عندما يعود لويس هاميلتون الى قمرة قيادة سيارة مرسيدس في بطولة العالم للفورمولا واحد السنة المقبلة، سيكون أمامه هدف واحد يختصر بكلمتين: ميكايل شوماخر. أنهى البريطاني عام 2018 بإحراز لقبه الخامس، ويبتعد بفارق لقبين عن الأسطورة الألمانية.

كان 2018 عامه، كما في 2008، 2014، 2015، و2017. بعد فوزه بـ11 سباقا من 21 في بطولة الموسم المنصرم، تساوى البريطاني في عدد الألقاب مع الأرجنتيني الراحل خوان مانويل فانجيو، واقترب من شوماخر.

أحرز الأخير آخر ألقابه عام 2004، وكان الخامس له مع فيراري. بعدها بثلاثة أعوام، دخل البريطاني (33 عاما حاليا)، المنافسات مطلقا رسالة تحذير من الموسم الأول: حل ثانيا في الترتيب العام النهائي بفارق نقطة فقط خلف الفنلندي كيمي رايكونن، متقدما زميله في ماكلارين وقتها الإسباني فرناندو ألونسو بطل العالم 2005 و2006.

لم يترك هاميلتون مجالا للمزاح. في العام التالي نال اللقب العالمي الذي أثبت أنه يستحقه، لتبدأ منذ ذلك حكاية باتت فصولها جلية للعلن.

يدخل هاميلتون بطولة العام المقبل وعقده مع مرسيدس يمتد حتى 2020، ما يعني عمليا فرصة مضمونة لمحاولة معادلة رقم شوماخر. يحاذر البريطاني التطرق بشكل مباشر الى رقم الحظ (7).

بعدما ضمن لقبه الخامس في ختام جائزة المكسيك الكبرى، قبل مرحلتين من النهاية، قال "من يدري ما اذا كنت سأحصل على فرصة لنيل (ألقاب) أكثر"، مضيفا "لكنني سأقدم كل ما أقدر عليه للقيام بذلك".

وأضاف "الانتصارات الـ91 (لشوماخر، رقم قياسي)، عدد كبير. ثمة طريق طويل الا أنني باقٍ لأعوام، وآمل في أن أتمكن على الأقل من الاقتراب".

على صعيد الاحصاءات الأساسية، لا يزال شوماخر متفوقا: الانتصارات في السباقات (91 مقابل 73 لهاميلتون)، الصعود الى منصة التتويج (155 مقابل 134)، والانتصارات في موسم واحد (13 مقابل 11).

لكن البريطاني يتفوق في الانطلاق من المركز الأول (83 مقابل 68).

- معادلة الرقم "أمر ممكن" -

لعل هاميلتون ليس الأكثر شعبية بين سائقي الفئة الأولى. قد يبدو متعجرفا، شديد الفخر بنفسه، وكثير الاهتمام بحياته الاجتماعية وصخبها خارج الحلبات. لكن ما أن يجلس خلف مقود "السهم الفضي"، حتى يصبح على الاسفلت أحد أكثر السائقين فتكا في تاريخ الرياضة. منافس لا يرحم، لا يستسلم، يتمتع برؤية ثاقبة وقدرة على استخراج أفضل ما في سيارته.

باختصار، هو حاليا الأسرع في رياضة لا تعرف للسرعة حدودا.

في تقرير لها عن هاميلتون في تشرين الثاني/نوفمبر، اعتبرت شبكة "سكاي سبورتس" الإنكليزية أنه "لا يمكن النظر الى الألقاب السبعة لميكايل شوماخر حاليا، من دون التفكير بأن معادلتها باتت أمرا ممكنا".

ورأت أن هاميلتون "هو في المرحلة نفسها من مسيرته مثل شوماخر، في الثالثة والثلاثين وفي موسمه الثاني عشر في البطولة، وهي الفترة التي أحرز فيها شوماخر لقب بطولة العالم للمرة الخامسة عام 2002".

لم يحقق هاميلتون إنجازاته بمفرده، بل بمعية "وحش" فضي هو سيارة مرسيدس، كما وصفها في الموسم المنصرم قبل تتويجه باللقب.

فرض الفريق سيطرته على البطولة في الأعوام الخمسة الأخيرة، محققا في كل منها ثنائية السائقين والصانعين، متقدما على منافسين رئيسيين هما فيراري وريد بول. ومع عدم دخول القواعد الجديدة حيز التنفيذ قبل 2021، يتوقع أن يبقى مرسيدس بإدارة النمسوي توتو وولف، في موقع الأفضلية.

في مقابلة هذا الشهر مع صحيفة "بيلد" الألمانية، اعتبر وولف أن النجاح الحالي للفريق يعود الى شوماخر نفسه، الذي قاد لصالح الفريق بين 2010 و2012، بعدما كان قد اعتزل السباقات نهاية موسم 2006.

تحدث وولف بعاطفة عن السائق الغائب عن الحيز العام منذ تعرضه لحادث تزلج خطر عام 2013، وسط تكتم من عائلته حول وضعه.

وقال "ميكايل حاضر دائما في حياتي الخاصة وفي مرسيدس. بالنسبة إلي، هو أبرز سائق على مر العصور (...) نفتقده كثيرا كمستشار ومعلم"، مضيفا "هو من الآباء المؤسسين للنجاح الراهن لمرسيدس".

- فيتل يبحث عن عودة أقوى -

وردا على سؤال عما اذا كان مرسيدس (وتاليا هاميلتون)، قادرا على تكرار هيمنة شوماخر وفيراري على البطولة (خمسة ألقاب متتالية بين 2000 و2004)، قال وولف "المقارنة صعبة"، معتبرا أن ما حققه شوماخر وفيراري "كان مذهلا، كانا ناجحين بشكل كبير! (...) لكن علينا الآن أن نبقى على تواضعنا. المنافسون سيقومون بالمزيد للتفوق علينا".

لم تكن مرسيدس في 2018 السيارة الأسرع دائما. في النصف الأول، بدا الألماني سيباستيان فيتل سائق فيراري وبطل العالم أربع مرات (بين 2010 و2013 مع ريد بول)، قادرا على تحقيق لقب خامس أيضا، لاسيما بعد فوزه بالسباقين الأولين وانتظار هاميلتون حتى المرحلة الرابعة لتحقيق فوز.

الا أن البريطاني كان الأفضل دون منازع في النصف الثاني من الموسم، وفاز بثمانية سباقات من آخر 11 مرحلة، مقابل فوز واحد فقط لفيتل.

عانت فيراري من أخطاء على مستوى استراتيجية السباقات وتعديلات لم تلائم السيارة، أضيفت إليها أخطاء قيادة وتسرع من فيتل (31 عاما) الذي أقر بتحمله مسؤوليتها وضرورة مراجعتها للعام المقبل.

وأكد فيتل "أعرف ما يجب علي القيام به. بالتأكيد، في مراحل أو أخرى (...) لم أكن في قمة أدائي. علي أن أنظر الى نفسي بالدرجة الأولى".

أضاف "تعلمنا دروسا عدة، كانت سنة (2018) صعبة إجمالا. أعتقد أن الفريق قوي ولديه إمكانات (...) علينا النظر الى كل تفصيل وضمان العودة كمجموعة أقوى والبناء بشكل أقوى للسنة المقبلة والمستقبل".

وستشهد البطولة تغييرات على صعيد فرق السائقين للموسم المقبل، بينما كان أبرز مودعيها الإسباني ألونسو الذي أكد غيابه عن السباقات الموسم المقبل، من دون أن يغلق بشكل نهائي باب العودة المحتملة لاحقا.