حينما نرى نفوسا إنسانية تبلغ بهم الوحشية مبلغا&غاية في الهمجيّة&نقول عنهم ونَصفُهم&بانهم&ذئاب بشرية تشبيها لهم بتلك الحيوانات المتوحشة الشرسة دون&ان&نعلم&ان&هناك من فصائل&الذئاب البريّة&الموصوفة بالمتوحشة&تمتلك&من الصفات والنبل&الاخلاقي&مايفوقالانسان&&أحياناً&؛&ففي تلك الحيوانات من الوفاء لجنسه ما&يحيّر العقول&اذ&توجد عاطفة قوية من المحبة بين&افراد&القطيع الواحد ومساندة للضعيف والجريح والكبير&العاجز&من الذئاب التي&لاتقوىعلى الصيد حيث تقوم الذئاب مجتمعة على مداواة الجرحى وتوفير الطعام للعاجزين ورعاية الصغار&.

تعيش&هذه النماذج من&الذئاب&ايضا&نظاما مركزيا في الحياة الاجتماعية بينهم يسمى&"&تدرّج السيادة&"&لكونها تمتاز&بالذكاء الحاد&وقدرتها على تنظيم نفسها&بنفسها&والتخطيط لترتيب حياتها&ويكون&الأقوى&والأكثر&حنوّا وميلا عاطفيا لقطيعه&هو السيد والآمر الناهي وهو من يقود القطيع&اثناء&فترات الصيد وفق نظام يشبه&الى&حد ما تقدم العساكر&المشاة&وهو الذي&يختار من يكون في الميمنة&او&الميسرة&او&في الخلف لحماية القطيع من&ايّة&مخاطر&او&هجوم&طارئ كما&انالقائد المختار&وحده من&يعوي&لتنبيه قطيعه&اذا&تطلب&الامر&ذلك&هجوما أو تراجعاً أو انسحابا&تاكتيكياً&،&والشيء الجميل في مركزيتهم&فيما بينهم&انهم&لايمانعون&ان&تكون إحدى إناثهم هي القائدة مادامت تتميز بقوة العقل والحكمة&والإقدام&في اتخاذ القرارات&ولا تتحرج الذئاب&الذكور&من&ان&يولّوا أمرهم لأنثى مادامت تمتلك القوة الجسدية والحنكة في ترتيب حياة القطيع وتنظيمه وفق نظام مركزي .

وبخصوص الحياة&الاسريّة&؛&فهذا الحيوان&الذكر&لايقترن&الّا&من&ذئبةواحدة طوال حياته&ويبقى مخلصا لها ولذريته حتى مماته&؛&ولا يميل&ابدا&الى&تعدد الزوجات&،&فالخيانة الزوجية معدومة&تماما بين الاثنين&،&والأبوان&يعرفان أبناءهما ويفرزانهما عن بقية القطيع ويعملان على تطعيم نسلهما&من الجِراء&وتعليمهما&اساليب&الصيد حتى&انهمايمنعانهم من أكل الجيف&والفطائس&والقمامة&مهما بلغ بهم الجوع ويغرسان فيهما هذه الصفة منذ أول نموّهم&.

اما&زواج المحارم الذي نلحظه في بقية الحيوانات&فلا يحدث بينهم&ابدا،&غير&ان&الانسان&المروِّض لهذا الحيوان&--&وما أتعسَ سلوكه الكريه --&قد&يدبّر للذئب الذكَر&مكيدة بعد&ان&يعصّب&عينيه ويحرمه شهورا من أنثاه&الذئبة&فيهيئ له&اناث&الكلاب ليتناسل معها&، ولا يدري هذا الحيوان المسكين انه أرغم على الخيانة الزوجية&وهذه كلها بفعل&الانسان&الذي يسعى&الى&تخريب حياة هذا القطيع وقطع دابر&الإخلاص&الذي يكنّه الزوجان لبعضهما كي يكونا مثله عابثا بأواصر الرباط المقدس بين&الأزواج&.

ورابطة القران والزواج&بين الذئاب&لاتنفصم&الاّ&في حالة موت احد الزوجين&اذ&يقام حداد في القطيع وحزن على الفقيد قد يصل&الى&عدة شهور وقد يموت الذئب حزنا على&حرَمِهِ&،&ولو بقي على قيد الحياة&فسوف&يعيش منفردا&ويعوي&طوال الليل ناحبا باكيا&؛&ومن الذئاب&الأكثر&إخلاصا&ووفاءً مَن تقدم على الانتحار تخلّصا من حياة الوحدة&.

وكما&ان&الذئاب تقدّس الحياة الزوجية&فإنها أيضا تبرّ بالوالدين&اذاعجزا عن إطعام نفسيهما عن طريق الصيد ولهذا ترى الأبناء&الاقوياءتأتي بفرائسها لتوضع أمام&الأب&او&الأم &في وكرهما كي يسدا رمقهما حتى يشبعا وبعدها تأتي بقية&الأسرة&لتأكل&ماخلّفه&الوالدان من المائدة&.

لقد وهب الله&للإنسان&عقلا لترتيب حياته لكنه سلب&من ضميره&جانب العطف والرحمة والحنوّ&في بعض الأحايين&، والخوف كل الخوف من موت الضمير كليّا في أعماق&الانسان&؛&وهنا من حقنا&ان&نخشى على موت العقل والقلب معا حينما يغيب الضمير وهذا ما نلحظه&الان&في مجتمعاتنا التي تتدنى ضميريا سنة اثر أخرى كي نفوق الحيوانات الشرسة في الوحشية&وموت التعاطف&ونفتقد إنسانيتنا تدريجيا&.