مراكش : أكدت أشغال المؤتمر السابع لـ"حوارات أطلسية"، الذي يتواصل بمراكش تحت شعار "ديناميات أطلسية: تجاوز نقاط القطيعة"، أن أشياء كثيرة في عالم اليوم تحتاج إلى حوار صريح وتفكير عميق يحاكم السياسات ويستشرف المستقبل ببعد نظر وحكمة.
ويمكن القول إن جلسات "النزعة الشعبوية وسياسات ما بعد الحقيقة، الاستياء المناهض للعولمة" و"توجهات ديمغرافية متناقضة بين الشمال والجنوب: كيف يمكن لإفريقيا تحقيق عائد ديموغرافي؟"، و"التجارة الأطلسية، منظمة التجارة العالمية في مواجهة تصاعد النزعة الحمائية"، نقلت لجانب مهم من التحولات التي يعيشها عالم، اليوم، على أكثر من صعيد.
&
قلق أولبرايت

في جلسة "النزعة الشعبوية وسياسات ما بعد الحقيقة، الاستياء المناهض للعولمة" شددت مادلين أولبرايت،وزيرة خارجية اميركا، على أن "العولمة هي سلاح ذو حدين، لا نستطيع تعريفه بوضوح كما لا يمكننا الإحاطة بمختلف أوجهه". قبل أن تعبر عن قلقها ازاء السياسة الخارجية لدونالد ترامب ، حيث قالت: "كيف يمكن لدولة كالولايات المتحدة أن تتراجع وتترك هذا الفضاء على النطاق الدولي، والذي سيتم ملؤه بالتأكيد من قبل دول أخرى".&
واضافت " على الولايات المتحدة أن تلعب دوراً في هذا الاتجاه، وألا تتموقع كدركي على العالم. يجب إيجاد توازن بين موقف الانسحاب السلبي وموقع الدركي".
&
أفريقيا والعولمة

تحدث بيدرو بيريس الرئيس السابق لجمهورية الرأس الأخضر، في ذات الجلسة، بلسان أفريقيا، مشيرا إلى أنه في الوقت الذي استفادت فيه كثير من الدول من العولمة، فإن افريقيا كانت أكبر خاسر. وزاد موضحاً وجهة نظره: "العولمة ظاهرة لا رجعة فيها، يجب التعامل معها بدل تجنبها. على أفريقيا، أكثر من أي وقت مضى، استغلال الفرصة والانخراط أكثر في النقاشات ووضع القرارات داخل الفضاء الأطلسي، ولا سيما عبر تطوير علاقاتها مع أميركا اللاتينية".
&
توازن

قبل أولبرايت وبيريس، تحدث محسن جزولي الوزير المنتدب المغربي لدى وزير الخارجية والتعاون الدولي المكلف التعاون الأفريقي، عن مسألة التوازن بين شمال وجنوب الأطلسي، حيث قال: "من الناحية التاريخية، تم بناء هذا الفضاء الجيو سياسي حول مركز ثقل موجود في الشمال، بينما لم يكن الجنوب لاعباً رئيسياً ولا قوة اقتراحية فعالة".
وشدد جزولي على القول ان "أفريقيا هي قارة تشهد تقدماً مهماً وتحولات هيكلية فيما يتعلق بالحكم الرشيد والبناء الديمقراطي. كما أن الاقتصاديات التي تسجل أسرع معدلات النمو في العالم هي أفريقية".
&
الهجرة ليست حلا

في جلسة "توجهات ديمغرافية متناقضة بين الشمال والجنوب: كيف يمكن لإفريقيا تحقيق عائد ديموغرافي؟"، ركز المتدخلون على الشيخوخة التي صارت تميز الشمال في مقابل النمو الديمغرافي الكبير الذي تعرفه القارة الأفريقية.
وأكد المتدخلون أن "الاقتصاديات الأفريقية لا تنمو بسرعة كافية لتلبية احتياجات السكان"، وأن "الوقت قد حان للاستثمار في التعليم والبنية التحتية والفلاحة، للإعداد لهذا الانفجار الديموغرافي الذي يحمل في طياته العديد من الفرص الاجتماعية والاقتصادية".
ورأى المشاركون أن التفاوت بين الشمال والجنوب، فيما يخص النمو الديموغرافي "أدى إلى إثارة قضية الهجرة الشائكة، التي يتوقع لها أن تتسارع على ضوء العجز الذي تعاني منه القارة السمراء".
وذهبت وجهات نظر المشاركين في هذه الجلسة إلى أن "الهجرة ليست حلاً"، من منطلق أنه "يمكن لأفريقيا أن تكون أرض نماء وتطور، تضمن للأفارقة عيشا كريما، شريطة وضع سياسات عمومية فعالة".
&
تشكيك

اتفق المشاركون في جلسة "التجارة الأطلسية، منظمة التجارة العالمية في مواجهة تصاعد النزعة الحمائية"، على أن السياسة الحمائية أضحت تشكل تهديدا للتجارة الأطلسية، مشيرين، في هذا الصدد، إلى الصراع الأميركي - الصيني. لذلك ذهبوا إلى أن كل تشكيك في اتفاقيات التجارة الحرة يشكل تهديداً لمنظمة التجارة العالمية، الشيء الذي يتطلب من وجهة نظرهم إصلاحا لهذه المنظمة وإعادة تحديد لآليات اشتغالها.
&
أهداف

يشار إلى أن الدورة السابعة للمؤتمر العالمي "حوارات أطلسية"، تتميز بحضور 350 مشاركا من 90 دولة. وهو يسعى، منذ إطلاقه في 2012، إلى "إخراج منطقة جنوب الأطلسي من عزلتها على مستوى النقاش الجيو - سياسي العالمي"، حيث يتقدم، حسب منظميه، بــ"مقترح متميز ومن دون عقد لحوار على قدم المساواة، يعالج القضايا الحقيقية بصراحة في إطار نقاش ينبني على الحقائق". وفضلاً عن جانب التشخيص، تهدف "حوارات أطلسية" إلى "بلورة خطاب آخر وبوادر حلول"، وذلك "عبر مقارنة وجهات نظر مختلف المشاركين المتدخلين من الشمال ومن الجنوب". ويؤكد المنظمون أن هدف "الحوارات المتجذرة في المغرب، البلد الذي يقع على المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط، هو تطوير ثقافة التميز الأفريقي، وروح الانفتاح والتنوع الكبير".