بدأت بطولة العالم لسباقات الفورمولا واحد بقيادة المالكين الجدد مجموعة "ليبرتي ميديا" الأميركية، خطوات للتصالح مع مواقع التواصل الاجتماعي، تشمل إجابة السائقين على أسئلة المتابعين مباشرة، أو بث لقطات حية للمهندسين والتقنيين من الحظائر.

 تختصر المجموعة التي استحوذت على حقوق البطولة في صفقة بلغت قيمتها ثمانية مليارات دولار، استراتيجيتها في أبرز مسابقات رياضات السرعة عالميا بمبدأي التحديث والشفافية، سعيا لإعادة الألق الى السباقات وتعزيز جاذبية الرياضة لاسيما لدى الجيل الشاب.
 
وترى المجموعة ان تعزيز حضور البطولة وسائقيها وفرقها على مواقع التواصل، سيكون الطريق الأمثل لاستقطاب جيل لم يشهد محطات محورية جعلت من هذه الرياضة إحدى أكثر المنافسات متابعة عالميا، كالمبارزة الثنائية الحادة بين البرازيلي إيرتون سينا والفرنسي ألان بروست خلال ثمانينات القرن الماضي، أو الهيمنة المطلقة للألماني ميكايل شوماخر نهاية التسعينات ومطلع القرن.
 
ويقول مدير التواصل في بطولة الفورمولا واحد نورمان هاول لوكالة فرانس برس "غيرنا القواعد لاننا نريد الاقتراب من مشجعي الرياضة"، مشيرا الى ان "السائقين والفرق هم أكثر من يثيرون اهتمام" هؤلاء.
 
وبعد أربعة عقود من عهد "العراب" بيرني ايكليستون الذي جعل من حقوق البث والنشر للبطولة أشبه وكالة حصرية تباع بمبالغ طائلة، بات المالكون الجدد الذين تولوا عمليا مقاليد البطولة بشكل رسمي منذ مطلع السنة الحالية، وأحالوا الثمانيني البريطاني الى منصب شرفي، أحرارا في التصرف بالطريقة التي يرونها مناسبة.
 
وكان ايكليستون خلال فترة امتلاكه الحقوق يحظر بث محتوياتها على الانترنت، أكان من السباقات أو حظائر الفرق ونشاطات السائقين.
 
الا ان العصر الأميركي فرض إيقاعه، اذ يشير هاول الى ان "الخطوط الحمر" للنشر باتت حاليا تقتصر على الحلبة نفسها، على أن يكون كل ما عداها قابلا للترويج له على مواقع التواصل.
 
- في الكواليس -
 
وبات في امكان الفرق والسائقين تصوير ما يجري من حولهم، على ان يحظر استخدام الهواتف الذكية أو الكاميرات الشخصية في المناطق "المباعة" لكاميرات النقل التلفزيوني حصرا، أي الحلبة.
 
وكان بطل العالم ثلاث مرات سائق مرسيدس البريطاني لويس هاميلتون الذي يستخدم مواقع التواصل بكثافة، من أوائل المطالبين بانفتاح البطولة على المنصات الالكترونية لتعزيز حضورها وجاذبيتها، وذلك في تصريحات أدلى بها في شباط/فبراير الماضي، وذلك قبيل انطلاق موسم 2017.
 
وخلال الأسابيع الماضية، باتت الفرق أكثر إقبالا على النمط الجديد، منها على سبيل المثال فريق فورس انديا الذي يلجأ الى عملية بث مباشر عبر مواقع التواصل مع سائقه الفرنسي استيبان أوكون، أو فريق رينو الذي يبث لقطات شاملة عن العمل الذي يقوم به.
 
وقال رئيس فريق ريد بول كريستيان هورنر ان "الانفتاح على القنوات الرقمية كان له مفعول فوري في تسليط الضوء أكثر فأكثر على شخصيات السائقين"، وذلك خلال مؤتمر صحافي على هامش جائزة البحرين الكبرى على حلبة صخير في وقت سابق من هذا الشهر.
 
أضاف ان "الأمر مرتبط بالطريقة التي يتابع فيها الناس وسائل الاعلام، لاسيما الاجتماعية والرقمية، وما يوفره ذلك من فرصة احتكاك مع السائقين والفرق خلال عطل نهاية الأسبوع التي تقام فيها السباقات، ورؤية ما يحصل في الكواليس".
 
وتابع "اذا تمكنا من جذب مشجعين اضافيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لنأمل في ان يقوم هؤلاء بتشغيل أجهزة التلفزيون لديهم أيام الآحاد لرؤية ما هي الجائزة الكبرى. لنأمل في ان تتيح الاستراتيجية الجديدة توفير المزيد من الموارد والعائدات لرياضتنا".
 
ويبدو استقطاب المتابعين والعائدات الاضافية هما رئيسيا لمالكي البطولة وحتى للفرق الصغيرة والكبيرة، اذ ان الرياضة فقدت خلال الأعوام الخمس الماضية ثلث عدد المتابعين والمشاهدين، كما باتت الفرق تبذل جهدا مضاعفا لجذب رعاة يعوضون نقص الايرادات.
 
وباتت بعض الفرق تفضل استخدام مواقع التواصل على حساب الوقت الذي تمنحه لوسائل الاعلام التقليدية، ومنها فريق فيراري.
 
وقال مدير الفريق الايطالي ماوريتسيو اريبافيني في تصريحات نهاية آذار/مارس، ردا على سؤال عن عدم تخصيص وقت كاف لوسائل الاعلام، "ماذا تعنون بوسائل الاعلام؟ اليوم تعريف وسائل الاعلام، بما يتعلق بالتواصل، هو واسع جدا".
 
اضاف "ثمة أيضا مواقع التواصل، والتي تستحوذ أيضا على جزء من تفكيرنا (...) نحن نغطي كل منصات التواصل".
 
الا ان سائق الفريق، بطل العالم اربع مرات الالماني سيباسيتيان فيتل، لم يخف قبيل جائزة الصين الكبرى التي أحرز لقبها في وقت سابق هذا الشهر، تخوفه من فائض "التغيير" في سباقات السرعة.
 
وقال "ربما أنا من الطراز القديم في جوانب عدة (...) لكن اعتقد ان بعض الأشياء لا يجب ان تتغير. أعتقد ان الكثير من التغيير هو خاطىء"، معتبرا انه "مرتاب بعض الشيء من التغيير لأجل التغيير".