من علامات التصحر السياسي الذي أنتجه النظام السوري أن يجد المرء نفسه مضطرا للرد على سياسي سوري بلغ من العمر ما يقارب التسعين عاماً. ومنبع الاضطرار هو استمرار فاعليته في الحيز السياسي، بل وبحسب تصريح&لحزبه&فإن الرجل&مازال ينتقل من ساحة لساحة &لممارسة النضال!&

بل&إن محاوره في جريدة القدس العربي، وهو أحد حوارييه وكاتب وحيّه، يجد أنه بوصول الترك لباريس "هناك فرصة لأن يكون للمعارضة السورية، عنوان وحضور وشخصيات"، فلكم أن تتخيلوا&معارضة تنتظر رجلا&في التسعين من العمر ليكون عنوانها وحضورها وصورتها.&

ألقاب الترك كمثال أولي&

وإذ أشارك مُحاور الترك اعتقاده&بهزالة هذه المعارضة، فإني أزيد&على ذلك أن حزب رياض الترك كان دائما الصورة الفاقعة لهذا الهزال. وأقول حزب رياض الترك لأن الرجل لم يأت للمعارضة بصفته شخصاً،&بل قاد انقلابا أو انشقاقا داخل الحزب الشيوعي السوري وصار رئيساً فعلياً لهذا الجزء المنشق&تحت مسمى "الحزب الشيوعي السوري- المكتب السياسي"&منذ تأسيسه حتى الآن،&ولم يورثه لأحد كما فعل بكداش الذي أورثه لعائلته بعد وفاته&وكما فعل الأسد الذي أورث الحكم لابنه!&ولم يغير هذه الطريقة منذ ذلك الحين في ممارسة السياسة،&الانقلاب&حين لا تفلح الطرق الأخرى، كما فعل في تشكيل المجلس الوطني لإعلان دمشق في الداخل والخارج.&

رغم ذلك&يجد المرء نفسه محرجاً في الكتابة النقدية عن شخصية&مثل&الترك،ليس فقط لتقدمه في العمر الذي قارب عمر الدولة الأموية التي تعاقب على خلافتها 14 خليفة بينما ما يزال ممسكا بقيادة حزبه المتلاشي، بل أيضاً لسنوات سجنه الطويلة والقاسية، التي مر بها&سوريون آخرون&لكنهم أقل شهرة منه.&فسنوات السجن الطويلة هذه، في ظل نظام وحشي، اكسبت الترك رمزية خاصة&خصوصا&لدى اليسار المشتغل بالسياسة حاملا المنجل الشيوعي، حيث تتشكل قاعدة حزبه&وحواريوه وأنصاره، الذين ينادونه&بألقابٍشتى،&أشهرها&‘مانديلا سوريا&و&‘ابن العم&،‘&ناسبين&إطلاقها للشعب السوري كافة، دون أن يوثق أحد منهم&من الذي أطلقها أو كيف اجتمع الشعب السوري واختار له&هذه الألقاب!&

إذ أن لقب "مانديلا سوريا" أطلقه عليه نزار نيوف من شاشة&قناة&الجزيرة، رغم أن عبد الرزاق عيد كتب أنه&هو من أطلقه عليه، بينما "ابن العم" لقب حزبي&اصدره&الترك بنفسه&حسب معلوماتي من داخل الحزب، وذلك&بعد خروجه من السجن ليكون بديلا لصفة "رفيق" التي يخاطب بها الشيوعيون زملائهم في الحزب، بعد أن كره العالم العلوي والسفلي&صفة&رفيق.&رغم أنالرفيق&رياض الترك ظل يمارس مهامه&الحزبية&دائما بهذه الصفة&"الرفيق الأعلى"&التي تعبر تماما عن موقعه داخل حزبه.&

بالطريقة ذاتها كدّس&‘الحواريون’&من أعضاء حزبه،&المتضائل&لعشرات الأشخاص يجمعهم&بقاء الرجل حيّاً،&الأساطير&عنه&وعن حزبهم&وبعضها&تعوزه&الدقة وبعضها يستند إلى أكاذيب.

