رفعت الوكالة الدولية لمكافحة المنشطات "وادا" الخميس الإيقاف المفروض منذ ثلاثة أعوام على الوكالة الروسية "روسادا" على خلفية فضيحة التنشط الممنهج، ما قد يمهد لعودة الرياضيين الروس الى المنافسات الدولية تحت راية بلادهم، وسط انتقادات حادة.

وأخذت الوكالة الدولية في اجتماع للجنتها التنفيذية اليوم في جزر سيشل، بتوصية لجنة داخلية مستقلة منحت الأسبوع الماضي الضوء الأخضر لإعادة "روسادا" الى كنف "وادا"، في خطوة لاقت ترحيبا روسيا، بينما اعتبرها منتقدوها "ضربة مدمرة" للرياضيين "النظيفين".

وقال رئيس الوكالة الدولية كريغ ريدي بعد الاجتماع "اليوم، وافقت غالبية كبيرة من اللجنة التنفيذية على إعادة روسادا (...) تحت شروط قاسية".

وأوضح المسؤول الدولي أن هذا القرار "يوفر جدولا زمنيا واضحا يجب أن تمنح بموجبه +وادا+ حق النفاذ والكشف على المعطيات والعينات في مختبر موسكو السابق"، مشيرا الى أنه في حال عدم التزام الجانب الروسي بذلك، فإن الإيقاف سيعاد فرضه على الوكالة الروسية.

ولاقى القرار ترحيبا روسيا عبرت عنه نائبة رئيس الوزراء المكلفة شؤون الرياضة أولغا غولوديتس، والتي نقلت عنها وكالات الأنباء الروسية قولها &"نحيي هذا القرار من الوكالة الدولية لمكافحة المنشطات. في الأعوام الماضية، قمنا بعمل هائل في روسيا لتوفير ظروف شفافة وواضحة".

وأوضحت أن بلادها عاقبت ضالعين في قيام الرياضيين بتناول مواد ممنوعة، مشددة على التزام بلادها "مبادئ المنافسة الرياضية النظيفة".

الا أن الانتقادات للخطوة أتت من رأس هرم الوكالة الدولية ونائبة رئيسها النروجية ليندا هيليلاند المرشحة لرئاسة الوكالة عام 2019، والتي سبق لها الإعلان أنها ستصوت بعكس التوصية.

وفي تعليق على القرار، اعتبرت هيليلاند أنه "يلقي بظلال قاتمة على صدقية حركة مكافحة المنشطات (...) خاب أملي بالنيابة عن الرياضيين النظيفين وكل من يؤمن برياضة نظيفة".

أضافت "اليوم اتخذنا القرار الخاطئ".

وأوقفت الوكالة الدولية "روسادا" في تشرين الثاني/نوفمبر 2015 مع بدء تكشف فصول وجود نظام تنشط ممنهج للرياضيين الروس برعاية الدولة لاسيما في الفترة ما بين العامين 2011 و2015. وفي العام التالي، كشف تقرير للمحقق الكندي ريتشارد ماكلارين العديد من تفاصيل هذه الفضيحة التي هزت الرياضة عالميا، وحرمت الرياضيين الروس من المشاركة في منافسات عالمية تحت راية بلادهم.

والأسبوع الماضي، كشفت "وادا" أن لجنة داخلية أوصت برفع الإيقاف عن "روسادا"، على اعتبار أن الجانب الروسي أوفى بالشروط المحددة لإعادة الدمج، والتي شملت على وجه الخصوص فتح المجال أمام "وادا" للكشف على مختبر موسكو، وإقرار روسيا بشكل كامل بخلاصات تقرير ماكلارين.

وأوضحت اللجنة المستقلة أنها تلقت رسالة من وزارة الرياضة الروسية تقر فيها "بشكل كاف" بما جاء في تقرير ماكلارين، وتبدي استعدادها لمنح "وادا" حق النفاذ الى معطبات وعينات من مختبر موسكو عبر خبير مستقل.

