اثارت الخسارة التاريخية التي تكبدتها جنوب افريقيا أمام مصر في سباقهما لخلافة الكاميرون على استضافة كأس أمم أفريقيا 2019 جدلاً واسعاً في وسائل الإعلام الأفريقية التي استغربت الفارق الشاسع بين البلدين .

وفازت مصر بشرف استضافة البطولة القارية بعدما حازت على 16 صوتاً مقابل صوت واحد لجنوب أفريقيا من اصل 20 صوتاً يمثلون المكتب التنفيذي للاتحاد الأفريقي لكرة القدم، بعدما امتنع عضوان عن التصويت ، فيما غاب عضو عن الاجتماع.

ولم تكن خسارة جنوب أفريقيا لاستضافة البطولة ستثير جدلاً واسعاً، لولا الفارق الشاسع الذي بلغ 15 صوتاً وذلك بالنظر إلى وزنها في القارة السمراء ، حيث تتمتع بتأثير قوي على مختلف الاصعدة جعلها تستفيد منه في تنظيم كأس العالم 2010 فضلا عن تواجد رئيس اتحادها داني جوردان داخل الاتحاد الأفريقي بصفته احد اعضاء المكتب التنفيذي وصاحب الصوت الوحيد الذي حصلت عليه خلال عملية الانتخاب لاختيار مستضيف بطولة 2019.

وقبل يومين من إجراء عملية التصويت، شهدت العاصمة السنغالية داكار حضور وفد كبير لجنوب أفريقيا &يبلغ 30 عضواً يقوده داني جوردان ويضم في صفوفه عددا هاما من المسؤولين عن الكرة في البلاد.

هذا وعقد اعضاء الوفد الجنوب الأفريقي اجتماعات مع كافة المسؤولين في الاتحاد القاري لاقناعهم بالتصويت لملف "البافانا بافانا" ، إلا انه بالرغم من ذلك مني بخسارة تاريخية لم يكن احد يتوقعها خاصة ان منافستها مصر تمر منذ اعوام بظروف أمنية وسياسية خاصة لم تكن لتعزز فرصتها في الفوز بالتنظيم للمرة الخامسة في تاريخ البطولة القارية.

وكان المتابعون قد رشحوا جنوب أفريقيا للفوز بالاستضافة خاصة بعد رفض المغرب التقدم لخلافة الكاميرون في احتضان العرس الأفريقي.

وتتمتع جنوب افريقيا ببنية تحتية حديثة وصلبة بالإضافة إلى استقرارها سياسياً و تنظيمها الجيد لكأس العالم 2010 ، في وقت ان ترشيح مصر لاستضافة البطولة قد فاجأ&العديد من المتابعين على اعتبار ان مسابقاتها المحلية تشهد عزوفاً جماهيراً في المدرجات.

هذا وتساءل اغلب المتابعين عن كيفية خسارة جنوب أفريقيا لاستضافة البطولة القارية بفارق شاسع امام مصر ، خاصة انها اكتسحتها في عام 2004 وفازت بتنظيم كأس العالم 2010.

واقر داني جوردان بخسارة بلاده لهذه المواجهة ، مبرراً ذلك بالعامل السياسي الذي كان له تأثير كبير على نتائج التصويت لصالح مصر بعدما لمس من اعضاء المكتب التنفيذي قلة الدعم الحكومي لجنوب افريقيا في ترشحها للاستضافة، في وقت ان الحكومة المصرية وقفت بالكامل خلف ملفها، لدرجة ان العديد من التقارير الإعلامية قد أكد&بأن رئيس الاتحاد القاري الملغاشي احمد احمد تلقى اتصالاً من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عبر خلاله&عن رغبته في استضافة مصر للبطولة و هو ما جعل مسؤولي الاتحاد القاري يشعرون بوجود دعم سياسي قوي لاحتضان البطولة، مما يعزز من فرص نجاحها ، كون الحكومة تراهن على البطولة للترويج بعودة الأمن للشارع المصري .

وفي المقابل، فإن الاتحاد الأفريقي لم يسلم من اتهامات وسائل الإعلام بإنحيازه للملف المصري ، مصنفين التصويت شبه الجماعي لملف مصر بالانتقام من جنوب افريقيا جراء تصويتها ضد ملف المغرب لاحتضان كأس العالم 2026 ، لأن جنوب افريقيا صوتت لصالح الملف المشترك لكل من الولايات المتحدة الأميركية وكندا والمكسيك في موقف مخالف لموقف الاتحاد القاري الذي طالب الاتحادات الافريقية بدعم ملف المغرب 2026.

وبحسب تلك التقارير، فإن للمغرب و رئيس اتحاده فوزي لقجع دوراً هاماً في خسارة جنوب افريقيا لتنظيم كأس أمم افريقيا في ظل العلاقات السياسية الفاترة بين البلدين بعد تصويت جنوب افريقيا ضد الملف المغربي ، حيث استغل المغرب ثقله لدى الاتحاد القاري وتأثيره على رئيسه احمد أحمد المقيم في المغرب وتواجد لقجع في تنفيذية الاتحاد القاري ليشكل تحالفاً مع زميله هاني ابو ريده رئيس الاتحاد المصري ، مما جعل ملف الأخير يكسب الرهان.

وتعززت القناعات بوجود حالة إنحياز من قبل الاتحاد الأفريقي للملف المصري بعدما عمد إلى تغيير تاريخ إجراء عملية التصويت التي كان مقررا لها في التاسع من شهر يناير قبل ان يفاجئ رئيسه احمد الجميع و يقدم الموعد إلى الثامن من ذات الشهر ، وهو ما اثار حفيظة مسؤولي جنوب افريقيا الذين شككوا في وجود تنسيق مسبق مع مصر .

كما اشتكت جنوب افريقيا من رفض الاتحاد الأفريقي الرد على مراسلاتها الخاصة بدفتر الشروط لاستضافة البطولة، فضلا عن ضرورة قيام وفد من الاتحاد القاري بزيارة تفقدية لجنوب افريقيا و هو ما لم يحدث ، مما جعل الموقف محسوماً باختيار مصر لخلافة الكاميرون مباشرة بعد إعلان الاتحاد المصري ترشحه رسمياً لتنظيم البطولة والقبول بملف جنوب افريقيا شكلياً بغرض الحفاظ على مصداقية اتحاد اللعبة.