وإذ&مازال الرجل يتحدث عن دوره القادم في&مستقبل سوريا،&ويتحدث عن دوره السابق&بالطريقة ذاتها التي كتب فيها حزبه تاريخه،&لأن معاصرين قلة دونوا ما يعرفونه، فأصبحت قضية مثل استلام حزب الترك أموالا من صدام حسين، منسوبة لعضو لجنة مركزية في الحزب ذهب في زيارة علنيةلبغداد بصفته الشخصية وجلب الأموال بصفة شخصية بل&واتهم الرجل بأنه تصرف بهذه الأموال بصفة شخصية! هذا ما نفاه عضو في الحزب يرأس لجنته الخارجية وقدم جردة بالأموال التي استلمها الحزب من صدام. وإذ&كانت&جماعة الترك تنفي تحالفها مع جماعة الإخوان المسلمين في سوريا الذي كان بيّناً حتى للعميان&في الفترة التي خاضت فيها الجماعة مواجهة مسلحة مع السلطة فيما أطلق عليه "أحداث الثمانينات"، بحجة عدم وجود وثائق! فإن الترك نفسه هذه المرة يمارس هذا الدور! أي التلاعب بالحقائق لغسل تاريخ الحزب. &

خلاف الترك مع رزان زيتونة ومؤتمر أنطاليا

عند هذه النقطة بالذات يمكن لي أن أصحح للرجل ولمحاوره وحوارييه،&نقطتين وردتا &في حواره؛&الأولى ذكره أن خلافه مع الناشطة الحقوقيةالمختطفة&رزان زيتونة جاء بعد "أن&وجهت لها نقدا شديدا لمشاركتها في مؤتمر أنطاليا، وكان هذا في رأيي واحداً من أول المؤتمرات التي عقدت برعاية دولية، في محاولة لاحتواء الشباب." بما يوحي دون تصريح أن جماعته لم تشارك في هذا المؤتمر،&وأنه كان حريصاً&على قيادة الشباب للعمل السياسي&خلال&الثورة كذلك، وهو ما يكرره في الحوار بتأكيده أنه "طالما دفعت بأن يتسلم الكثير من الرفاق الشباب أعلى المسؤوليات."!

ورغم أني أستطيع التأكيد بداية أن رزان زيتونة لم تحضر ذلك المؤتمر ولميكن هناك ممثلين عنها، إذ&لم تكن لجان التنسيق التي تقودها تبلورت&كجهة سياسية ذلك الوقت، لكنها كانت على اتصال باللجنة التحضيرية للمؤتمر، لكن&السؤال الذي سأحاول الإجابة عليه في هذه المادة هل شاركت جماعة الترك في&"المؤتمر السوري للتغيير"&الذي عقد في أنطاليا&التركية&في نهاية الشهر الخامس من عام 2011! وهل كان الرجل فعلا يرى بأن "هذه المرحلة بحاجة لجهد الشباب" كما قال في حواره!&

متاهات اللجنة التحضيرية لمؤتمر أنطاليا وإعلان دمشق

حينما دعيت لأكون عضواً في اللجنة التحضيرية&لما سمي&"المؤتمر السوري للتغيير"&من&عبد الرحيم سنقر في القاهرة كان لدي ثلاثة استفسارات،&حول&جهة التمويل،&وفيما إذا كان هناك "شيء تحت الطاولة" يتوجب إعلانه "تجميع&لسوريين"، وحسم مسألة الدعوة لإسقاط النظام، التي لم تجاهر بها المعارضة حتى ذلك الوقت.&

تلقيت تأكيدات بأن المؤتمر&"سيد نفسه" وأن مموليه هم&أبناء سنقر بشكل أساسي، وإذا كان هناك برجوازية وطنية سورية فأبناء سنقر في واجهتها، إضافة لرجل الأعمال المغترب&غسان عبود مالك قناة الأورينت التي وقفت مع الثورة منذ انطلاقتها.

وكانت موجبات المؤتمر هي&تلكؤ المعارضة السورية التقليدية التي يعتبر تحالف الترك-إخوان مسلمين واجهتها، عن التحرك لتمثيل الثورة سياسياً،&وانتظارهم&المواقف الدولية &التي كانت مترددة، والنتائج على الأرض&لإعلان مواقفهم&النهائية من&إسقاط&النظام.&

انصب عمل&أعضاء&اللجنة التحضيرية لمؤتمر أنطاليا -ومازالوا جميعا أحياء-، على ثلاث&مسائل أساسية كان علينا حسمها قبل المؤتمر: الجهة الداعية لحضور المؤتمر، قائمة المدعوين وأسس دعوتهم ومعاييرها، مسودة خارطة طريق لمخرجات المؤتمر،&وهل سينتج عنه مجلسا قياديا مطابقا للتجربة الليبية أم لا!

