كان الخلاف بين الفرق الاسلامية& كالمعتزلة و الأشاعرة& و غيرهم في الظنيات لا في القطعيات، في المتشابهات لا في المحكمات في الفروع& ليس في& الثوابت و العقيدة ؛ من باب :& &هل الله امر بالخير& لانه خير و نهي عن الشر لانه شر..&

ام ان الخير خير لان الله امر به و الشر شر لان الله نهي عنه ؟. تبني المعتزلة الرأي الاولي و الاشاعرة الرأي الثاني.

& و اختلف الفقهاء في قضايا و من اهمها قدم العالم& و انقسموا بين من يقول ان العالم قديم و من يقول ان العالم مُحدث..&

الغريب ان فقيه مثل ابن تيمية& الذي اسس& الي النقل على العقل قد& انحاز للفلاسفة و قال بقدم العالم مثلهم مما يجعله يقف في صف من كفرهم& و جاء الدور عليه& ليُكفر& هو نفسه ايضا من قبل من كانوا انصاره.&

و من اجمل وصف قرأته& في موضوع قدم العالم&او احداثه.. هو ان الله& أوجد الأشياء عن عدم&و أعدم العدم فأصبح العدم وجود.&

&قضية اخري اختلف الفقهاء فيها و هي الزمان و المكان& و هل المكان ثابت ام متحرك.&

فالبرغم ان الفيلسوف الصوفي ابو حامد الغزالي& قد انتصر على فلاسقة العقل& مثل ابن رشد..&

الي ان رأيه في ان المكان متحرك& و ليس ثابت قد اثبتته التجربة العلمية ( الامبريقية ) و قال المتكلم الغزالي& ان بعد& الزمان و بعد المكان& لا يمكن الفصل بينهما& و لا معني للزمان& بدون المكان و قال ان& العالم محدث و من خلق الله و ليس قديم و برهن& بان اذ نتفق على ان& الزمان& دالة في الحركة فان الكون متحرك& و ليس ثابت.. و هذا ما اكده العلم الان و ثم قياس عمر الكون بانه يقترب من 14 مليار& سنة.& تحديدا 13.7مليار سنة. و ان الكون يتمدد و ليس ثابت.&&

العجيب ان القران وصف الزمان بانه علاقة لمنظومتنا& الشمسية حين قال (& الف سنة مما تدعون& ) و في مقام اخر ( خمسون الف& سنة مما تعدون).. و هو وصف دقيق& فالسنة لها علاقة بدوران& الارض حول الشمس.. و لأي قياس خارج المنظومة الشمسية& لا تعني السنة شيئا و هذا ما شرحه اينشتاين في نظرية النسبية& و فشل فيه نيوتن.&

&اشتغل مفكرون اسلاميون بالعلوم و قادوا الامة الي مشروع نهضة حقيقي بدأ& بمشروع حداثة&.. فالحداثة مثلا التي وضع لها هيغل مفهوم واضحا حيت بدأ تعريفه لها انها ظهرت مع عصر التنوير و العصور التي تشكل تجددا مستمرا و حركة نهوض و تطوير و ابداع هدفها تغير انماط التفكير و العمل و السلوك و هي حركة تنويرية عقلانية مستمرة هدفها تبديل النظرة الجامدة للكون و الحياة و الأشياء الي نظرة اكثر تفاؤلا و حيوية& و هذا ما فعله مفكرون اسلاميون استغلوا على الاجتهاد المستمر الذي يجعل الاسلام صالح لكل زمان و مكان&..& &

&فلقد وضع عصر النهضة الاسلامي اول اسس مشروع تحديث و تنوير و تطوير اجتماعي و اقتصادي و ثقافي شامل بدأ من القرن التاسع و حتي الثالث عشر الميلادي حدثت نهضة فكرية اجتماعية قادها مفكرين مسلمين مثل الفارابي و ابن رشد و ابن باجة و التوحيدي و ابن مسكوية& و ابن سينا و غيرهم.. و كان العرب و المسلمين يشكلون مرجعية ثقافية لمفكري اوربا حتي عصر النهضة فقد تأثر الاوربيين بالمفكرين و الفلاسفة العرب و المسلمين خصوصا الفارابي و ابن سينا و ابن رشد و حتي الكندي..&

فقد جسد هؤلاء انفتاح علي العلوم الدنيوية العقلانية فكانوا يجمعون بين علوم القران و الفلسفة من دون الشعور بالحرج مكنهم دلك من القدرة علي التطور و الابداع.

