصرية الغربية، بل ضد الشعبوية والعنصرية وعقلية الاقصاء داخل بيتنا الشرقي الاسلامي والعربي، فالغرب كما اسلفت كفيل بمعركته، بقي علينا ان لا نساعد العنصريين والشعبويين الغربيين بتدخلنا.. بل ندعم منظومة القيم الانسانية الرائعة التي رسخها الغرب بقوة، لا يستطيع ترامب او غيره تدميرها..


* سياسي كردي من العراق