طرح عبد الرزاق عيد،&وكان عضوا في اللجنة التحضيرية أن توجه الدعوة باسم إعلان دمشق كونه أوسع إطار جامع للمعارضة القائمة، وكان ذلك الحين يرأس مجلس إعلان دمشق في المهجر، ولم يكن لدى غالبية أعضاء اللجنة تحفظاً على ذلك، بل من تحفظ هو أنس العبدة الذي كان يشغل رئيس الأمانة العامة لإعلان دمشق في المهجر وهو كيان ملحق&بالإعلان&كما يشير اسمه يقارب أعضاؤه خمسين شخصاً. كان السبب المعلن للتحفظ يتعلق بالخشية على أعضاء الإعلان في الداخل من رد فعل النظام، وكان العبدة يعمل مراسلا بين المؤتمر ورياض الترك ويطلعه بشكل يومي على كل شاردة وواردة، بل كان معلوما للجميع أنه ممثل الترك في اللجنة التحضيرية ويتم التعامل معه على هذا الأساس. أما الأسباب غير المعلنة أو الإضافية فقد كانت خشية الترك من تصدر عبد الرزاق عيد بصفته رئيس الإعلان في المهجر فيما لو تمت الدعوة تحت يافطته. وكان الترك وجماعته وقتها يخوضون حرباً&علنية&ضد عيد لدفعه للاستقالة بعد أن نجح في الانتخابات، وهذا ما&كتب عنه&عيد&تفصيلا&ذلك الحين&.&

بعد تصريح لبرهان غليون الذي سعينا جاهدين لقدومه لقيادة المؤتمر ومخرجاته،&قال فيه أن المؤتمر يخدم أجندة خارجية، تراجع عنه لاحقاً، نشر عبد الرزاق عيد مادة في الحوار المتمدن تهاجم غليون وتقطع طريق قدومه!&إذ&كان لدى عيد حسابات تتعلق بأن قدوم غليون سيحرمه تصدر مخرجات المؤتمر. بالتشاور أو بتكليف من اللجنة التحضيرية ذهبت لغرفة عيد في الفندق راجيا إياه أن يحذف المادة لأن مشاوراتنا مع غليون ما تزال مستمرة، لكنه رفض مؤكدا لي حرفياً أن لا أحد يملي عليه ما يكتب وما لا يكتب. بعد عودتي فاشلا في إقناع عيد اتخذنا قراراً بإبعاد عبد الرزاق عيد&عن&اللجنة ومخرجات المؤتمر ككل لأننا ارتأينا أنه لا يصلح لقيادة عمل جماعي كهذا.

بعد قرارنا هذا الذي جاء لصالح الترك، تواصل&معه&العبدة،&فأصدر&إعلان دمشق&بيانا&مليئا بالتذاكي السياسي المبتذل&الذي لم يتوقف عنده أحد، لكنه أكد على مشاركة&الإعلان بصفة مراقب وهو بهذه الصيغة يشارك ويتجنب خلق إشكالات أمنية لأعضائه&وبل&يتحوط لتنحيته عن قيادة المعارضة بنفس الوقت، وكلف العبدة&وكاميران&حاجو لتمثيله بشكل رسمي، كما أعلن في ذات البيان إقصاء عبد الرزاق عيد&عن تمثيله في المؤتمر&وبالتالي إقصائه عن أي مخرجات للمؤتمر تستند على التمثيل السياسي&فوفر علينا الحرج مع عيد.&

في تلك الأثناء أرسل الإخوان المسلمون&حلفاء الترك في الإعلان&ممثلا للمشاركة في اللجنة التحضيرية بشكل مبدئي ليرى آليات عمل اللجنة وخارطة مشاورتها قبل أن يقرروا المشاركة بشكل رسمي ويرسلوا ملهم الدروبي&ممثلا عنهم في اللجنة التحضيرية.&بعد ذلك&صرح زهير سالم الناطق باسم الاخوان&عبر قناة الجزيرة&أن الإخوان غير مشاركين في أنطاليا!&فأجبرت اللجنة التحضيرية ملهم الدروبي على الظهور على الجزيرةنفسها&والتأكيد على مشاركتهم.&