خلاف من نوع اخر كان بين فقهاء العقل و فقهاء النقل و لكل كان اساس نظريا جادل به و فند فكرة الاخر فكان لفقهاء العقل الأساس& هو المعرفة العلمية بينما فقهاء النقل تبنوا& المعرفة الدينية كاساس للمجادلة.. يطلق علي الأول الابستومولوجيا و علي الثانية الغنوصية، الأولي تجدها في المعمل و تصل اليها بالتجربة اما الاخري يخبرنا بها الله في الكتب السماوية و الأحاديث الشريفة.

يصل الإنسان الي المعرفة العلمية& ( علم الشهادة )&

و لكنه لا يصل الي المعرفة الدينية& ( علم الغيب )&الا بالإيمان فلن تصل بالعلم الي جواب عن اسئلة الروح مثلا و أين يذهب الإنسان بعد توفي الانفس و التي لا يعلمها الا الله. (قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ) صدق الله العظيم.

و معني الابستومولوجيا يعني علم العلوم او علم المعرفة، و الذي صيغ لاحقا.. و انقسمت الابستمولوجيا إلى عدة اقسام فلسفية و هي الفلسفة الوضعية، الفلسفة التفسيرية أو الفينومينولوجيا و هي فلسفة تعتمد على الشرح، الفلسفة الواقعية و هي فلسفة تقع بين الفلسفة الوضعية و التفسيرية.

&الفلسفة العقلية& تقول بمبدأ العلية.. كل ظاهرة لابد ان يكون لها علة، فالعلم يشرح سبب غليان الماء و تجلط الدم مثلا و كل قضايا القابلة& للرصد و التجربة& و لا يبحث العلم سبب احتياج المعلول لعلته،& فالتجريب لا يقطع بجوهر العلية.&

&اما المعرفة الدينة و التي تسمي بالعرفان فهو احد المناهج المتبعة للوصول الي الله و العرفان من مصدر عَرَفَ فيقال عارف بالله، أي متحقق بمعرفته ذوقاً و كشفاً، و يُطلق عليه أيضاً المعرفة "اللّدنيّة"

&أي التي تكون من لدنّ الله ؛& يقول المفكر محمد عابد الجابري: "يبدو أن العرفان نظام معرفي، و منهج في اكتساب المعرفة، ورؤية للعالم و أيضاً موقف منه، انتقل إلى الثقافة العربية الإسلامية من الثقافات التي كانت سائدة قبل الإسلام في الشرق الأدنى... يُسمّى الغنوص، و الكلمة يونانية الأصل.

&و معناها المعرفة و قد استعملت أيضاً بمعنى العلم و الحكمة، غير أن ما يُميّز العرفان هو أنه من جهة معرفة بالأمور الدينية تخصيصاً، و أنه من جهة أخرى معرفة يعتبرها أصحابها أسمى من معرفة المؤمنين البسطاء و أرقى من معرفة علماء الدين الذين يعتمدون النظر العقلي ". انتهي الاقتباس.

العرفان او المعرفة الدينية تؤمن بالجعل.. جعل الشيء.. يقول تعالي :& " ام خلقوا من غير شيء ام هم الخالقون "& و هناك فرق& بين الايمان بالله و الايمان بالعلم&...

المشکل یکمن دائما عند بعض الناس فی الخلط بین الاثنین فتجد من یؤمن بالعلم فقط و العکس صحیح فتجد من یؤمن بالدین و ینکر علی العلم ای دور ؛ اظن ان کلامها جانبهما الصواب فلابد من الجمع بین الاثنین فکما أن الإنسان هو جسد و روح فالعلم یحاط بالجسد و الدین بالروح..

خلق الله& الإنسان& &للعبادة و اقامة العدل و القسط للوصول للسعادة& الأبدية& و سنام غاية الدين و هي التقوي& لتكافيء& بالسعادة الابدية و هي الجنة.& و العمل جزء مهم من العبادة لإعمار الارض..

و جعل الله& الايمان مرتبط بالعمل& الصالح دائما.

& ( الذين امنوا و عملوا الصالحات.. ) وصولا الي غاية التقوي و هي سنام الدين.

