يكشف واحد من كبار مستشاري القوات الأميركية في العراق سابقًا عن السبب الحقيقي الذي دفع إدارة بلاده إلى اتخاذ حرب غزو العراق وهو ما يتوقع أن يصيب الأميركيين بدهشة والمحافظين الجدد بالغضب.

إيلاف: غاري فوغلر مدير شركة هاوتزر للاستشارات كان واحدًا من كبار المستشارين النفطيين للقوات الأميركية في العراق للفترة بين 2006 و2011، كما عمل قبل ذلك مستشارًا لسلطة الائتلاف الموقتة ولوزارة الدفاع الأميركية وللكويت وبغداد.

فوغلر كان كذلك ضابطًا سابقًا في الجيش الأميركي، وشغل مناصب إدارية في شركة إيكسون موبايل وشركات أخرى على مدى عقدين.

اليوم أصدر الخبير النفطي كتابًا حمل عنوان "العراق والسياسات النفطية: وجهة نظر من الداخل"، ويروي فيه مجمل التجارب التي مر بها في العراق الذي ظل يتردد عليه بين 2003 و2015 للعمل على إعادة بناء قطاع النفط العراقي. 

صراع نفطي
شرح الكاتب في 318 صفحة الأسباب التي يعتقد أنها مثلت الدوافع الحقيقية وراء قيام الولايات المتحدة بالاجتياح، ويوضح الكيفية التي سارت بها مجريات الأحداث ابتداء من الفترة التي سبقت الحرب في عام 2003 وحتى عام 2011.

يسرد عبر كل ذلك تفاصيل أمور جرت خلف الكواليس، ومنها صراع على السلطة بشأن دور الحكومة الأميركية وقوى التحالف الدولي في المجال النفطي، كما يشرح القرارات التي اتخذت خلال الحرب لجعل النفط يتدفق قبل أشهر من الموعد المقرر، ويشمل ذلك إصلاح مصفاة بيجي، التي تقع في منطقة سنية في عام 2006، وهو عام شهد تصاعدًا في أعمال العنف في البلاد.

ولكون فوغلر من المعنيين بالنفط، سمح له ذلك بأن يكون مطّلعًا على قرارات اتخذت خلال الأشهر القليلة الأولى بعد الحرب في مجال الصناعة النفطية، حيث يشرح الكيفية التي قامت بها قوات التحالف بضمان تشغيل القطاع النفطي في مختلف أرجاء العراق بالمشاركة مع عراقيين في وزارة النفط وعلى مدى تسع سنوات تقريبًا. 

خطة الجلبي
عبّر الخبير النفطي في العديد من فصول الكتاب عن وجهة نظر فريدة من نوعها تتعلق بأجندة خاصة بالنفط، مع إعطاء أدلة ذات صدقية عن سبب آخر محتمل، ربما كان وراء جرّ واشنطن وقوات التحالف إلى الحرب في العراق، وهو سبب منفصل عن قضية أسلحة الدمار الشامل. فهو يقول إن أجندة نفطية تتعلق بدول أخرى، عدا الولايات المتحدة، ربما تكون هي السبب وراء الاجتياح.

يقول الكاتب إنه وبحلول عام 2014 أصبح مقتنعًا تمامًا بأن اجتياح العراق جاء إلى حد بعيد بناء على خطة وضعها أحمد الجلبي، رئيس المؤتمر الوطني العراقي، بالاتفاق مع مجموعة من صانعي السياسة الأميركيين، من المحافظين الجدد في إدارة الرئيس بوش. 

هدف الخطة كان إعادة فتح أنبوب النفط، الذي كان يمتد من كركوك إلى حيفا في إسرائيل، والذي أغلق عند إنشاء دولة إسرائيل في عام 1948، وهو ما من شأنه أن يزوّدها بمصدر مهم للنفط وبمكاسب كبيرة بفضل الترانزيت. 

لكن الكاتب يلاحظ أن هذه الخطة لم يتم تنفيذها في النهاية، ويعتقد أن التفسير الأرجح لذلك هو أن البيت الأبيض اعتبر الأمر جانبيًا.

غضب المحافظين آتٍ
كان فوغلر واحدًا من الأشخاص الذين كانوا ينفون أن حرب العراق وقعت وفق أجندة لها علاقة بالنفط. ويبدو أن كتابه هذا جاء لإصلاح هذا الأمر، وهو يشرح في كتابه هذا تفاصيل أضخم مناقصات حقول نفطية عرفها التاريخ الدولي للصناعة النفطية حتى اليوم.

بالاختصار يكشف فوغلر في كتابه هذا سرّ الأجندة النفطية، التي دفعت الولايات المتحدة إلى شنّ حرب في الشرق الأوسط. ويرى نقاد أن ما يرويه في هذا الكتاب سيصيب العديد من الأميركيين بالدهشة وبالغضب من المحافظين الجدد، لأنه يكشف حقيقة ما حدث وأسباب ما حدث في عام 2003، ليغيّر بذلك ما يعرفه العالم بشكل عام عمّا ذهبت الولايات المتحدة تفعله في بلد بعيد اسمه العراق.

 
أعدت "إيلاف" هذا التقرير نقلًا عن "كانساس برس". الأصل منشور على الرابط
https://kansaspress.ku.edu/978-0-7006-2506-2.html