حسم المواضيع المعلقة: المظلة، المدعوون، التمثيل السياسي

أثناء النقاشات المستمرة في اللجنة التحضيرية التي كان حكم البابا أحد أعضائها المستقلين عن الكتل السياسية، توصلنا بشكل متأخر لحسم عدد من الامور،&والتي تضمن إخراج المؤتمر من ألاعيب الغموض البناء التي يمارسها أعضاء إعلان دمشق؛ الأول أن المؤتمر يدعو لنفسه دون أي مظلة سياسية بل مظلة وطنية تشكلها اللجنة التحضيرية والممولون والمدعوون. والثاني أن توجه الدعوات بصفة شخصية تأخذ بعين&الاعتبار&الحيثيات الشخصية لكل مدعو للمؤتمر مع إهمال انتمائه السياسي وعدم الرضوخ لتوزيع دعوات الحضور على أساس الكتل السياسية رغم أخذنا بعين الاعتبار دعوة أفراد ينتمون لها، لاعتبارنا&هذه الكتل&لا تمثل شيئا ملحوظاً على الأرض في الثورة&السورية. إضافة لذلك فإن عدم قدوم&برهان&غليونالذي كان يتواصل معه حكم&بشكل مستمر&لعلاقته الجيدة به في ذلك الحين،وعدم وجود شخصية سورية قادرة على أن تحمل قيادة مخرجات المؤتمر جعلنا أمام خيارين الأول هو أن ينتهي المؤتمر ببيان ختامي دون أي شكل تمثيلي أو قيادي،&والثاني تشكيل لجنة استشارية دون أي "سلطة" أو صلاحيات سوى زيارة الدول الفاعلة وشرح القضية السورية وحثها على اتخاذ إجراءات حاسمة تساعد السوريين على اسقاط النظام. على أن يرحل هذا البند للنقاش من المدعوين وقد تبنى المؤتمر الخيار الأخير.

حسم موضوع الجهة الداعية والتمثيل الفردي&للحضور جعل أيهم حداد&يغادر&اللجنة التحضيرية&لأن حزبه -البعث الديموقراطي: صلاح جديد- كان يريد الدعوات على أساس تمثيل الكتل السياسية.&وأسوق هذه الملاحظة للتأكيد على صدور هذا القرار واحتجاج أعضاء في اللجنة التحضيرية عليه.&

وبسبب تأخر حسم هذه الأمور لما يقارب نصف شهر من مداولات اللجنة التحضيرية قبل انعقاد المؤتمر، اضطررت بشكل شخصي أن أهاتف أكثر من 270 من أصل أكثر من 420&مدعو&لحضور المؤتمر ليحجزوا تذاكرهمبأنفسهم على أن&يدفع ثمنها المؤتمر بعد الوصول&لأنه لم يعد هناك إمكانية لأن تحجز لهم اللجنة التنظيمية.

كان جميع أعضاء اللجنة&التحضيرية&مخولون&بترشيح أشخاص لدعوتهم،وتمت مناقشة حيثيات كل شخص على أساس الصفة والتأثير في المحيط، وبما يعكس تمثيل الخارطة السورية&وفي حال الخلاف على أيٍّ من الأسماء كنا نلجأ للتصويت.&فقد كنا نريد تمثيل&سوريا بشكل عادل وصحيح إلى حدٍ كبير، واشتغلنا بنزاهة وإحساس بالمسؤولية ومعايير معقولة لاختيار الأسماء المدعوة بحيث تعكس كل مكونات سوريا المدنية والعشائرية&والأثنية&والدينيةوالسياسية كذلك، بل حتى التوزان بين الثقافي والسياسي كان موجودا. &

اللجنة الاستشارية لأنطاليا

كنت أقود الشق التنظيمي للمؤتمر إذا جاز التعبير دون أي خبرة في تنظيم المؤتمرات، وشكلنا لجاناً تنظيمية فرعية تغطي كافة الجوانب غالبيتها من الشباب، الذي لم أر مثل حماسهم وتفانيهم في حياتي، وتولى حكم البابا مسؤولية متابعة الشق السياسي فيما يتعلق بالتمثيل، بعد الاتفاق على انبثاق لجنة استشارية عن المؤتمر. كان كتلة الحضور الأساسية هي للمستقلين والمثقفين والشباب إضافة لحضور كافة أطياف الجماعات السياسية القائمة.&

