احتفلت مدينة برشلونة بذكرى مرور 25 عاما على احتضانها دورة الألعاب الأولمبية عام 1992 وكانت بمثابة انطلاق العصر الذهبي للرياضة الإسبانية، وذلك وسط اجواء ملبدة بغيوم الانقسام في الصراع بين السلطة المركزية في مدريد والحكومة الانفصالية في كاتالونيا.

وظهر ملك اسبانيا فيليبي السادس والرئيس الاقليمي كارليس بويغديمون المصمم على تنظيم استفتاء في الأول من تشرين الأول/اكتوبر المقبل بشأن انفصال كاتالونيا عن مدريد والاعلان عن جمهورية كاتالونيا في حال كانت الأغلبية تريد هذا الأمر، جنبا الى جنب في الاحتفال بهذه الذكرى وتطرقا في كلمتيهما عدة مرات الى هذه الأزمة.
 
وأكد الملك باللغة الكاتالونية أن الألعاب الأولمبية كانت دليلا "على النجاحات الكبرى التي بإمكاننا تحقيقها عندما نعمل متحدين وفي الإتجاه ذاته".
 
وفي الكلمة التي سبقت كلمة الملك، أكد بويغديمون أن الألعاب الأولمبية أظهرت أن المجتمع الكاتالوني "اختار دائما التعددية والمبادىء التي ترتكز عليها: الاحترام، الحوار والاتفاق".
 
وحملت كلمتا الملك ورئيس اقليم كاتالونيا إشارات صامتة عن الصراع بين الانفصاليين والحكومة المركزية التي تؤكد أن الاستفتاء الذي أعتبره القضاء الاسباني غير دستوري، لن يجرى.
 
وخلال اولمبياد برشلونة قبل 25 عاما، برع الإسبان على أرضهم وحصدوا 22 ميدالية، بينها 13 ذهبية، وتلك كانت ولا تزال حتى الآن أفضل نتيجة لهم في الألعاب الصيفية.
 
وكان اولمبياد 1992 بمثابة بداية العصر الذهبي للرياضية الإسبانية إن كان على صعيد كرة القدم، كرة السلة، الدراجات الهوائية أو كرة المضرب...
 
وفي ظل اقامة الالعاب بالتزامن مع معرض اشبيلية العالمي واختيار مدريد العاصمة الثقافية لأوروبا، كان أولمبياد 1992 باب دخول اسبانيا الى الحداثة، بعد 17 عاما على انتهاء ديكتاتورية فرانشيسكو فرانكو (1939 -1975).
 
لكن الوضع الحالي بعيد كل بعد عن أجواء 1992، فالرياضة الاسبانية، كما حال السياسة، تعاني من فضائح الفساد وآخرها تلك التي طالت رئيس اتحاد كرة القدم انخل ماريا فيار الذي يواجه امكانية خسارة منصبه والسجن بسبب الرشاوى.
 
- غوارديولا رمز للهوية الكاتالونية -
 
حتى أن الحمى الانفصالية طالت عالم الرياضة، وأبرز مثال مدرب برشلونة السابق ومانشستر سيتي الانكليزي الحالي جوسيب غوارديولا، الفائز مع المنتخب الوطني بذهبية كرة القدم في اولمبياد 1992، إذ أنه من أشد "المتعصبين" لفكرة استقلال كاتالونيا عن الحكومة المركزية.
 
ويعتبر غوارديولا الذي دافع ايضا كلاعب عن الوان برشلونة، رمزا للهوية الكاتالونية وهو يدافع علنا عن إجراء استفتاء باتفاق مع مدريد.
 
ومنذ وقت طويل تطالب كاتالونيا المنطقة الغنية التي يسكنها 7,5 ملايين نسمة ولها لغتها وتقاليدها الخاصة، بحكم ذاتي أوسع.
 
ويسعى المسؤولون السياسيون المطالبون بالانفصال في المنطقة الواقعة شمال شرق اسبانيا منذ سنوات للحصول على موافقة الحكومة المركزية الاسبانية لاجراء تصويت كاستفتاء اسكتلندا عام 2014 على الانفصال عن بريطانيا والذي جاءت نتيجته الرفض.
 
وفيما ينقسم الكاتالونيون بشأن ذلك إذ يعارض 48,5% منهم الاستقلال مقابل 44,3% من المؤيدين بحسب آخر استطلاعات الرأي التي اجرتها حكومة الاقليم، يؤيد نحو ثلاثة ارباعهم اجراء الاستفتاء.
 
غير ان مساعي السلطات الكاتالونية لتنظيم استفتاء غالبا ما احبطت بحجة انه لا يتماشى مع الدستور ومن شأنه ان يهدد وحدة اسبانيا.
 
ونظمت كاتالونيا في 2014 تصويتا غير ملزم اثناء حكم الرئيس السابق ارتور ماس، اختار فيه اكثر من 80% من المشاركين في الاقتراع الاستقلال، علما بأن 2,3 مليونا فقط من أصل 6,3 ملايين ممن يحق لهم الاقتراع شاركوا في التصويت.
 
غير ان ماس، بتنظيمه الاستفتاء الرمزي، عارض المحكمة الدستورية التي كانت حظرت التصويت حتى لو كان غير ملزم.
 
وحوكم ماس في وقت لاحق ومنع من تولي الرئاسة لسنتين.
 
الا ان بويغديمون لا يزال يرغب في تنظيم الاستفتاء الذي يريده ان يكون ملزما هذه المرة، رغم ان مدريد تعهدت أن يكون صعبا كالمرة السابقة.
 
واعلن الائتلاف الحاكم في اوائل الشهر الحالي أن اقليم كاتالونيا سيعلن استقلاله "فورا" اذا صوتت غالبية من المقترعين لصالح ذلك.
 
وقالت غابرييلا سيرا عضو الائتلاف الانفصالي الذي يحكم كاتالونيا "اذا ايدت غالبية الاصوات اقامة جمهورية كاتالونيا، فلا بد من اعلان الاستقلال وفورا".
 
وجاءت تصريحات سيرا بعدما قدم الائتلاف مشروع قانون يهدف الى خروج المنطقة الواقعة شمال شرق اسبانيا من النظام القانوني للمملكة بهدف الالتفاف على المعوقات العملية والقانونية لتنظيم الاستفتاء.
 
وسيصوت البرلمان الاقليمي حيث يشكل الانفصاليون غالبية على المشروع في نهاية اب/اغسطس.
 
ورفضت المحكمة الدستورية قرارا للبرلمان الكاتالوني يطالب باجراء الاستفتاء وحذرت المسؤولين المنتخبين في الاقليم من عواقب قانونية في حال المضي باي خطوات في هذا الاتجاه.