وقوبل إعلان اللجنة المستقلة بانتقادات واسعة، منها من الوكالة الأميركية لمكافحة المنشطات التي اعتبر رئيسها ترافيس تايغارت أن "وادا" ستوجه ضربة قاسية الى معنويات الرياضيين "النظيفين" في حال أعادت روسيا.

- "ضربة مدمرة" -

وبعد الانتقادات بحق توصية اللجنة الداخلية، صدر العديد من الانتقادات للقرار الخميس، لاسيما من كنف "وادا" نفسها، اذ أعربت رئيسة لجنة الرياضيين في الوكالة المتزلجة الكندية بيكي سكوت عن "خيبة أمل عميقة".

أضافت أن القرار "ضربة قاسية جدا توجه لمصداقية المنظمة"، في إشارة الى "وادا"، وذلك في تصريحات لقناة "سي بي سي" الكندية.

أما رئيس الوكالة الأميركية تايغارت، فرأى أن القرار يمثل "ضربة مدمرة للرياضيين النظيفين في العالم"، مضيفا "في اجتماعها المحوري اليوم، بعثت +وادا+ برسالة واضحة الى العالم: نضع أمنيات مجموعة صغيرة من مسؤولي الرياضة فوق حقوق ملايين الرياضيين النظيفين وأحلام المليارات من مشجعي الرياضة".

وكان عدد كبير من الرياضيين قد وقعوا رسالة مشتركة هذا الأسبوع رفضا لرفع إيقاف الوكالة الروسية، اعتبروا فيها أن الوكالة الدولية لمكافحة المنشطات "تدين لكل الرياضيين النظيفين بأن تكون حارسة رياضة نظيفة".

أما مطلق الشرارة التي أدت الى كشف فضيحة التنشط الممنهج، المدير السابق لمختبر موسكو لكشف المنشطات غريغوري رودتشنكوف، فاعتبر هذا الأسبوع أن إعادة الوكالة الروسية ستكون "كارثة".

وفي تعليق على قرار الخميس، قال جيم والدن، محامي رودتشنكوف المقيم حاليا في الولايات المتحدة، أن الإجراء "يمثل أكبر عملية غدر بحق الرياضيين النظيفين في التاريخ الأولمبي".

وأدى إيقاف اللجنة الروسية الى منع الرياضيين الروس من المشاركة في المنافسات العالمية تحت راية بلادهم، لاسيما أولمبياد 2016 الصيفي في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية، وأولمبياد 2018 الشتوي في بيونغ تشانغ الكورية الجنوبية. وسمحت الأولمبية الدولية بمشاركة عدد من الرياضيين الروس الذين ثبتت "نظافتهم من المنشطات" في المنافسات، ولكن تحت راية محايدة ودون عزف نشيد بلادهم في حال فوزهم بميدالية ذهبية.

وفي تموز/يوليو الماضي، أبقى الاتحاد الدولي لألعاب القوى على إيقاف العدائين الروس (فرض منذ عام 2016)، مبقيا في الوقت نفسه المجال مفتوحا للنظيفين منهم بالمشاركة تحت راية محايدة. أما اللجنة الأولمبية الدولية، فرفعت الإيقاف عن اللجنة الروسية في شباط/فبراير الماضي.

وكانت اللجنة الأولمبية الدولية، لدى فرضها قرار الإيقاف على اللجنة الروسية في صيف 2016، قد تركت مسألة السماح للرياضيين الروس بالمشاركة في المنافسات من عدمها، الى الاتحادات الدولية المعنية.

ومع إعادة "روسادا" الى كنف الوكالة الدولية، تكون عقبة أساسية قد رفعت من طريق عودة الرياضيين الروس الى منافسات ألقاب القوى تحت راية بلادهم. ومن المتوقع ان ينظر الاتحاد الدولي للقوى في وضع روسيا خلال اجتماع مجلسه المقرر في موناكو في كانون الأول/ديسمبر المقبل.