قررت اللجنة التحضيرية&أن تتشكل اللجنة&الاستشارية من 31 شخصا ممن حضروا المؤتمر لا من خارجه، وجرى الاتفاق على أن يمثل الشباب والمستقلون فيها 16 شخصاً يتم اختيارهم من قائمة طويلة تحوي حوالي أربعين اسماً أطلق عليها حكم البابا "قائمة المعقمين بالكلور" وشاور العديد من الشباب والمستقلين خلال إعدادها، بينما تختار الكتل السياسية ممثليها دون تدخل منا شريطة أن يتجنبوا قائمة أخرى من الأشخاص الذين وضعنا فيتو على أسمائهم، ولا يجوز أن يصعد أيّاً منهم إلى اللجنة الاستشارية&بسبب إشكالات في تاريخهم السياسي!&

غادر حكم البابا&عشية انطلاق اعمال المؤتمر&إثر خلاف مع غسان عبود على&ترتيبات الجلسة الافتتاحية، فتولى محمد العبدالله مسؤولية متابعة تشكيل القائمة مع "المطبخ" الذي كان يعدها، والذي ضمّ بصورة رئيسية كلاً منملهم الدروبي ممثلا للإخوان وأنس العبدة ممثلا لإعلان دمشق الذي يقوده الترك وكمال سنقر وغسان عبود. عشية الجلسة الختامية جاءني محمد العبدالله -على الأرجح- بمسودة أسماء متداولة من أنس العبدة لتشكيل اللجنة،&تخرق بشكل فادح كل تفاهماتنا حول القوائم التي أعددناها كمستقلين&وشباب!&صعدت إلى غرفة كمال سنقر، فوجدت إضافة لمن مرّ ذكرهم عمار قربي.&كانت&هناك ورقة أمام أنس العبدة تناولتها دون إذن، قرأت الأسماء المدونة بقلم رصاص، فلم أجد&فيها أي اسم من قائمة "المعقمين بالكلور"، إضافة لعدة أسماء&من "قائمة الفيتو"، رميت الورقة غاضباً وقلت: "نحن لسنا أولاد لتضحكوا علينا... سنرى غدا.." وخرجت. لحقني كمال سنقر وغسان عبود وأعاداني&للنقاش،&ليؤكد الجميع وعلى رأسهم العبدة أن هذه مجرد مسودة وأن القائمة ستلتزم بالتفاهمات والقوائم التي قدمناها لهم.

الجلسة الختامية وانقلاب الترك عبر عامله في بلاد الفرنجة

تشكلت لجنة لإعداد البيان الختامي للمؤتمر كنت عضوا فيها وحصل تباين على فقرات البيان الختامي حسمناها بالتصويت وربما سأعود لهذه النقطة بالتفصيل لاحقا، والتحقنا متأخرين قليلا بالجلسة الختامية.&

في الجلسة الختامية التي ستتضمن&انتخابات شكلية بعد ان شكل أخرون في المؤتمر قائمة منافسة، قادها أسامة الملوحي وهو عضو منشق عن الإخوان المسلمين، وبحضور أكثر من ثمانين وسيلة إعلام عالمية تغطي هذه الجلسة، جلس الجميع&حوالي ربع ساعة أو أكثر&بانتظار&القائمة&الأساسيةالتي سيأتي بها أنس العبدة&لوضعها للعرض مع القائمة الأخرى التي كانت جاهزة للتصويت&على شاشة كبيرة في صدر المؤتمر.&

