منذ تأسيس النظام الِإيراني، فإن هذا النظام ومن خلال نهجه المتبع على أساس نظریة ولاية الفقيه، قد تجاوز الحدود المألوفة على الاصعدة الداخلية والاقليمية والدولية، لا سيما أن ما ارتکبه داخلياً من انتهاکات فظيعة بحق مختلف شرائح الشعب الإيراني والمرأة بشکل خاص، وکذلك تدخلاته السافرة في بلدان المنطقة وتأسيسه أحزاباً وميليشيات تابعة له وتعمل في وضح النهار لصالحه، ناهيك عن قيامه بالتدخل في المناطق المتوترة في العالم وإثارته للحروب في المنطقة، قد جعل منه نظاماً لا يطاق، وصار موضوع مساءلته مطلباً مطروحاً يفرض نفسه بقوة.

ما جاء في بيان المملکة المتحدة والذي ألقته ريتا فرينش السفير العالمي لحقوق الإنسان ونائب الممثل الدائم لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى في جنيف بشأن الحوار التفاعلي مع المقرر الخاص المعني بإيران، والداعي "لتحقيق العدالة للشعب الإيراني، ووضع حد للانتهاكات ومن إنه قد حان وقت المساءلة"؛ هذه الدعوة مع أهميتها، لکنها في نفس الوقت تلفت النظر لکونها دعوة قد تأخرت ليس کثيراً فقط بل وحتى أکثر من اللازم، لا سيما أنَّ الصمت الدولي وتجاهل ما قام ويقوم به هذا النظام من تجاوزات ليس بحق شعبه فقط وإنما بحق شعوب المنطقة وحتى بحق الانسانية ذاتها، خصوصاً إذا ما أخذنا مجزرة السجناء السياسيين التي ارتکبها بحق آلاف السجناء السياسيين في صيف 1988، بنظر الاعتبار، فإنَّ تأخر هذه الدعوة وحتى عدم المبادرة بتفعيلها وجعلها أمراً واقعاً، مسألة تدعو بنفسها إلى طرح أکثر من علامة استفهام وتعجب!

إقرأ أيضاً: لماذا صمت النظام الإيراني عن انتقام باكستان؟

السفيرة فرينش قالت وهي تخاطب المقرر الخاص، إنه بالرغم من وضوح تقريره، فإنه وضع حقوق الإنسان في إيران لا يزال مروعاً ويزداد سوءاً. في العام الماضي، أعدمت السلطات الإيرانية أكثر من 800 شخص. وتتعرض النساء للاضطهاد، ويتم قمع أصواتهن بالقوة. والمساحة المدنية تتقلص، ويتم استهداف المدافعين عن حقوق الإنسان. وأضافت: ويساورنا القلق بشكل خاص إزاء التمييز والانتهاكات ضد الأشخاص المنتمين إلى الأقليات. وشكل الأكراد والبلوش عدداً غير متناسب للغاية من الذين تم إعدامهم في عام 2023.

واستطردت قائلة: "ويواجه البهائيون والمسيحيون والمسلمون السنة تمييزاً يومياً، سواء في الحصول على التعليم أو الوظائف أو أماكن العبادة. علاوة على ذلك، يتعرض البهائيون للاعتقال التعسفي، ويجبرون على ترك أراضيهم ويحرمون من حقوق الدفن". کل ما ذکرته فرينش جانب من الحقائق الملموسة في الواقع الإيراني المر، وإماطة للثام عن کل الجوانب الأخرى، حيث الصورة أکثر قتامة، حتى إن النظام يخرج عن المألوف تماماً فيما يخص بدوره ونشاطاته وتحرکاته بمختلف الاتجاهات.

إقرأ أيضاً: كيف يمول المجلس آلة الحرب التابعة للنظام الإيراني؟

جدير بالذكر أنَّه على مر الأعوام المنصرمة، أثارت زعيمة المعارضة الإيرانية مريم رجوي وتثير الکثير من الحقائق الدامغة عن التجاوزات والانتهاکات السافرة للنظام الإيراني على مختلف الأصعدة. لذلك، من الضروري اتخاذ إجراءات دولية حاسمة إزاء ذلك، لأنَّ مرور الزمان قد أثبت ويثبت بأن ما أثارته وتثيره رجوي حقائق ثابتة وعلى درجة کبيرة من الثقة والمصداقية.

وقت مساءلة النظام الإيراني لم يحن فقط کما قالت فرينش، بل وحتى إنه قد مضى عليه الکثير من الوقت، ومرور هذا الوقت لو تمعنا فيه ملياً، نجد أنه کان ولا يزال يصبّ في خدمة وصالح النظام الإيراني، وتفعيل المساءلة على أرض الواقع أمر يخدم ليس الشعب الإيراني وحده وشعوب وبلدان المنطقة والعالم فقط، بل ويخدم السلام والأمن والاستقرار أيضاً.