و الاساس الصحيح لحياة ناجحة هو الجمع بين المعرفة الدينية و&المعرفة العلمية..& و الجمع بين القران و العلم..&

و حريا بنا هنا ان نذكر انه ما لاشك فيه انه كل ما ذكر في القران هو حقائق اثبتها وسوف يثبتها العلم لأنه من عند الله و لأنه الوحيد الذي يجمع بين العلمين، علم الدين و علم العلم و المعرفة.&

فهو عالم الغيب و الشهادة كما يقول علي نفسه جل جلاله.

&. جانب اخر مهم شاب الخلاف الفقهي منذ بدايات الاسلام و خاصة في نهاية العهد الراشدي و هو الخلاف السياسي.&

فاجتماع السلطتين الدينية والسياسية في رجل واحد كان سمة عصر النبوة و الرسول محمد سيد الخلق حيث جمع بين السلطة الزمنية و السلطة الدينية و انتهي بوفاته و بانقطاع الوحي، فلا مجال لاحد بعد الرسول ان يساوي نفسه به صلى الله عليه و سلم، و عاش الاسلام كطريقة عيش تجمع الدين مع المشروع& السياسي& فترة بسيطة و هي فترة النبوة و فترة الخلافة الراشدة،&&قال عنها سيد الخلق سياتي بعدها ملك عضوض.&

ما سيأتي& بعد ذلك سواء في العصر الاموي او العباسي او حتي العصر الحالي ما هو إلا اضفاء& الدين على السياسة و إطلاق المقدس و هو الدين على الحاكم و وصف كل من يعارضه بالمدنس وهنا تكمن الخطورة، وكما يقول احد دعاة الاسلام السياسي اليوم الشيخ راشد الغنوشي حين قال :

أن اشد انواع الطغيان هو ما سيأتي باسم المقدسات و إضفاء صفة المقدس&.

&استعمال الدين في السياسة ( الاسلام السياسي )& تاريخيا جاء بصفتين اما الطرح الأيديولوجي& للخطاب الديني مثل جماعات الاسلام السياسي حاليا& و اشهرها جماعة& الاخوان المسلمين أو استعمال العرق و النسل الشريف مثل ما فعل ملك الأردن و ملك المغرب باعتبارهما من نسل& الاشراف&

&مستندين علي حديث صحيح لرسول الله صلي الله عليه و سلم رواه احمد& يقول فيه : (& الائمة من قريش).&

&

و هنا أيضاً تكمن الخطورة في توظيف الدين لمصلحة السلطة و الحكم& باسم الدين بدلا من الحكم بالشوري و بالعدل باعتباره اساس الحكم ان& الخلاف مع هؤلاء يعتبر مثل الخلاف مع الدين نفسه.&

&

يعتمد النظام السياسي في الاسلام& (& السياسة الاسلامية& ) التي& تتمثل في التشريعات الفقهية المستمدة من النص القرآني و سنة سيد الخلق و انتقالا لكتابات بعض الفقهاء الذين كتبوا في الإسلام السياسي او نظرية الحكم الاسلامي كالماوردي في كتابه الاحكام السلطانية و ابن تيمية في كتابه السياسة الشرعية و ابن الجوزي و الغزالي و غيرهم من المحدثين، فكلهم لا يخرجون عن القاعدتين الأساسيتين لنظرية الحكم الاسلامي و هما مبدأ العدالة و الشورى، و التي تنص عليه معظم الدساتير الحديثة اليوم ولكن في التطبيق الواقعي لم نصل الى ذلك لعدة اسباب باتت اقوى من التشريع و هو التفسير الخاطئ للدين من ناحية و كذلك التعصب الديني داخل المنظومة الدينية نفسها.

فمبدا العدالة يعني تطبيق قول الرسول " لو ان فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها " و العدالة تعني التوزيع العادل للثروة&و المساواة امام القانون في كل شيء بين الحاكم و المحكوم و هو مبدأ دستوري، و الثاني هو مبدأ الشورى و الذي يقوم علي قاعدة المشاركة في القرار السياسي و توزيع الثروة و التي تعتبر معضلة اليوم لمعظم الدول االعربية و الاسلامية.&

و من هنا نخلص إلى أن التشريع الاسلامي لم ينص على اي نظام حكم بعينه؛ فردي ام ديمقراطي، ملكي او آية الله او جمهوري او خلافة، فالأهم هو الحرص و التأكيد على هذين المعيارين الديمقراطيين اللذين يضمنان الحقوق و الواجبات و هما العدالة& و الشوري.