كان سونغ يونغيي المولود عام&1949&مراهقا لما شارك في&"الثورة الثقافية"&الصينية التي أطلقها ماوتسي تونغ في الستينات من القرن الماضي بهدف"ترسيخ المبادئ الماركيّة-اللينينية&".&وفي عام&1970، حُكم عليه بالسجن لمدة ستة أعوام بسبب إنشائه لجمعيّة كانت تروّج الأدبيات الممنوعة.و في عام&1989، تمكن من الحصول على تأشيرة دخول الى الولايات المتحدة ليصبح بعدها أستاذا في التاريخ متخصّصا في الثورة الثقافية الصينية في إحدى جامعات كاليفورنيا.وعند عودته الى بلاده عام&1999&ضمن بعثة دراسيّة، اعتقل من جديد، ولم يطلق سراحه إلاّ تحت ضغوط أجنبية&

وفي كتابه&"مجازر الثورة الثقافية الصينية&"، هو يفضح جوانب أخرى من الثورة المذكورة التي ذهب ضحيّتها الملايين من الصينيين بينهم شخصيّات مرموقة، وكوادر حزبية، وأساتذة وطلبة ومثقفون، وأطباء، ومهندسون، وعمال ،وفلاحون....ومتحدثا عن الثورة الثقافية يقول سونغ يونغيي بإنه صحيح أن هناك وجوها جديدة في القيادة الصينية، سواء على مستوى الحزب،أم على مستوى الدولة، غير أن النظام ظلّ نفس النظام الذي أسّسه ماوتسي تونغ.ومن المؤكّد أنه تمّ الحديث عن مساوئ الثورة المذكورة بعد موت باعثها مثلما حدث عام&1981.&فقد تمكّن دينغ سياو بينغ من استصدار وثيقة رسميّة تدين ما حدث خلالها من تجاوزات، ومن أفعال شنيعة، إلاّ أن تلك الإدانة لا تعني شيئا آخر غير دعوة الشعب الصيني الى نسيان كلّ ذلك.&وفي تلك الوثيقة ،قال دينغ سياو بينغ:”بماذا يمكن أن نحتفظ من الثورة الثقافية، وهل فيها ما يمكن أن ينفعنا؟ وإذا ما نحن كنّا راغبين في أن يظلّ الحزب الشيوعي المسيّر للبلاد، فإنه يتحتّم علينا أن نبقي المسائل التاريخيّة للأجيال المقبلة.أمّا إذا ما كانت رغبتنا تكمن في تغيير النظام ، فإنه يتوجّب علينا عندئذ أن نضع النظام موضع سؤال حتى ولو أدّى الأمر إلى بثّ الفوضى داخل الحزب،وفي عموم البلاد

وبحسب سونغ يونغيي ،فإنه واضح من هذا الكلام أن دينغ سياو بينغ يريد أن يوحي للشعب الصيني أن كشف حقائق الثورة الثقافية يمكن أن يؤدّي بالناس الى فقدان ثقتهم في الحزب الشيوعي، وفي قدرته على قيادة البلاد.&وفي كتابه هو يقدم أدلّة دامغة تثبت تورّط الحزب الشيوعي في المجازر الرهيبة التي اقترفت خلال تلك الثورة&.وهو يقول:”لا يزال النظام الصيني يواصل محاولاته لإخفاء الحقائق التاريخية المتّصلة بالثورة الثقافية مردّدا بأن المجازر والتّجاوزات التي حدثت خلالها كانت من عمل من كانوا يسمّون في تلك الفترة ب"الحرس الأحمر&"، والمنافسين لهم والذين كانوا يسمّون ب"المتمرّدين"،وهم في أغلبيّتهم طلبة ومثقفون ينحدرون من الطبقات الشعبيّة.وهذا لا يعني شيئا آخر غير إدانة المتلقّين للأوامر،وليس المصدرين لها.وفي الحقيقة كان جهاز الدولة برمّته هو المسؤول عمّا حدث.وما كان ليحدث شيء لولا الدعاية ،ولولا الشعارات التي كانت تطلق كلّ يوم مثل:"علينا أن نكون أشدّ حمرة من اللّون الأحمر"،و"علينا أن نقتل المحافظين والرجعييّن وأعداء الثورة".وقد كان الزعماء والقادة السياسيون يشجّعون الحرس الأحمر، والموظفين في أجهزة الدولة على أن يتحولوا الى قتلة بالمعنى الحقيقي للكلمة.والآن بات واضحا أن الحقبة الأشدّ قتامة وسوادا في الثورة الثقافية لم تكن&1966،أي عندما أصبح التلاميذ ضمن فيالق&"الحرس الأحمر"،وراحوا يهاجمون نظاما سياسيا مشلولا ،ولا في ما بعد عندما اشتدّت الصّراعات بين أجنحة من كانوا يسمون ب"المتمردين"&،وإنما بين عامي&1967&و1969&عندما سيطر الجهاز السياسي&-العسكري على وضع كان قد أصبح فوضويا.ففي هذه الحقبة حدثت أسوأ المجازر في أقاليم مثل&"داو"&،و"هونان"&و"منغوليا الداخليّة".وكان الهدف من تلك المجازر القضاء على أهالي تلك الأقاليم.&وبحسب الإحصائيّات الداخليّة التي قام بها الحزب الشيوعي ،فإن مقترفي تلك المجازر كانوا في غالبيتهم عسكريين، وميليشيّات مسلّحة، وكوادر حزبيّة من مستوى رفيع".ويضيف سونغ يونغيي قائلا:&بإن ه بعد النداء الذي أطلقه ماوتسي تونغ عام&1966،نزل أبناء القادة الحزبيون الى الشوارع ليكونوا من الحرس الأحمر.ومنذ البداية وجّهوا سهامهم الى المثقفين ،والموظفين الكبار، والشخصيّات المرموقة المتّهمين بمعاداة ماوتسي تونغ.ومن دون أيّ تردّد، قتل هؤلاء الصّبية أساتذتهم، وشخصيات متهمة بأنها معادية للثورة.وكان سونغ يونغيي في السادسة عشرة من عمره لمّا التحق بالحرس الأحمر.وكان ايمانه بماوتسي تونغ مطلقا.&ومثل الآخرين الذين كانوا معه ،كان يعتقد أنه لا بدّ من القضاء على الأعداء الطبقيين ،وعلى أعداء الحزب الشيوعي&.وعلى هذا النحو تربى وتربى الكثيرون من أبناء جيله&.وكانت نظرية الصراع الطبقي هي التي تقودهم ا جميعا&.وعندما يتذكر الآن ما كان يحدث ،يخيّل له أنه كان مجنونا، ولو لم يكن كذلك لما قبل المشاركة في المجازر التي حدثت.