حب السلطة والبقاء في الحكم ليس قاصرا على بلد دون أخر أو على شعوب دون غيرها بل هو طبيعة بشرية مثل حب التملك والسيطرة،&لذلك&اتفق الفلاسفة والحكماء منذ الثورة الفرنسية في عام&1789م&على&تحديد مدة البقاء في الحكم وأصرت عليها الشعوب المتقدمة، ولا زالت شعوب العالم الثالث&تكافح من اجل&تطبيقها&كفاحا مريرا،&لأن الحكام&في هذه البلدان&عندما يشعرون&بخطرإقصائهم عن كرسي الحكم تشتد شراستهم من أجل البقاء، فيكثرون من الحراس ويملؤون السجون بالمعارضين&من اجل&بقائهم في السلطة.

تغيير نظام الحكم له طريقان،&الطريق&الأولى الثورة الشعبية على الحكام وهو طريق محفوف بالمخاطر ويحتاج الى الكثير من التضحيات، وقد&يعرض البلد للفوضى&حيث&يتعرض فيه الناس والبلد والأموال والممتلكات للضياع والتلف.&والطريق&الثاني هو&التغيير السلمي وهو طريق سهل تسلكه الشعوب المتحضرة&والواعية&بهذا التغيير كلما وجدت نفسها في حاجة إليه وأسلوبه هو الانتخابات الحرة التي يعبر فيها الناس عن رغبتهم في التغيير.&الشعوب عادة لا تلجأ إلى الطريق الأول إلا إذا&فقدت&الأمل&في إحداث التغيير بطريقة سلمية.

التغيير السياسي الحقيقي لا ينجز إلا من خلال قوة سياسية مجتمعية، وهذه القوة تتمثل اليوم في إرادة الشعوب التي لا تقهر، والشعوب&-&بالمعنى العام&-&لا تستطيع أن تذهب إلى أفق التغيير إلا بوجود قيادة منبثقة منها.&هذه القيادة بالتحامها مع إرادة الأمة&لا بد ان تملك&القدرة على انتزاع وصنع وسائل الذهاب إلى تحقيق أهداف ومقاصد الانتفاضة&السلمية.&&&

وكي لا يبقي هدف&التغيير السلمي غير واضح المعالم،فلا بد أن تتوافر فيه&الشروط&التالية:&الأول، التأسيس لحياة ديمقراطية دستورية تتجاوز حكم&الفرد الواحد.&والثاني، تطوير الجهاز الحكومي وسائر الإدارات بما يتلاءم ومنطق دولة القانون والمؤسسات،&وتطهيره منالفاشلين&والفاسدين، فالديمقراطية وسيلة غايتها&إنشاء&الحكومة الرشيدة، وما أكثر الديمقراطيات&في دول العالم الثالث&التي انهارت على أيدي حكومات فاسدة&ومتسلطةمنذ منتصف القرن الماضي.&والثالث، أن يكون في مقدمة واجبات الحكومة&الرشيدة السعي لتحقيق العدالة الاجتماعية بين المواطنين،&عبر تضييق الفجوة بين&الغنى الفاحش والفقر المدقع&لتفادي&تفجير الصراعات الأهلية والنزعات المتطرفة، وانقسام الوطن بين من يملكون ومن لا يملكون.&والرابع، التشريع لمؤسسات مجتمع مدني حرة&وقادرة على&تجاوز&العصبيات التقليدية من تكوينات&اثنية وقبلية وطائفية&وعشائرية، في إطار من الفكر المنفتح والحوار&الجاد.

يبدو ان&الشعبين في الجزائر والسودان استوعبا الدرس&من&موجة الربيع العربي الأولى، وهما&–&حتى الآن&–يبدوان&مصران على التظاهر والاعتصام&السلميين&حتى تحقيق مطالبهما بالكامل، وعدم&إعطاء الفرصة للمتربصين&لاختطاف&ثورتيهما.&اقناع قادة الجيش في كل من&الجزائر والسودان&بالتخلي عن الحكم وتسليمه لمن يختاره الشعب من المدنيين عبر انتخابات حرة ونزيهة&ما يزال تحديا مهما في طريق تكريس نظام حكم&مدني ديمقراطي&أكثر استجابة لاحتياجات&ومتطلبات&الشعوب.لا بد من دعم وتمكين&قوى المجتمع&المدني&في كلا البلدينلتشكيل قوة تكبح جماح القوى العسكرية&والأمنية،&وفي حال استقرت تجربتهما، وتم&تحجيم&حكم العسكر وتدخله&في الشؤون&السياسة، فسيفتح&المجال لمسار التغيير أن يستمر وينتشر&في باقي البلدان العربية آجلا ام عاجلا.الجيوش في الدول&الديمقراطية مهمتها الرئيسية حماية الوطن من أي اعتداء خارجي، وتأخذ الأوامر من رئيس الدولة، ولا يحق لها التدخل في الشؤون السياسية.&

"الأكثر صعوبة في مراحل تاريخ الثورات هي المرحلة الانتقالية. بعد عقود من حكم الفرد وغياب&المؤسسات،&لا بديل عن توافق الجميع على حكومة وحدة وطنية تأخذ الوقت الكافي لصياغة عقد اجتماعي جديد وبناء مؤسسات المجتمع المدني. إن إدارة المرحلة&الحالية&بعقلانية هي الضامن لمنع اختطاف الثورة والعودة إلى الوراء. (الدكتور محمد البرادعي).

التغيير سنة الحياة، ومن يقصرون نظرهم على الماضي او الحاضر سوف يخسرون المستقبل. (جون كنيدي).