حينما تم عرض القائمة دعا محيي الدين لاذقاني الذي تم اختياره لإدارة الجلسة الختامية،&محمد العبدالله لإقناع الحضور بالتصويت للقائمة التي سميت باسمه،&والتوضيح&للمؤتمرين&كيف اختار هذه الأسماء&ولماذا. وقف محمد العبدالله مبهوتاً&وغاضبا&مثلنا جميعا بعد أن قرأنا أسماء القائمة،&لكنه كان شجاعاً، وقال أمام الملأ أن هذه القائمة لا تمثله ولم يختر&أسماءها وأنها تخالف الاتفاق&بأن يكون المستقلون والشباب هم جسد القائمة..&وأعلن انسحابه من الجلسة&وتبعه مجموعة من الشباب أيضا. كنت أجلس بجانب اللاذقاني حين حدث ذلك، خرجت وراء محمد العبدالله ساعيا للملمة القصة أمام الإعلام&كي لا يتحول الأمر لفضيحة، رغم شعوري بالصدمة من الأسماء التي تم اختيارها. وباقتراح مني -على ما أذكر- تم إخراج ترضية للشباب الذين انسحبوا مع العبدالله من المؤتمر بعقد جلسة عاجلة على الهواء مباشرة على قناة الأورينت لإعلان مجلس تنسيق شبابي يعتبر من مخرجات أنطاليا وكانت تلك الجلسة الوحيدة له وكانت وظيفتها امتصاص غضبهم على أسماء اللجنة الاستشارية.&

إذن تشكلت&قائمة&اللجنة الاستشارية&من محاصصات الرفيق الأعلىالشهيرة، إعلان دمشق، إخوان، أكراد، وأشخاص أخرين لا حيثيات لهم، كما ضمت أسماء من القائمة التي وضعنا عليها فيتو.

بعد نهاية أعمال المؤتمر كنت غاضبا&ومحبطا&وأشعر مثل جميع من توخى شيئاً من هذا المؤتمر بالخديعة،&فلم أكن قد تعاملت مع المعارضة السورية من قبل تنظيمياً، ولم أكن أتوقع أن التآمر والخداع جزء مقر من سلوكها وأسلوب عملها.&قلت لأنس العبدة بعد أن صدفته في أحد أرجاء الفندق&بصراخ غاضب: ألا تكف عن التآمر.. هل كانت وصفتكم هذه ناجحة لتكرروها كل مرة! قال لي حرفيّاً وأصدقه:&هل تعتقد أني قادر على تحمل مسؤولية هكذا أمر بمفردي! إنها طبخة أبو هشام. وهذا اللقب الذي ينادي به العبدة رياض الترك. ويستطيع من شاركوا الترك طبخ تلك القائمة أن يكتبوا ما عايشوه فما زال الجميع أحياء.&

الخلاصة

لم يعد&مؤتمر&أنطاليا ولا مخرجاته مهماً، وكانت وجهة نظري أن فشل&المؤتمر&جاء بسبب&هذه القائمة بالضبط، فدعوت&بعد انتهاء أعمال المؤتمر لتصحيحها وتوسيعها&وفتحها أمام&من لم يحضروا المؤتمر، لكن تعيين المكتب التنفيذي لاحقاً بطريقة&المحاصصات&نفسها أجهز كليّا على أنطاليا، ليشكل أهم فرصة مهدورة أمام الثورة السورية&لتشكيل تمثيل وطني دون إملاءات خارجية.&وشارك في هذا الإفشال ثلاثة عوامل رئيسية، تردد برهان غليون وخوفه من تحمل المسؤولية، إذ أبلغناه أننا كشباب ومستقلين سنمحنه تفويضا بقيادة مخرجات المؤتمر&حال مشاركته، فقد كان الإخوان وإعلان دمشق في ذلك المؤتمر بحجمهم الحقيقي.&والعامل الثاني هي عقلية الترك نفسها التي لا تستطيع رؤية العمل السياسي من خلال المصلحة الوطنية، بل من خلال مصالح جماعته. والثالث انسياق&أبناء سنقر وغسان عبود كممولين للمؤتمر وراء&الظن&الحسن&بأداء الترك كسياسي مخضرم واعتبارهم&تلك التشكيلة&هي أفضل ما يمكن&خصوصا بعد أن ضمنوا ممثلين لهم فيها، لكني أستطيع التخمين أنهم تم&خداعهم&مثلنا أيضاً.&

بعد أن تأكد الترك من فشل&سيطرته على&هذه الطبخة انتقل سريعاً إلى طبخة&جديدة هي&"المجلس الوطني السوري"&التي عكست القائمة ذاتها&بل أيضاً أفسحت الطريق&واسعا&لمخابرات الدول الفاعلة للتدخل في تشكيل المعارضة. وأتمنى على الترك أن يوضح الرعاية الدولية التي عقد المؤتمر بظلها لأجل التاريخ، فحسب علمي فإن حتى موافقة الأتراك على المؤتمر جاءت من خلال مالك الفندق الذي عقد&فيه المؤتمر.&