كم من الكذب ينطلي علينا نحن الشعوب المغلوب على أمرنا&وكم من الآمال العريضة دخلت في مخيلتنا ولم تبرح مكانها ولا تقبل&ان&تنتقل&الى&ارض الواقع فعُدّت من نسج الخيال ومن&أضغاث&الأحلام&هدفها&الأساس&الضحك على ذقون الملأ المتعب وتنويمه وتخديره على حلل الوعود التي تأتي الخيال دون&انتمسّ الواقع المعاش&.

أكاد اجزم بان كل الحكومات التي تعاقبت على حكم بلادنا كانت ترفع شعارات برّاقة تقول فيها&ان&النفط هو ملك للشعب وكل&ماكنزت&الأرض&هو طوع&أمر مواطنيه وأهله واتضح&انالأمر&لايعدو&كونه كذبا ومينا ظاهرا فلا المواطن ابن هذه البلاد اغتنى من ثروة بلاده ولا الدولة عملت على استثمار النفط والاستفادة من عائداته للنهوض والتطوير&الانمائي&في مجالات الزراعة والصناعة والتجارة العالمية مثلما فعلت&دول العالم الناهضة التي تحترم مواطنيها وتريد لهم الرقيّ وبحبوحة الحياة اقتصاديا ونفسيا&، فصارت عصبا تجاريا&ومحطّالاستثمارات مالية كبيرة عززت اقتصادها لتكون سوقا عالمية وعاملا مهما لجذب الاستثمارات وبقي النفط داعما للنهوض في&كافة مجالات الاقتصاد بينما نحن&أهدرنا خزين النفط في تغذية المعارك وتأجيجها وملء جيوب السادة من النخب السياسية غير الفاضلة&الاّ&بشعاراتها المخادعة&وتضليلاتهاالتي لا&تحصى&.

وحتى هذا الوقت ظلت بلادنا&ريعية&واهنة&في اقتصادها ؛&كسيحة الساعد والعقل&ومعتمدة كليا على&مايردنا&من&أموال النفط لتوزيعها معاشات شحيحة لسد الرمق والبقية الباقية منه تذهب&الى&جيوب السحت الحرام فبقيت الزراعة والصناعة والتجارة والخطط التنموية القريبة والبعيدة المدى مشلولة واعتمدنا كليا على الاستيراد لأبخس السلع والبضائع .

والأغرب&اننا&غدونا نحن&أبناء وادي الرافدين نستورد حتى الماء من صحاري الدول المجاورة ونطلب الفاكهة والخضار&ومايسدرمقنا من الجوار وغير الجوار والتي كانت حتى&الأمس&القريب على حافة الجوع وكسونا&أنفسنا من خرق الدول&الأخرى&والتي كانت في السنوات الماضية شبه عارية&.

لقد&اهدرنا&نفطنا وذهبت موارده&الى&جيوب اللصوص والى قنوات ليست نافعة فلم يستثمر هذا المال الهائل في مكانه الصحيح&انما&صرف معظمه على شراء السلاح وتغذية&ماكناتالحرب&لحرق&ماتبقّى&من شعبنا&ولا&ادري كيف سيكون حال العراق في المقبل القريب بعد&ان&تنخفض&اسعار&النفط انخفاضا مهوّلا&بسبب توفر بدائل الطاقة المتنوعة&وربما ستصل&الى&دون النصف في السنة المقبلة&اذ&ان&المؤشرات العالمية توحي بان سعر البرميل قد ينخفض&الى&اربعين&دولار&أو أقلّمما يشلّ ميزانية البلاد التي كانت قبلا تتجاوز 120 مليار دولار&أمريكي&دون&ان&نلمس انتعاشا اقتصاديا في تلك السنوات التي مضت فكيف بنا لو انخفضت الميزانية&الى&50 مليار دولار&او&اقلّ ؟! هذا&اذا&علمنا&ان&اكثر&من سبعة ملايين من العراقيين&الان&تحت خط الفقر&رغم&ان&اسعار&النفط الحالية تتجاوز السبعين دولارا للبرميل الواحد&.

علينا&ان&نعترف بان هناك مخاوف وأهوال&لايستهان&بها&يمكن&ان&تحدث في المقبل القريب مادمنا لم نحسن&إنماء وتطوير اقتصادنا على الوجه&الأكمل&ونفتقد الدراية والدربة لأننا وضعنا عصب الدولة ومناصبها بيد من لا يجيد فن الابتكار وصنعِ المستقبل وكل همّهم&ان&يملئوا&أرصدتهم مالا حراما وان يقطّع العراق&الى&محاصصات&وأشلاء مبعثرة&ومحارق حروب&.

امس&كان النفط ملكا صرفا لطاغية واستنزفت ثروتنا البترولية وقودا لحروب&عبثية&يسودها&خطل&الفكر&لينتفخ القائد زهوا عسى&ان&يحقق نصرا يسدّ ثغرات النقص في شخصه ولا&يهمّ&ان&خرج الشعب خاسرا خالي الوفاض&الاّ&من&أحزانه وكثرة ضحاياه من الموتى والمعوّقين&الكثر&، واليوم صار النفط ملكاً للسلطة الفاسدة والأحزاب الثقيلة الظلّ&الكامدة&على صدورنا ولأتباعهم من المرتزقة واللصوص وأعداء البلاد ولا&ندري متى ينفد هذا الذهب&الاسود&مثل اسوداد حالنا والذي&أضحى نقمة علينا بدل&ان&يكون نعمة وخيرا وهبة إلهية لأننا لم نعمل عقلنا في توظيف ما&أكرمنا الله&به&في سبيل الرقيّ والإنماء والتطوير كما هو حال الشعوب&الأخرى&.

كم نتمنى&ان&تخلو بلادنا من&زناخة&النفط&ورائحته الكريهة جدا&عند&أول ظهوره وتدفقه على أديم&الأرض&ونستثمر&أمواله الجمّة&المهولة&كي&لايدنـــو&منا الطامعون والقطط السمان التي تشمّ زفرته من&بعيد لكي نفعّل عقولنا ونبتـكر ونبدع ونـخلق البدائل التي تعمل على نهوضنا وتقدمنا من خلال استعمال&العقل العراقي الخلاّق ونعيـد اسم وطننا ونرفعه عاليا كما كان قبلا من غير نفـط بل بعقلٍ ناهض يعمل المستحيل لينتج ويرسم مستقبلنا على&أكمل وجه وأفضل حال&.