من المفروض أن&الناقد أو&المعارض الحقيقي لسياسة الجهة&المستلمة&مقاليد الحكم،&سواء داخل الدولة أو داخل الحزب أو المنظمة،&لا&ينتقد فقط لكي ينال من الجهة السياسية،&ولا يخاصم من باب إظهار مخالفته، أو من باب الاعتراض المريض لكل ما هو آخر،&ولا&يُعارض ليأخذ مكان مَن يُعارضه&فحسب،&إنما&ينتقد أو&يعُارض&لكي يساهم في&تحسين شروط الحياة السياسية&أو&الاقتصادية&أو الثقافية&أو الاجتماعيةللبلد أو&لمنتسبي&المنظمة&أو الحزب، لأنه إن لم يكنالأمر&كذلك،&وقتها يكون&المنتقد مجرد صائد عثرات لا مشروع&منافع عنده،&ولا&رؤية للحلول لديه،&أو يكون حينها&ذلك&المعارض&أشبه بتاجرٍ&انتهازي جشع يبحث فقط عن فرصة للإنقضاض على منافسيه&من المنتجين أو رجال الأعمال&أياً كانوا،&وذلك ليس حباً بالمستهلكين ورغبة منه بتخليصهم من قبضة الحاخامات المسيطرة على الأسواق، ولا حرصاً على حياة المواطن من&كواسر الاحتكارات الكبرى، إنما&للمضي في الاستئثاروإمعاناً في خناق المستهلكين عبر فرض شروطه القائمة على تكديس أمواله&على حساب&بعض قرنائه من أصحاب الشركات&وكذلك على حساب&أكبر عدد من العامة،&وهو&حينئذٍ وفق&تصورنا&يكون&موقعه القيميفي أردأ مقامٍ من مقامات المعارضات في العالم.

كما أنه ثمة فرق شاسع بين مَن&ينتقد أو&يعارض جهة ما على مشروعها&برمته، ومَن يعارض فقط لكي يُعارض الموقف السياسي الراهن،&أو جزءاً يسيراً من الكل،فالأول&عادةً ما يكون&خطابه&منطقي&عقلاني،&ويحاول قد الإمكان أن يقترب من تخوم الموضوعية&في حُكمه، بينما الثاني&غالباً ما يكون&عاطفي&صرف،&يحركه حدث أو موقف صغير،&أو&يكون&واقعاً تحت تأثير أشخاص معينين لأسباب عائلية&أو مصلحية&أو أيديولوجية؛&الأول لا يشتم ولا يتطاول على&خصوصيةوأعراض&الخصم،&وصراعه غير وجودي، بينما الآخر قد يقود على خصمه أزنخ الحملات التشويهية&رغم عادية الخلافات بينهما،&وقد ينال من كرامة من يُعارضه،وصراعه معه مفتوح،&ولا إشكال لديه في نحر خصمه، ولكن يبقى الغريب&حقاً&أن الأوَّل قد يُتهم مراراً من قبل العامة&بالتساهل&أو&المساومة وربما اتُهم بالخيانة أيضاً لأنه لا يلجأ إلى نفس الأدوات الفظة لخصمه&كما هي العادة لدى نقيضه!!!

عموماً&وعلى المستوى السوري&فرغم الماضي المشترك لمن غدوا فيما بعد فريقين متضادين متصارعين حتى النسف، إلاَّ&أن التطرف في المواقف من بعضهما غدا الأكثر جاذبية لدى&منتمي&مختلف الأطراف،&لذا&فإن كان الفرد في محور&النظام فعليه أن يسمي الثوار بالإرهابيين وبالعصابات المسلحة&وذلك حتى يظهر ولاءه للنظام، وإن كان في&مناطق نفوذ الكتاب الاسلامية عليه أن يكثر من مفردات مثل: كفار، زنادقة، نصيرية ..الخ، وإن كان في مناطق نفوذ المعارضةالمعتدلة حسب التصنيف الدولي،&فعليه أن يشتم الأسد وميليشياته وحلفائه ليل نهار ليؤكد على هويته كمعارض، وإن كان في مناطق نفوذ الاتحاد الديمقراطي فعليه أن يجيد&شتم واتهام عدة أطراف، باعتبار&أنه&يرى نفسه&حيادياً&وخصماً&سياسياً&للمعارضة&وللنظام&بآنٍ واحد؛ علماً أنه رغم القدرات&الكبيرة&على المستوى الاجتماعي والسياسي والعسكري له،&أقصد&حزب الاتحاد الديمقراطيPYD،&ورغم ذلك&فمع كل ادّعائه&المكوث في المنطقةالمحايدة،&لم يستطع أن يكون&بمستوى أهالي السويداء الذين بقوا إلى حدٍ ما في منطقة الحياد الإيجابي&حتى الآن.&

كما أن&من&أبرز وأسوأ&وربما أخطر المثالب القيمية&المشتركة&لدى&أغلب&السوريين،&أن الذين قبل الثورة كانوا يغضون الطرف&عن&كل انتهاكات شبيحة آل الأسد، ويتناسون&جرائم&عائلة&الأسد&حباً بالرئيس،وخوفاً عليه،&وحرصاً على سمعته، هم أنفسهم انتقلوا الى جسم الثورة وعمموا نفس تلك القاعدة&في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام،&وباتوا حريصين&جداً&على&الصورة النقية&للثوار في أذهان الناس&حتى ولو كانوا خارجين عن القانون؛&إذ&مَن&راح&يتحدث عن انتهاكات&عناصر&الفصائل&منذ عام 2013&لكي لا يقتفوا أثر شبيحة نظام البعث،&كان&المزاودون من الثورجية&يقولونله:&لكي لا نشوّه اسم الثوار علينا أن نتجاوز&مثالبهم&وأن&لا نركز&حالياً&على&اِنتهاكاتهم!.

وفي الختام يبقى&السؤال&الأهم&هنا&وبعيداً عمن يمتلك السلاح الخفيف أو الفتّاك،&فهل في&معيار العدل والحق والإنصاف&ثمّة&تفضيلٌ أو&اختلافٌ&بين اِنتهاكات آل الأسد&وشبيحته&واِنتهاكات&شبيحة الثورة&واِنتهاكات قوات سوريا الديمقراطية؟&وهل&لون&الاِنتهاك يختلف من&منطقة&إلى أخرى؟&وهل الاِنتهاك من&قبل&جهة&ما&مسموح ومرحب به ولدى الجهات الأخرى&مستقبح ومدان؟&أم أن&هذه الآفة الانحيازية&هي&حقاً&من المشتركات الجوهرية في المداميك الأولى من البناء الفكري&للمجتمع السوري&بوجهٍ عام؟.